الرئيسية / قصة وسرد / مكرر بكامل يقيني..

مكرر بكامل يقيني..

مبروكة علي/ تونس

 

مرةً قرأت…
أن النساء تصاب بوعكةٍ في خريف العمروبأن القطار يفوت بعد الثلاثين ولكني أتساءل ماذا لو ركبنا القطار الخطأ للإتجاه الخطأ و في اللحظة الخطأ..؟
ماذا لو انحرف و سقط من علو خيبة
النساء “عورة” ويجب أن تُستر ولكن عورة أرواحنا كيف سنسترها؟؟
قلتُ مرة لرفيقي ضياء أن هذه التي تسكنني ستقتلني يوماً ما ضحك يومها مني و قال “ليتها تفعل..أظنها أكثر وهجاً منكِ”
كنت أتجه إلى كآبتي الكبيرة حين سقطتُ بضربة حب داخل عالمك، أنتً لم تمانع اقتحام الغريبة لغرفك السرية و كأنك كنت بإنتظارها لتدلها إلى جرحها وتعرّي عورة روحها، لتهديها طريقاً غير الطريق ومحطة ًغير المحطة
هل كان حباً؟؟ قطعاً ليس ذاك، كان شيئاً أبعد من ذاك، كان ولادة،
هل فكرت في صورة شجرة التين تلك التي أرسلتها لك في خريفٍ ما؟؟
كانت عاريةً تماماً بعد أن أسقطت أوراقها الخضراء و الصفراء، هل فكرت بالطريق الذي سلكته من الأخضر للأصفر، كم جرحٍ وأفكارٍ عليها أن تعرّي من داخل روحها هكذا إلى أن يبرعم الأخضر من جديد
يظن الناس أن هذا أمر طبيعي و سهل لا أحد يفكر في كمية بردٍ الذي مر على روحها، لا أحد فكر كم من كبرياء كان عليها أن تتخلى
الأخضر كان رائحة أمي، طفولتي المصلوبة على أعتاب (فقد)، كان وجه أبي وحبل الندم المعلق عنق قلبي،لا شيء في الندم غير الندم يا حبيبي
الأخضر هو الذي الطريق تدلى منك لأتبعك بخريفي وعورتي..
و إيماني أني مهما تقيأت سأجد دائما في جيوب قلبك ما يكفي من المناديل
لا أعلم كم من مرات أخبرتك عن ذلك الوهج الذي تركته عند أول حديث بيننا، لا أعلم كم مرات قلت لك حجم التفاصيل التي حفظتها منك، لا أعلم كم من مرات ناديتك “فيلسوفي” و ضحكت وكم من المرات تسلقت ُأحبك تلك العالية التي تحاصرني بها، لا أعلم من مرات شاغبت و قتلت فيك /فينا من الأشياء ومت دونك ،لا أعلم كم من ندم وموت ودمع وخريف دخلت مع كل صفعة باب
هل شاغبتِ البداوة فيك و فيّ و حركت بئر لؤم الريح لترفع و تحط بالرمل كيفما شئت؟؟، في الماء يكمن العطش و في الصحراء تكمن الطريق ينذر الواهمون الطريق للتيه و ينذر المخدوعون الارتواء للنبع
كنتُ كأي بدوية تحمل تفاصيل الإرتواء و العطش و كنت كما الصحراء تضرب بحكمتك لتقهقه أخر التيه بالطريق وكان ما بيننا من لؤم الريح و غضب الأصفر و الأخضر و حر الجنون
لم تكن رجلا مجنوناً تماماً و لا عاقلاً تماماً، كنت منذوراً لوجع يبدأ بطول وطن و ينتهى بانتهاء صور الأصدقاء، أصدقاء لم ينجوا تماما و لم يُقتلوا تماما، أصدقاء تدلّت أسماءهم مالحة حلوة، تساءلت كثيرا كيف عبر البحر إلينا و أنت البدوي القمحي و أنا البدوية القمحية
وحدك تعرف أي فردة حذاء تلك التي عبر بها لينسكب ويمنح أشياءنا تلك القدرية من ضروب الغرق و النجاة معا.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

الزهايمر

السيد التوّي/ تونس   كنت أنتظر دوري ككل مواطن لأسدد فاتورة الكهرباء. ...