بله محمد الفاضل/ السودان
لا أملِكُ من ثروةٍ، إلا الخيالَ الضّالَّ، وسأُنفِقُها حتى أخر فِلسٍ.
?
تُزهِرُ ضِحكتُهُ في الحَجرِ
فكيف تتفتَّتُ في الحُجـــرِ؟
?
أنا ثابِتٌ كموجةٍ ثائِرةٍ
ضلّتْ طريِقَها إلى أنفاسِي
واستقرّتْ في النِّسيانِ.
?
كعُصفُورةٍ حذِقةٍ
تلتقِطينَ حباتَ الكلامِ المنثُورةِ في أقاصِي الأخيلةِ…
إلى صديقتي: تغريد ناجي
?
وقفَ ظِلُّكِ في المُنتصفِ
ويسألُنِي الشّارِعُ مشاويرَهُ
والبابُ عن حطبِ الحياةِ
لا شيءَ سيدفعُنِي خارِجَهُ
عِناقُ الظِلِّ ومعنى اللّهبِ.
?
أتذكّرُكِ
كأن لا شُغلَ لِذاكِرتِي إلاّ تذكُّرَكِ.
?
أرُدُّ البابَ عن شفتِي
إن الكونَ كان يبابا.
?
ما بهم
لا يبيعُونَ علينا مدخلاً
لنخرُجَ من خلفِ خاطِرِنا
إلى الشّارِعِ
فيرمِي إلينا بخُطُواتٍ جدِيدةٍ
نعبُرُ عبرَها إلى نفسِ مواكِبَ الشّذى الذي يظُنُّونَ أنهُ حصراً عليهم!!
?
المدينةُ مُتعبةٌ:
حين يتسكّعُ بين يديها همسُ الرّاحِلين
ويلُوكُ شوارِعَها الصّمتُ
حين تُدندِنُ العصافِيرُ لِلأشباحِ
تتضعضعُ النّاياتُ
يغشى نهرَها اليابِسَ
قيظٌ ظامِئٌ
يتغلغلُ في الطّينِ لِيشربَ
حين تدُقُّ أجراسَها
يدُ الهواءِ الرّطبِ
حين تجُولُ بأِركانِها هياكِلُ الذّكرى
بجُثثِها الضّخمةِ
حين
يتوارى كُلُّ شيءٍ
في كفٍ واحِدةٍ تُغبِرُ بالزِّيفِ
حلقَ المدينةِ
وتكتُمُ أنفاسَ الشّجرِ…
?
الشّارعُ بَريدُ المنفيِّينَ
من السّكِينةِ
يفُضُّونَ أختامَهُ السَّريّةَ
يتلُونَ برِيقَهُ
وخطراتَهُ المُتكلِمةَ عن ديمُومةِ الشّجنِ.
?
ستحزنُ المُوسِيقى
إن لم تُعانِقْها رُوحُكِ
يترنّحُ جسدُكِ في مسافاتِها.
?
الذي لم أذكُرهُ:
ابتسامتُكِ عدّلتْ وجهِي
متى اِستطعتِ اِستِخدامَهُ
نبعتُ كنهرٍ طيّ أطلسٍ قديمٍ.
?
كُلُّ هسيسِ حرفٍ يعتنِقُ قلبِي
ينهضُ مُمسِكاً بالشّجوِ…
غيثُ الوثبِ في الإيقاعِ
أو في اللّمحِ…
ليس إلا قبساً يسعى لِنارِ الرُّوحِ
ولا يقُولُ شيئاً يدُلُّ عليكِ
يا أُمّاهُ…
?
أُمِّي…………
—–
يتجهّمُ الشُّوقُ
يُشعِلُ الأناشِيدَ بصوتِكِ في دمِي
كالعُبابِ.
مالِي أُربيّ الحنِينَ
حتى لتخالنِي أمزِجةُ اللّثمِ والاِحتِضانِ
مختُونَ القلبِ بِشراهةِ الغِيابِ.
وإني لفي احتِشادِ الضِّيقِ
أُلقِي لنّارِ التّشتُّتِ
الأيّامَ
بثِقلِ عَزمٍ أرضعتنِي أبجديتَهُ
من البابِ لِلبابِ.
