الرئيسية / كتابات / الطفولة والنضج وابعاد الذات: قراءة تفكيكية لديوان “كبرتُ كثيراً يا أبي” لعبد المجيد التركي

الطفولة والنضج وابعاد الذات: قراءة تفكيكية لديوان “كبرتُ كثيراً يا أبي” لعبد المجيد التركي

أحمد الفلاحي 83%

AI 17%

يُعد الشاعر عبد المجيد التركي من أبرز الأصوات الشعرية التي استطاعت أن تتوغّل في أعماق التجربة الإنسانية بصدق وعفوية، من دون أن تفقد عمقها أو قدرتها على النفاذ إلى المشاعر الدفينة. في مجموعته الشعرية كبرتُ كثيراً يا أبي، يأخذنا الشاعر في رحلة متأملة، تبدأ من محطات الطفولة وتصل إلى عتبات النضج، مقدماً لنا انعكاسات نفسية معقدة للتجربة الإنسانية وما يرافقها من لحظات مفعمة بالتأمل الوجودي.

العنوان بوصفه انعكاساً للزمن المتحوّل

يكشف العنوان كبرتُ كثيراً يا أبي عن تجربة ذاتية تنفتح على أسئلة الوجود والزمن والذات، فهو لا يمثل رسالة إلى الأب فقط، بقدر ما يعبر عن حوار داخلي بين الشاعر وذاته، يجسّد انفصالاً نفسيًا عن الطفولة واعترافًا مريرًا بعبء النضج وما يحمله من ثقل الزمن وتجارب الحياة المعقدة. نجد هنا أن الشاعر يسعى عبر هذا العنوان إلى إعادة تعريف ذاته أمام مرآة الزمن، كما لو أن الطفولة براءتها تتلاشى وتنكسر أمام وعي الناضج، الذي تتكشف له الحياة بجوانبها المؤلمة والمعقدة.

بمنهج التفكيك، يمكن قراءة هذا العنوان كمدخل لاستكشاف ما تحمله النصوص من تناقضات خفية، فالكلمات هنا تتجاوز معانيها الظاهرية لتتبدل دلالاتها، وكأنها تشير إلى انقسام بين الأمل القديم وفقدانه، وبين الزمن كحقيقة ثابتة وعبء لا يكف عن ملاحقة الإنسان في كل مرحلة من مراحل نضجه[1].

عودة إلى الذات عبر التناقضات

لا يقتصر التفكيك هنا على كونه منهجاً نقديًا، بل يصبح وسيلة لفهم ذاتٍ موزعة بين زمنين، تتأرجح بين براءة الطفولة ووعي النضج. في هذا السياق، تُعتبر مجموعة كبرتُ كثيراً يا أبي رحلة في دروب اللايقين، حيث تتداخل عوالم اليقين والشك، ويتحوّل الديوان إلى فسيفساء من المشاهد المتناقضة التي تعكس تجارب الذات وتحديات الزمن. وكأن الشاعر يقف أمام مرآة يرى فيها ملامح مشوهة تتصارع فيها وجوه الطفولة مع ملامح الشيخوخة، محاولاً فهم ذاته التي باتت تحمل أعباء الزمن وأسئلته الصعبة.

تطرح النصوص، عبر منهج التفكيك، قراءة معمقة لعلاقة الشاعر بالنضج كمرحلة تتضمن نقيضين: “الكبر” الذي يظهر خارجيًا، و”الطفولة” التي تظل تلازمه داخليًا. في بعض النصوص، يبدو النضج هشا، متشابكًا مع طفولة لم تنطفئ بعد، وكأن الشاعر لم يستطع بعد الوصول إلى تلك الحكمة التي ترتبط عادةً بالكبر؛ فهو يتأمل النضج بوصفه تجربة تظل عالقة بين واقع الحياة وخيالات الطفولة وأحلامها.

أولاً: ثنائية الطفولة والنضج

  1. “أنا الطفل الذي لا يريد أن يكبر

ضمن المجموعة الشعرية كبرتُ كثيراً يا أبي، نرى نصوصاً ذات رمزية عميقة تكشف إحساس الشاعر بالتناقضات الداخلية بين الحنين للطفولة والرغبة في النضوج. وفي هذا السياق، يُعد النص “أنا الطفل الذي لا يريد أن يكبر” نموذجاً جليّاً يجسد هذه الثنائية المتأرجحة، حيث يمزج الشاعر بين صور الطفولة التي تُقاوم الزمن، وبين مظاهر النضج التي يرفضها في عمق ذاته لذا سأتناوله باستفاضة.

 النص:

  أنا الطفل الذي لا يريد أن يكبر .. . 

 أخاف من حرارة (الفِكْس) 

 ولصقات الظهر . . . 

 من الشعر الأبيض 

 المتساقط من مقص الحلاق . . . 

 أهشُّ الشَّعر بسرعة 

 فأتذكر أبي وهو على نفس الكرسي . . . 

 “أباه. . . 

 لم أعد أقولها منذ عشرين عامًا، 

 لكنني أسمعها من أولادي كل يوم.

يبدأ النص بتصريح عميق عن رغبة الشاعر في التمسك بطفولته، حيث تُطرح جملة “أنا الطفل الذي لا يريد أن يكبر” كتمهيد لصراع بين الطفولة والكبر. يمكننا تفسير هذه العبارة على مستويين: المستوى الأول، تعبير عن الحنين للبراءة، والمستوى الثاني، بكونه اعترافاً بضعف أمام شراسة الزمن ورفضاً لقسوة النضج. تظهر كلمة “الطفل” نفسها بوصفها رمزاً قابلاً للانقسام داخليًا، إذ تتداخل دلالات البراءة والنقاء مع المعاناة من قيود المجتمع، وبالتالي، تصبح كلمة “الطفل” متعددة الطبقات، إذ تشير إلى الهوية الحقيقية للشاعر التي يسعى للتمسك بها، وفي الوقت ذاته، تعكس حالة غير مكتملة، إذ تتعارض رمزية الطفولة بوصفها حلماً مع واقع العمر المتزايد.

مفهوم “الخوف من النضج

ينتقل الشاعر لاحقاً للتعبير عن شعوره بالخوف من مظاهر الشيخوخة، مثل “الشعر الأبيض المتساقط” و”لصقات الظهر”، ويصف نفسه بـ”الطفل الذي لا يريد أن يكبر”. يمثل هذا التعبير أزمة داخلية، حيث يواجه الشاعر انقساماً بين مرحلتين زمنيتين متعارضتين: الطفولة المليئة بالبراءة، والنضج الذي يفرض عليه واقعًا جديدًا باعتبار “الذات ليست سوى كيان غير مكتمل يمر بتحولات دائمة”[2]. في هذا السياق، تصبح عبارة “الشعر الأبيض المتساقط” مجازاً متصدعاً؛ فهي تحمل معنيين متناقضين: قبول النضج ومقاومته. وبذلك يُصبح الشعر الأبيض إزاحة مجازية للتجدد والاستمرار في المعركة ضد الزمن، فيرفض الانصياع الكامل للنضج بكونه حالة قسرية.

  • استخدام لغة تتحدى التصنيف الثابت

يعمد التركي إلى اختيار ألفاظ ترتبط بذاكرة الطفولة وصور الألفة، مثل “أباه”، حيث تجسد كلمة “أباه” -وهي بالمناسبة طريقة مناداة باللهجة اليمنية لها وقع خاص- تداخلاً بين مشاعر الابن والأب، فتبدو كأنها محاولة لاشعورية للالتصاق بالطفولة عبر الذاكرة، وهو ما نراه بارزاً حين يقول: “لم أعد أقولها منذ عشرين عاماً”. هنا، يظهر تناقض جديد بين الذكرى القديمة والمشهد الحالي، حيث أصبح الشاعر هو من يُنادى بـ “أبي” من قبل أبنائه، مما يعمّق التناقض ويعزز إشكالية الزمن المتداخل داخل النص.

  • تعارض البراءة والنضج في بنية النص

يبدو أن بنية النص تتألف من تكرار لحركة الذهاب والإياب بين الحاضر والماضي، وكأن الشاعر يقف على عتبة بين المرحلتين دون قدرة على العبور النهائي. هذا التناقض يمنح النص كثافة معنوية، إذ أن طرد الشعر الأبيض وإعادة النظر في كلمة “أبي” يحمل دلالات تتجاوز المعنى الظاهر للعبارة، لتدل على رفض ضمني للتخلي عن البراءة. فكأن عملية النضج هنا هي عملية مفروضة على الشاعر، وليست خياراً إرادياً.

