فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

المشهدُ الأخير

ريتا الحكيم

 

أنا كائنٌ افتراضيٌّ في عالمٍ ينبضُ بالخوفِ
محظورٌ مِنَ التَّعليقِ على أحزاني
ألصقُ بالسَّماءِ تهمةَ التَّبليغِ عنِّي
ألهجُ باسمِ أمِّي وأبي
أفترشُ أوجاعَهما
تهاجمُني نوباتٌ متكرِّرةٌ مِنَ الهذيانِ
أنسى فيها اسمي وجنسي
أنقرُ على زجاجِ الخذلانِ علَّني أسمعُ نداءَ مَن عبروا
العابرونَ لا يخلِّفونَ وراءَهم سوى العطورِ
الظَّامئون للحزنِ لاترويهم حفنةُ دموعٍ

حجبتُ لسانيَ عن قائمةِ الأصدقاءِ
في فضاء أزرق لايشبهني رغم انتمائيَ القسريِّ إليه
أوقعني هذا ال unfreind في ورطةٍ
بتُّ أتأتئُ وأتلعثمُ على مسرحٍ إيمائيٍّ لا يثقُ جمهورهُ
إلا بالصَّوتِ والكلمة.

ألبسَتني أمِّي معطفَ واقعِها ورمت بي إلى قاعهِ
بعد أن رحلت وأغلقت دوني كلَّ الأبوابِ
كنتُ نتاجَ شهوةِ جسدينِ أرَّقتهما الوحدةُ
ضمَّتهما خيبةٌ واحدةٌ، وفرَّقتهما زحمةُ المعاصي على شرفاتِ الحياة.
غريبٌ أنا، “أتحضِّرُ لرقصةٍ أخيرةِ تحتَ سماءِ حياتي، وأخطو أوَّلَ خطوةٍ نحو احتضاري, راقبوني جيدًا لكن بصمت:”

“Je me prépare pour la dernière danse
Sous le ciel de ma vie,
Et prendre mon premier pas vers l’agonie
Regardez- moi bien, mais en silence.”

أعلاه، كلماتٌ يتيمةُ الأبوينِ، تلفَّظتُ بها دون تأتأةٍ..
وهي الأخيرة.
ألقاكم على خيرٍ في عالمٍ حقيقيٍّ يٌشبهني، أرمي في وجههِ كل الكلمات،ِ أتعرّى من هذياني، وأندلقُ في فنجانِ قهوتهِ طائعًا.

الآن.. في هذه اللحظةٍ الضبابيَّةٍ، يصدحُ صوتُ
(شارل أزنافور)؛ لتعيدَني أغنيتهُ إلى بدايةِ حلمٍ كان فيما مضى فتيًّا ومثيرًا:
“Emmenez- moi au bout de la terre
Emmenez- moi au pays des merveilles.”

– Cat!!! La scène est terminée.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *