كمال أبو النور
نعم أنا مزارعٌ كبيرٌ
مُتخصِّصٌ في زراعةِ الأحلامِ
ولي من الشُّجيراتِ آلافُ الأطفالِ
أقتلعُ الفسائلَ الشيطانيةَ
وأغرسُ حصنًا من الوردِ حولَ قلوبِهم
كلُّ بقعةٍ في هذا العالمِ تنزُّ بالدماءِ
نستطيعُ أن نوقفَ الدماءَ
نزرعُ في قلبِ كلِّ جنينٍ
أغنيةً للحبِّ والسلامِ
أنتَ أيَّها المعجونُ من بريقِ الملائكةِ
أيها الصباحُ المخمورُ من قطراتِ الندى
أيُّها الفضاءُ الأخضرُ الواقفُ على مشارفِ الجنةِ
في زمنٍ مضى
كنتُ أُعطِي ظهري للسماءِ
وأرشُقُها بالأكاذيبِ الضَّالةِ
كنتُ مُظَّلَلاً وممسوسًا بالظلامِ
لولاكَ ماوجدتُ البوصلةَ للخروجِ
من هذا المحيطِ الأسودِ
من هذا الرعدِ الذي أصابني بالعمى
أنا صبيٌّ عندَكَ ياطفلي الصغيرَ
علِّمني كيف أخاطبُ الأسماكَ
أرغبُ أن أكونَ بحرًا بلا حيتانٍ
علِّمني أن أخاطبَ العصافيرَ
أرغبُ أن أكونَ فخاً للطيورِ الجارحةِ
لاأريدُ أن أكونَ عكازًا للأعمى
أريدُ أن أكونَ عينًا له
لاأبغي أن أكونَ رغيفًا أتصدَّقُ به على الفقراءِ
أرغبُ بشدةٍ أن أكونَ حقولًا من القمحِ
لاتغادرُ أفواهَ الفقراءِ
لاأرغبُ أن أكونَ مقعدًا ينامُ عليه المشرَّدونَ
أرغبُ أن أكونَ دولةً يقودُها المشرَّدونَ والجوعى
دولةً لايقطنُها جنرالٌ واحدٌ
تتساوى فيها المنازلُ وموائدُ الطعامِ
لامكانَ لتلكَ الآلهةِ المزيفةِ
فالكلُّ واحدٌ وليس لنا إلا سماءٌ واحدةٌ.