فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

قصص قصيرة جدا

محمد الحديني

 

بورتريه
انتهت الأيادي المغروسة في الأرض من رسمي، وتلويني بألوان مختلطة..  كلوحة تشكيلية بلا إطار، تقاذفتني الريح.. صرت أسبح في هواء معلقة فيه عيون لا نهائية العدسات.. تحدق في، وأحدق فيها، ولا أراني إلا بالمقلوب.

خريف آت
في البهو الملكي، علقوا صورة للرئيس الجديد الذي أخرج يده منها ليستوثق من ثبات مسمارها.. الفرحة البادية على قسمات وجهه سرعان ما انقلبت إلى عبوس, بمجرد أن لمح نظرة سخرية في عينين تطلان من الصورة المعلقة عن يساره.

تواجد
دون إرادتي، بعت منزلي.. عندما بدأ المالك الجديد في وضع بصمته، أسرعت متلصصا بالخروج من إطار صورتي, الذي نسيته معلقا على أحد الحوائط.. زحفت أبحث عن شق يخبئني, قبل أن تطالني فرشة الطلاء.

فرار
على لوحته رسم حديقة غناء زاهية الألوان, وأشجارا تسكنها طيور ملونة.. صوب عصفوره القابع في قفصه عينيه عليها مطلقا زقزقات مدوية، ارتجت اللوحة مخلفة ريشات ملأت سماءها.

انتظار
أطلقت الصافرة.. صعد جميع الركاب.. اعتراهم القلق.. الوقت يمر,
ولا تزال السفينة قابعة داخل اللوحة.

ذكرى
سنون طويلة مرت, وهي بعيده عن البيت.. الأتربة تعلو كل شيء إلا صورته.. اقتربت منها.. احتضنتها باكية.. همس في أذنها بكلمات اعتادتها.. ابتسمت في خجل عندما مد يده ليعيد خصلة شعرها المتمردة إلى مكانها.

متعة مشتركة
غرفته الفخمة التي رسمها على الحائط، لا يزال بابها معاندا.. جاره القاطن في الغرفة المجاورة، أبدى اعتراضه على الضجيج المصاحب لمحاولة فتح الباب.

تماثل
في الليلة الفائتة، ذهبت إلى الميدان الرئيسي حيث شريد ينتظرني.. بحثت عنه حتى وجدته منتصبًا على القاعدة الجرانيتية لتمثالٍ غائبٍ.. وقبل أن أسأله، عاجلني قائلا:” سيأتي بعد قليل، نداء الطبيعة يا عزيزي”.

صورة غير مكتملة
كنت سعيدًا جدًا وأنا محمول في التابوت.. أصوات بكاء مختلطة بأدعية وتمتمات تملأ أذني, لحظات قليلة ويتسلمني حفار القبور, لم ينكسر الصمت الذي بدأ يتسلل، إلا على وقع كلمة (Cut) التي تردد صداها أكثر من مرة, تُركت وحيدًا على شفا الحفرة وأصوات التصفيق والتهليل تتعالى في المكان.

أسر
تنقلت في عملي بين عدة سفن وزرت بحارًا كثيرة.. عندما تقاعدت، أقلعت عن تدخين الغليون وبات الأبيض لونًا غير مفضل.. صرت أنام مفترشًا الأرض بعد أن تحلق حول سريري العائم ولعدة أيام متتالية، أسماك قرش، جنيات وفتيات ليل في زي قراصنة.

في حديقتي
في حديقتي حبيبة تجلس وحيدة.. يمر الوقت.. وقبل أن يعتريها تأفف الانتظار, يسرع تمثال إليها.. ينحني ليقبل يدها ويعطيها زهرة.. تشكره بدلال, وتسمح له بالجلوس, غير مبالية بتلويح  ذلك القادم من بعيد.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *