قيس عبد المغني
أتفهم انزعاجك من جلبةٍ مريبةٍ في الشارع الذي تسيرين فيه ليلاً و الذي يبدو لك اليوم خالياً أكثر مما ينبغي..
أتفهم خوفك من ظل نحيل تعجزين عن رؤيته و هو يسير في أثرك عند الحي الهادئ الذي تقيمين فيه
أعلم أنك تحبين مشاهدة وجهك على المرآة و أنت تنظفين أسنانك بفرشاتك البيضاء
و أتفهم تسمر يدك المفاجئ بسبب لفحة هواء حارة شعرت بها خلف عنقك..
أعلم أنه يربكك أن تستلقي على سريرك المهجور منذ الصباح فتجديه دافئاً بشكل غير مفهوم..
أعلم أنك تحبين التحديق في عتمة غرفتك و تكرهين أن تنعكس على السقف أضواء لسيارة مسرعة في الخارج دون أن تسمعي صوتها..
أعلم أنه يقلقك أن تتحرك من تلقاء نفسها ستارة نافذتك..
و أعلم أنه يوقظك من نومك صرير الباب المغلق حين يتناهى إليك عند الفجر..
أعلم أنني أزعجك لكوني لا أحد
لكن عليك أنت أيضاً
أن تتفهمي -لمرة واحدة-
بأني أفتقدك أحياناً بطريقة مأساوية.