  • ازدواجية الهوية والمعنى

بما أن التفكيك يكشف عن احتمالات لا حصر لها للمعنى، فإن النص السابق يمكن أن يُقرأ بوصفه اعترافاً حقيقياً من الشاعر بعدم تقبله لرحلة النضج، كما يمكن أيضاً تفسيره كتحدٍ للزمن، إذ يريد الشاعر أن يعيش في الحالة الوسطى بين الحلم الطفولي وواقع الأب.

  1. نص “غداً سأرتدي نظارة طبية”

غداً سأرتدي نظارة طبية،

سأرى الأشياء بوضوح رجل ثمانيني

وسأبدو أكثر نضوجاً وحكمة

على وجهي في طفولتي تمنيت أن أضع نظارةً

لأبدو عبقرياً.. وأن يتساقط شعري،

كان الصلع مرتبطاً بالذكاء في نظري.

في نص “غداً سأرتدي نظارة طبية”، يمكن رؤية النظارة كرمز لانقسام ذاتي، فهي في طفولته كانت رمزًا للذكاء والرغبة في التفوق، لكن مع ارتدائها في الحاضر، تصبح رمزاً للنضج والاستسلام لضعف النظر. التفكيك يكشف هنا أن النظارة ليست مجرد أداة رؤية، بل هي عدسة تكشف تناقضات الذات: هي رمز لتحقيق الطفولة للحلم القديم، لكنها أيضاً أداة واقعية تُجبره على مواجهة حقيقة عمره. تُصبح “النظارة” رمزاً للانقسام بين الذات المتفائلة التي ترى العالم بوضوح، والذات المحبطة التي تجد في الوضوح اكتشافاً غير مريح لحقيقة العالم.

يعبر دريدا عن هذا المفهوم من خلال رؤيته للهوية بأنها ليست موحدة أو صافية، بل هي عبارة عن آثار متراكمة من التجارب والمعاني المتناقضة[3].

 ثانياً: التناقض بين الذات والعالم

تستمر نصوص ديوان “كبرتُ كثيراً يا أبي” في الكشف عن التناقض بين ذات الشاعر والعالم المحيط به، حيث يتجلى صراع داخلي يعكس عدم توافقه مع توقعات المجتمع، فيعبر الشاعر عن هذه التناقضات من خلال مواقف تعكس رفضه القواعد الاجتماعية، ويستعين بصور ورموز تتبنى حالة العزلة والاغتراب.

النص:

 ليس لي برستيج

 أمشي وأتلفت كطفل مندهش بكل ما حوله، 

 أرسم قلبًا على غبار السيارات المركونة منذ زمن، 

 أحيِّي نفسي برفع حاجبيَّ 

 في واجهات المحلات الزجاجية

 أتوقع ألَّا أرى وجهي في مرايا الحلاقين 

 كمصاصي الدماء

 أتعامل مع نفسي 

 كما لو أنني كائن خفي 

 لا أحد يشعر بوجوده، 

 رغم أنني لا أرتدي أي طاقية.

  ***

 الليل بغيضٌ يا أبي

 يعرض عليَّ صور الموتى والمفقودين، 

 يذكرني بكل حوادث الطائرات 

 التي شاهدتها في نشرات الأخبار.

 

 ها أنا عالق بين برزخين كروحٍ شريرة، 

 أحسد النائمين في توابيت هوليود 

 وأتفقد أنيابي 

 كقصَّاب يتحسَّس سكاكين العيد

 لم أعد ذلك الطفل 

 الذي كان يكتب اسمه بحروف البسكويت 

 ويتساءل: ما معنى “جلوكوز”؟

 

 الحلاق لم يعد يضع تلك الخشبة تحتي 

 لكنني ما زلت أتثاءب 

 حين أجلس على كرسي الحلاقة، 

 يقول لي

 “نعيمًا يا عم“! 

 هو من أترابي، 

 لكنه يطلي شعره 

 بكل الصبغات الثلاثينية.

