فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

واعدون

قــشّــة

نجاة شمسان

 

الكثير من شوارع القلب لا تحتاج إلى إنارة، حتى لانستطيع اختلاس النظر إليها، ونرى ما يُشعرنا بالمرارة، والخذلان 

كم كانت تحبس أنفاسها حتى لا تعبر رئتيها أقدام المارة، 

وتصبح عيناها شاطئا يكتظ بأجساد  وأشلاء متهالكة ألقــى بهم الموج كطعامٍ على رأس سنارة صيد،

وخاصرتها مرْمى يتلقى ركلات الترجيح، لتعلن الصفارة نهاية اللعبة و يتســلم أحدهم الكثير من الأعناق كأسا،

كانت تحاول أن تبعثر كل ما فيها 

 حتى لا تصبح الريشة الأخيرة،

التي يجب أن تُنتــف ليتدحرج الطير في قيعان الحياة،

ويتلقى صفعات الأيام وهو لا يمتلك حتى مجرد القدرة على الوقوف،

تعثر بصرها بأحدهم، وهو يحاول لملمةَ أوراقه التي تلقّت صفعة من الرياح فتبعثرت وتطايرت لتستقر في أيدي الكثيرين؛ ممن أخذوا يمسحون بها، 

ما علق  على أحذيتهم من قاذورات

و بقي هو ينظر إليهم بعينيه التي امتطتها صهوة السهر الطويل و صفرة الوجع. 

 

يا سيدي: هل جربت قبل الآن أن تكون يداك مسرحا يكبر على خشبته الصغار، ويموت الكبار، في مشهدٍ هزلي منقطع النظير؟

؛مسرحا لا يمكن إنارته إلا بأقطاب سالبة.

يا سيدي: كم كنت أشبهك قبل هذه اللحظة؛ يمــدّني الترقب ويجزرني الخوف حتى شعرتُ بأني قشــة يابسة     تارةً تدركها الرمال لتغطيها بالحصى  و تارات كثيرة لتمزقها على صحاري  الحياة الشاسعة.

لم يعد أمامي إلا أن أصكّ قدميّ على الصخور و أعبر فوق هذا الجسد الميت.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *