عن دار عناوين بوكس في القاهرة، صدرت رواية (أورفيوس المنسي) للكاتب علوان مهدي الجيلاني، (أورفيوس المنسي) اشتغال روائي على حياة الموسيقار السوداني اليمني ناجي القدسي (1944-1914م)، تسرد الرواية جوانب عبقريته الموسيقية، وانفلاتاته الفنية المذهلة، المتمثلة في عشرات الألحان مثل (جسمي انتحل، خلاص مفارق كسلا، أحلى منك، عشت الشقا، سلم بي عيونك، النظارة، الشيخ فرح، أهل المحبة، التينة، ليلة الميلاد، مهما هم تأخروا، تراتيل، حمام الوادي، البنفسج، معزوفة لدرويش متجول، يا قوت العرش، قايلك خلاص) وهي الحان تقف على قمتها أسطورته الخالدة (الساقية لسا مدورة). اللحن الشهير الذي يمثل أيقونة في الوجدان السوداني الجمعي. في سياقات السرد تبرز احتدامات المشهد السوداني، وما حفل به من زخم إبداعي هائل شمل الفن والأدب والثقافة والتطور الاجتماعي والسياسي في فترة الجيل الذهبي الذي تبلور بين مطلع الستينيات ومنتصف السبعينيات. حيث نجد أنفسنا أمام تفاصيل وخفايا لا تخطر على البال. ونحن نتابع الصعود الصاروخي للموسيقار العبقري، خلال فترة من حياته، لا تزيد عن خمسة عشر عاماً، قبل أن ندخل معه في التباسات كثيرة تتعلق بما وقع عليه من ظلم وحيف، نتابع مأساته وهي تتخلق في السوادان، وتتسع أثناء تنقلاته بين السعودية والعراق لتبلغ ذرواتها في اليمن. لكننا خلال السرد الذي استثمر تقنيات متنوعة، وتميز بالحرارة والجمل القصيرة. نتعرف على عشرات المبدعين السودانيين مغنين وملحنين وعازفين وممثلين وشعراء وكتاب وصحفيين وشخصيات سياسية، ونطل على مشاهد من الحياة السودانية،ربما لم يتطرق إليها أحد من قبل، وبالمثل يحدث ذلك ونحن نتابع حياة الموسيقار العجيب في السعودية والعراق واليمن. في الرواية حضور بالغ القتامة لعوالم الظلام والقسوة، التي مر بها الموسيقار العظيم والمعتد بنفسه، نعايش التفاصيل الصغيرة والصعوبات الغير مبررة التي عاشها ناجي القدسي مهمشاً ومعزولاً ومضطهداً بشكل لا يصدق مدة ثلاثين عاما في صنعاء. فقد خلالها شهرته ونجوميته، وتراكم النسيان المتعمد على كل إنجازاته. الإصدار الذي يقع في 574 صفحة من القطع الكبير يعد إضافة نوعية لمؤلفه الجيلاني، ولعناوين بوكس وصاحبها الكاتب والناشر صالح البيضاني.