في نص “ليس لي برستيج” نجده يظهر انقساماً داخلياً عميقاً في الشاعر بين طفولته، التي لا تزال جزءاً حياً من ذاته، والنضج الذي يظهر من خلال مظاهر جسدية واجتماعية لا يمكن الهروب منها. ويظهر ذلك عبر استخدامه لعبارات متناقضة وصور تجسد الاغتراب والانفصال عن المجتمع، إذ يعبّر الشاعر عن شعور حاد بعدم الاتساق الداخلي، وهو شعور مرتبط بفقدان “البراءة” واستبدالها بمتطلبات العالم الخارجي.

 التعبير عن رفض الامتثال: بين “البرستيج” و”الطفولة

يفتتح التركي النص بتأكيد أنه “ليس لي برستيج”، وهو تصريح يمثل رفضاً ظاهراً للامتثال لقواعد المجتمع الصارمة المتعلقة بالأناقة والمظهر. ويظهر ذلك بوضوح من خلال قيامه برسم قلب على “غبار السيارات المركونة”، وهو سلوك يعبّر عن حالة من النقاء والطفولة البريئة التي يعيشها الشاعر بعمق. وفقاً للناقدة جوديث بتلر، فإن “الذات تتشكل على نحو لا يخضع بالضرورة لتوقعات المجتمع المحيط بها”[4]، مما يعكس رغبة الشاعر في الاحتفاظ بشخصيته الطفولية العفوية، بدلاً من التماهي مع صورة المجتمع الجاهزة.يظهر التحليل التفكيكي هنا كيف أن هذه الصور المتناقضة تكشف عن هوية مفككة غير خاضعة للمعايير الاجتماعية.

 الانفصال عن الذات في المجتمع: القناع والمرايا

يصف الشاعر لاحقاً كيف يشعر بعدم رؤية وجهه في “مرايا الحلاقين”، واصفاً حالته كمصاص دماء، مما يعكس انفصالًا عميقاً عن ذاته. تصبح “المرايا” في هذا السياق رمزاً للتجريد من الهوية، وكأنها تعكس انقسام الذات بين صورة يسعى المجتمع لرؤيتها، وصورة خفية تحتفظ بهويته الطفولية. يشير دريدا إلى أن الذات تكشف عن تناقضاتها عندما تواجه انعكاساتها، مما يجعل القناع في النص هنا ليس مجرد وسيلة للإخفاء، بل هو قناع يكشف للآخرين جزءاً من الداخل رغم رغبة الشاعر في إخفائه[5].

 الإحساس بالاغتراب وقلق الموت: “البرزخين” و”أنياب القصاب

ينتقل النص في قسمه الأخير إلى الحديث عن الليل بوصفه فترة مظلمة يستعرض فيها الشاعر صوراً “للموتى والمفقودين”، ويشعر بوجوده “بين برزخين”، مما يعكس حالة من القلق الوجودي والمواجهة المستمرة مع الموت. يعتبر دريدا أن “الفجوات في الذات، كالتعبير عن البرزخ، هي مواقع تصادم بين الحياة والموت”. يظهر البرزخ هنا بوصفه مسافة تجسد الصراع الداخلي، فيعيش الشاعر بين الحياة والموت، وبين طفولة يحنّ إليها ونضج يثقل كاهله[6].

 العودة للذكريات والبحث عن الاستقرار في الطفولة

يختتم الشاعر النص باستعادة ذكريات الطفولة البسيطة كـ”كتابة اسمه بحروف البسكويت”، وهي إشارة إلى طفولة يحنّ إليها الشاعر ويرى فيها ملاذاً آمناً، بعيداً عن تعقيدات النضج. يمثل كرسي الحلاق الذي لم يعد يحتاج إلى خشبة تحت الطفل دلالة على أن الشاعر في حالة تنقل بين الذكريات والواقع الحالي. ووفقاً لدريدا، يعبر كرسي الحلاق عن الرغبة في التمسك بالذاكرة بوصفها جزءاً من الهوية المستمرة عبر الزمن .[7]

 ثالثاً: اللغة بوصفها بؤرة للتفكيك الدلالي

يستخدم الشاعر التركي اللغة لعرض ازدواجية الهوية بين الطفولة والنضج، وبين البساطة والتعقيد. نجد ذلك في استخدامه لجمل تعكس الطفولة من خلال كلمات بسيطة كـ”أبي” و”الطفل”، لكن هذه الكلمات تتغير معانيها داخل النص وتصبح غير متناسقة، مما يعبر عن حالة من التشظي. وبالنظر إلى كلمة “أبي” في أحد النصوص، نجد أنها تثير دلالات الحماية والذكريات، لكنها تشير أيضاً إلى الانفصال بين الماضي والحاضر، مما يجعلها كيانًا لغويًا مفخخًا يحمل صدى التباين بين الحماية والفقد. بهذا يصبح “أبي” ليس مجرد رمز للأمان، بل هو كيان يتناقض مع ذاته؛ هو الأب المفقود والأب الحاضر، مما يعزز تعدد المعنى داخل اللغة.