وإني لِتراكُمِ الآهاتِ
أتقافزُ قابِضاً أطيافَ الجَلدِ
لِفراشاتِ شغفِ الإيابِ.
أمي…………
?
ربيــــــــــعٌ
إلى العطاري يونس…
—-
***
يحبُو بِقلبِي الحُبُّ
كلما قُلتُ هرِمَ
اِلتحقَ بنبضِهِ القدِيمِ.
***
كأنما لّليلِ
-والوُضُوحُ يُبدِّدُهُ-
بابٌ سِّريٌّ للعُشّاقِ
يسمُرُونَ أسفلَ عتمتِهِ
***
الشُّوقُ وأشياءٌ أُخرى
جمِيعُها
تتشبّثُ يافِعةً
بشجرٍ يابِسٍ.
***
حسبِي من وردةِ الحُبِّ
اِسمُها
ورسمُها النّابِضِ
وليكُنْ نشِيدُها
للرّبيعِ الباسِمِ.
***
شتّان
خفقٌ للمرايا
وآخرُ للوُرُودِ الفاتِنةِ.
***
يبقى القلبُ في زهوهِ
على أيِّ حالٍ
طالما تماسكَ نبضُهُ
والجسدُ الهشِّ.
***
القلبُ في ربيعِهِ الوسيمِ بالحُبِّ
والجسدُ في شِتائِهِ الطُّويلِ بالسّهرِ.
***
قامتْ إلى نافِذةِ التُّوهُّجِ رغبةٌ
فاستلّ النُّعاسُ برقَهُ
وبعينِيها أغمدَهُ.
***
أعلمُ:
لن تُشِعُّ الاِبتِسامةُ على الوجهِ
إن أنكرتها الرُّوحُ.
?
أشجانُ البردِ
إلى إشراقه مصطفى و سلمى الشيخ سلامة
——–
ذاتُ الطُيُورِ
تطيرُ من غُصنٍ إلى غُصنٍ
على شجرِ الذِّكرى
تُهيّجُ بِأجنِحتِها رياحَ الشّجنِ.
والطّيرُ
-كدأبِ الطّيرِ-
ينقُشُ على الماءِ دوائرَ
تكبُرُ ثم تكبُرُ
لاِحتِواءِ الوطن.
ومثلِي
في مركزِ النّقرِ
لا يتخطّفُهُ الموجُ
أو يُحرِّكُهُ اِنحِسارُ الزّمنِ.
وُلِدَ الفتى
حجرٌ من رحِمِ الجِبالِ
لا يتفتّتُ بِاِنسِيابِ الحَزنِ.
ثم إن الفتى في يدِ الأقدارِ
غمامٌ هدارٌ يُشعِلُ الرَّملَ
بِعِطرِ البدنِ.
?
تبرُّمُ الجسدِ
إلى شُعلةِ الإبانةِ: عبد الغني كرم الله
——-
***
تركنا بأصابِعِ النُّجُومِ
الأمانيَّ*
ورُحنا نُدخِّنُ اِنتِظارَنا
فيا لرحابةِ القبرِ.
***
ظِلٌّ حذِرٌ ظلّ يحاذِرُ أن يدخُلَ
في الجسدِ الهشِّ
هكذا تعلّم رجُلٌ أن يتبعَ
أصابعَهُ الذّاهِبةَ للعزفِ
على قيثارةِ الحياةِ.
***
تراصتِ النُّجُومُ بحُللِ الأمانيّ البرّاقةِ
ينظُرُ إليها الخيالُ المِدرارُ ولا يرعوي
فيما الجسدُ يغُوصُ مُمتصّاً هواءَ الغُرفةِ الرّطِبِ.
***
ألمسُ جسدِي يا (عبد الغني كرم الله)
فأجِدُهُ
يتحدّثُ بلُغاتٍ تمشِي للوعيِّ
بعيداً عنه
في أخمصِهِ
أراهُ حذِراً يتحلّلُ من أجراسِ القلبِ (وأعني: اللُّبّ)
يقوُمُ إلى شُرفاتٍ خارِج ضبطَ الإيقاعِ
يُحلّقُ كالطّيرِ إلى أغصانٍ لم تُرصدْ من ذي قبلَ
فهل للّيلِ وقد رُحتُ أُدندِنُ بالغفلةِ
يُفضِي عن رغبتِهِ في هجرِي
أم مِثلي
أسبلَ جفنيهُ وغابَ
إلا من
وِردِ الأحلامِ الضّالةِ؟
***
حجبَ الوجدُ الكفَّ عن كتفِي
فلا تربيتُ اليومَ
ولا من قُبلٍ
هكذا رأيتُ لكُلِّ إحساسٍ جسدَهُ
فلن يدّخِرَ الحَزنُ مخالِبَهُ!!
* المقصود: أماني النفس في الجسد.
?
القلق: كائِنٌ وحِيدٌ أعزلُ…
——-
1)
يلمعُ القلقُ في الأصابِعِ
فتعزفُ ألحانَ الغيبِ.
2)
وإن أمسكَ بيدِكَ
جابهكَ بحتفِكَ
لن تقدِرَ على التّشبُّثِ بالقلقِ، لإِنقاذِكَ.
3)
ماذا إن مزجناهُما معاً، قلقِي وقلقكَ، وبحثنا لهُما عن مثوىً!
4)
القلقُ يحكُمُ الوطنَ
يتحوُّلُ إذن إلى القتلِ
يوزِّعُهُ في اِنتِشاءٍ على شعبِهِ.
5)
القلقُ نشيدُ العُشّاقِ
وقبضتهم المُشرّعةُ بوجهِ الرّتابةِ.
6)
حينما يُصبِحُ القلقُ نشِيجاً مُرًّا
ما أشبهُ ذلك بِحريقٍ شبّ في الأحشاءِ
جرّاءَ سُمٍ زُعاف.
7)
القلقُ لم يتعرّفْ بيومٍ على غفوةٍ.
8 )
القلقُ تلميذٌ مُشاغِبٌ
يعبئُ المدرسةَ بالهرجِ
ولا يسدِدَ رُسُومَهُ.
9)
القلقُ ليس هو الزّهرةُ التي يرتدِيها مِعصمُ اليومِ
دعها إذن وحاول اِستِنشاقَ الهُدُوءَ
إن لم تكُنْ قد سبقتكَ إلى أنفِ دربِكَ.
10)
حسناً
لن اختلِفَ مع أحدٍ
لكم شأنُكُمْ
ولي قلقِي.
11)
القلقُ أيضاً يحمِلُ الهواءَ
على مُداعبةِ النُّوافِذِ
فأفتحْ نافِذتكَ على حين غِرَّةٍ من الأحزانِ.
12)
القلقُ أناكُوندا تعتصِرُ الرُّوحَ.
13)
لا يا أخِي
لا تبتِسمَ كأرعنٍ ظافِرٍ
القلقُ يُطبِقُ على دليلِهِ لأعصابِكَ
ودقيقٌ كساعةٍ سُويسريّةٍ عتيقةٍ
في الوقتِ والتّنشين
ثِقْ
لن يُخطِئكَ لِوهلةٍ.
…..
*)
متى اِنقطعَ القلقُ؟
أظُنُّهُ قلبُ المرءِ الثالِثِ
وله نبضُهُ المُتوحِّشُ.
?
ما تيسَّرَ من السّكينةِ…
إلى دينا خالد ومصطفى مدثر
——–
1)
الأوراقُ حِزمةُ اِشتِهاءٍ
تُشبِعُها الأفكارُ
والجسدُ صحراءٌ
يُعبِئُها الكوثرُ.
2)
كُلُّ ساعةٍ تعبُرُ دون اِرتِيابٍ
تدّخِرُ اِبتِسامةً لِلعوزِ
فكُن بـ (نُورِكَ) سبّاقاً
إلى أنيابِ اللّحظةِ.
3)
لسنا على النّقِيضِ
تكتُبُ لُغتَكَ من شوارِدِ الرُّوحِ
وترتمِي بأحضانِ الأحلامِ
مُجرّداً من تشاكُسِ دمِها.
4)
هذا النّهارُ الحائِرُ لو أمعنتَ
إن هو إلا الظِلّ الأخيرِ
المُنفلِتُ من أجسادٍ ثرثارةٍ
تحجُبُ عن بِلادي
-بدعوى الإنقاذِ-
قُرصَ الشّمسِ.
5)
لو تيسّرَ لرجُلٍ كمِثلِي
أن يلِّمَ بكفِهِ الرِّياحَ
لأطلقَ كُلّ الأنفُسِ العرجاءَ إلى هناك
تُرى
ما سيبقى إذن؟
6)
الجُمعةُ عيدٌ قصيرُ الخُطى
إلا أن قفزتَهُ لا يرصُدُها تصوُّرٌ.
7)
لأيامٍ ظلّت نافِذتِي تفترِشُ الأرضَ الجرداءَ
ترُومُ ربيعاً تحمِلهُ أُنثى حبستْها الفِطنةُ
واتكأتْ في غنجٍ على ذوبِ أحاسِيسي البيضاءَ.
8 )
نظرتُ للتّو إلى أثرِ رائحتِها بجُبِ السّكينةِ
فألفِيّتُهُ قد غمسّ بقهوتِي شهدِهِ
ونادى نشِيجِي العابِرَ
كي يُطرِّزَ برُوحِهِ
قطراتِ النّدى الدّفاقةِ.
9)
كفى بجسمي نُحُولاً أنني رجُلٌ * لولا مُخاطبتِي إياكَ لم ترني
((المتنبي بطبيعة الحال))
والحالُ أن ما رُكِبَ من بناتِ الخيالِ
على حالٍ لرجُلٍ
تقولبَ على وطنٍ يصرُخُ
ولا نراهُ.
10)
الخيطُ في ثوبِ الحبيبةِ
يهترئُ تحت ضرباتِ الرّغبةِ
المارِقةِ من عينينِ
تذوّقتا في تتبُّعِهما
لذّةَ الفِتنةِ.
11)
أخرُ يومٍ في التّأمُّلِ قطعَهُ صوتٌ خارج الحيّزِ المملُوءَ
بالسّكينةِ….
لا يرتحِلُ الرّجُلُ إلى الجنّةِ باكِراً
فإنها الأُنثى
وأبداً تظلّ مُنتهى القِطافِ.
12)
لن أكتُبَ شيئاً ذِي بالٍ
ومن أمامِ عينيّ
تتضاءلُ الأشياءُ
يثِبُ النُّعاسُ.
13)
أخرُ ضحكةٍ من القلبِ
لم اغتصِبها من تفجُرِ الأسى
أسِنتْ بين خاطِرٍ مُجرحٍ
وذاكِرةٍ اتلفتَها السُّنونُ.
14)
ليس لِزاماً على الميّتِ
النُّهوضَ من جُثّتِهِ
يُمكِنُهُ الحُصُولَ على معلُوماتٍ مُتنوِّعةٍ
عن كيف يُمسِي طيفاً في جسدٍ.
…..
ضجيجٌ صامِتٌ، باب: ما تيسَّرَ من السّكينةِ…
——–
1)
حين يبتسِمُ الضّجِيجُ
يلُوذُ الصّمتُ الحائرُ بوجهي
ليزدردَ ملامِحي
ومعاً نشيِّدُ بالرُّوحِ قصوراً للأخيلةِ
ليقطِنَهَا الشِّعرُ.
2)
لم أكُنْ بارعاً قطُّ
في حقنِ ضحكتي بالتّأتأةِ
أدعُها في فضاءِ النّاسِ الثّائرِ
وأهرعُ إلى ضجيجي الجوّاني.
3)
لستُ ممن يتتلمذُ الكلامُ على بصِيرتِهم
أظنني أكثر حنكةٍ
في تغطيسِهِ بروائحِ الوهمِ
وجرّهِ إلى حدائقِ الرّمل.
4)
للمدينةِ عجلتُها
تدُورُ
وتُحدِّقُ إلى دفءِ همسِكَ
باحتِقارٍ.
5)
بردٌ يقرُصُ قمِيصَ الوقتِ
فتمشِي الرّعشاتُ بحواسِ الشّجرِ
وتترى الضّحكاتُ بميازِيبِ الحزنِ.
أنجبتنا الأمنيّاتُ
ثم دستنا بماءِ النِّيلِ
كي نقتاتَ من همسِهِ الجبّارِ
رقصاتَ الرُّوحِ
في مدى الأساطِيرِ والشِّعرِ.
___________
19/3/2018