سعد الدين شاهين
هنا هشيم المعاني التي أرهقها الشعر والالتفات
واللغة المتهالكة
ترقوات الأنا الذائبة
تتدفق في آنية الليل على ألمٍ بحجم الغربة
وانتظار المجهول.
غربة لا كُنهَ لها
هنا يمامةٌ تحطُّ على نافذة التمني
تمسح دمعة
هطلت على مجسات الفراشات المتطايرة حولها
ارتباكٌ على قمة الوجع
صدوعٌ في قشرة الوَله
من يعيد المجال للشك
ويهدي إلى شواطئ البحيرات النائية
رقص البجع
صيادٌ ماهر يتربصُ فكرةً
تتجول في الفضاء المُريع
عشٌ لطائرٍ خُرافيّ منقرض
يقبع على قمةِ الذوق
لا بيضَ فيهِ ولا زغاليل
زغبٌ محترقٌ وبقايا كلام
الخيوط تتحرك في الظلام
والدُّمى نائمة
بنا براكينُ راكدة
سيولٌ تنتظر التدفّق
لُججٌ تغازل رياح الشرق
“يا رياح الشرق هُبّي…”
ونوارسُ تبحث عن بحارٍ هادئة
هل يكون الصمتُ أخيرا؟
الموسيقى خافتة
تعلن اختفاء العاشقين من الشوارع المظلمة
ألمحُ يدا خفيةً من خلال شعاعٍ بعيد
تُحرِّك الخيوط بمهارة غبيّ
العرائسُ تفلت من يديه لترقص كما يحب المصفقون
لا كما يريد
لمن تُـقرع الأجراس إذن؟
الورودُ الذابلةُ على شواطئ الخوف والرهبة
ترفضُ أن تسقط بذورها وبتلاتها
كي لا تلاقي المصير نفسه
باقات الورد المعتادة
ترفض الانضغام والانضمام
لتتبع جنازة بلا مُشيّعين
لا فراشات على قناديلنا المطفأة
زحمةٌ بلا نسق
رذاذٌ لا ماء فيه
أصواتٌ لا تجد آذانا في رؤوس المارة
نشيد طفولي يتردد صداه في البعيد
دون لحنٍ ولا موسيقى
لا موانئ تستجير بنا
وتتبعنا السفائن دون بحر للسفائن فيه حقُ
خرقُ هنا
وسفينةُ الأحلامِ مبحرةٌ
على أمواجٍ من ولهٍ غريزيّ
لما في شاطئ مجهول على الضفة الأخرى
الضفاف لا تُرى
لا شيء ممكن أن يتعلق به
مسلة اعتذار من معلقة عمرو بن كلثوم
لا توحي سوى بهشيم اللغة
“ملأنا البر حتى ضاق عنا وماء البحر نملؤه سفينا”
كل يحاول السقوط
لا نجاة إلا على ظهر حوت
حيتاننا في البحار البعيدة
كيف سنصلها وبأي معلقة سنتعلق
وبأي اللغات نناديها
من يضمن الحوت أن لا يبتلع المتعبين من التجديف
والغلابا يغنون نشيد الوطن
“كلنا في الهم شرق”.
_____________
15 مايو 2020
عمان/ الأردن