في أحد نصوص المجموعة، يكتب الشاعر:

أحتاج أن أضحك
علمونا أن الضحك يميت القلب،
وأنه قلة أدب
أنا طفلٌ يا الله،
أحتاج أن أضحك لينبض قلبي أكثر.

يوضح النص كيف أن الضحك، بوصفه فعلا طفوليا بريئاً، بينما يُعتبر في المجتمع سلوكاً غير مقبول، لذا فالشاعر يعبر عن حاجته للعودة إلى تلقائية الطفولة، رافضاً فكرة النضج التي تقمع تلقائية الضحك. من خلال مفهوم التفكيك، يمكن اعتبار الضحك رمزية للحرية، في حين يُظهر المجتمع عبر منظومته القيمية قيداً يقف ضد هذه الحرية. ووفقا لدريدا، فإن اللغة في النصوص هي موقع تتصارع فيه المعاني، بحيث تتفاعل العناصر المتناقضة للكلمات لتولد دلالات جديدة تعكس معنى الهوية لدى الشاعر كذات مزدوجة تنزع نحو التعبير عن طموحاتها الطفولية في عالم يرفضها[8].

تجربة شعرية تُعيد تعريف الذات

توضح قراءة ديوان كبرتُ كثيراً يا أبي للشاعر عبد المجيد التركي عمق تجربته في استكشاف مفاهيم الزمن والطفولة والنضج، كاشفةً عن صراعات إنسانية تتأرجح بين التوق إلى الماضي وثقل الحاضر. وتُظهر النصوص تمازجًا رفيعًا بين فلسفة الحياة والبساطة العاطفية، مستندةً إلى منهج التفكيك الذي يسبر التوترات الكامنة في اللغة؛ إذ تتجلى مواجهة الذات للذاكرة، والماضي للحاضر، والطفولة للنضج. تمكن الشاعر من إعادة تشكيل ذاته عبر كلمات نصوصه، مستعينًا بتقنيات التكرار والصور المجازية لتجسير الهوة بين العوالم الداخلية والخارجية، فيغدو النص فضاءً مفتوحًا يعبر عن حالة اللايقين العميق في الإنسان. وفقًا لنظريات دريدا، ظهر هذا الديوان بوصفه كائناً حياً يكتسب معانيه من تعددية قراءاته، ويغني بتفسيراته المتغيرة تجربة القارئ. تعكس مجموعة كبرتُ كثيراً يا أبي أزمة الهوية بأسلوب مفعم بالرموز، ليكون شهادة على قلق الإنسان المعاصر ورحلته في مواجهة الوجود بأسئلته الشائكة.

 المراجع

1.دريدا، جاك. الكتابة والاختلاف. ترجمة كاظم جهاد. بيروت: دار توبقال للنشر، 1998.

2.بتلر، جوديث. الذات تصف نفسها، ترجمة فلاح رحيم. بيروت: دار التنوير ، 2014.

3.هلال، محمد غنيمي. النقد الأدبي الحديث. القاهرة: دار نهضة مصر،1997.

الهوامش

[1] دريدا، جاك. الكتابة والاختلاف. ترجمة كاظم جهاد. بيروت: دار توبقال للنشر، 1998

[2]  دريدا، مرجع سابق

[3] دريدا، مرجع سابق

[4] بتلر، جوديث. الذات تصف نفسها، ترجمة فلاح رحيم. بيروت: دار التنوير ،2014.

[5] دريدا، مرجع سابق

[6] هلال، محمد غنيمي. النقد الأدبي الحديث. القاهرة: دار نهضة مصر،1997.

[7] دريدا مرجع سابق

[8] دريدا، مرجع سابق

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

متتاليات الرؤى واختلافاتها المتواترة في وصية الصلوي

أحمد الفلاحي   وصية بـــ ليس كــمثل قالوا البنات . ــ سوف ...