فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

كتابات

في علاقة الشاعر بالسلطةوأنواعها المختلفة

محمد الهادي الجزيري 

 

في كتابه الجديد “الجريمة الثقافية في العراق- علاقة الشاعر والسلطة وانساقها المضمرة” الذي عرض بمعرض الشارقة للكتاب ويعرض الآن في معرض الدولي للكتاب، يطرح الدكتور حسين القاصد التحولات في الشعر وعلاقته بالسلطة ، انطلاقا من العصر الجاهلي إلى العصر الحالي وذلك ضمن “الشاعر والسلطة في التراث العربي”, إستنادا إلى تجربته الثقافية الطويلة كشاعر في الساحة العراقية ولكونه أستاذ أكاديميا في الجامعة العراقية.. موثقا كتابه بمصادر العربية والأجنبية.

ألف القاصد دراسته المذكورة من أربعة فصول، أشار في الأول الى”المهاد الاجتماعي: العراق بين سلطات الاحتلال والسلطة العشائرية ” ذاكرا العوامل الرئيسة التي أدّت إلى تدهور الثقافة العراقية و”انعدام الهوية والتفكك المجتمعي” في ظل تعاقب الاحتلال والدور الذي مارسته العشائر بوصفها سلطة.

ويذكر القاصد في كتابه ( لا نستغرب أن يكون من نتائج هذا التفكك والجهل المطبق أن يكون الشعب مواليا لكل سلطة ومعارضا لعدوّتها ثم يوالي الجديدة ويعارض عدوّتها, فالمجتمع عشائري, تهيمن عليه سلطة العشيرة للحد الذي يكون فيه الفرد مسلوب الرأي أمام كبير عشيرته، ومدير ناحيته، لذلك يعطي المواطن رأيين متضادين في آن

واحد).

أما في فصله الثاني، “أدوات السلطة في استقطاب الشاعر” ، يتناول الأسباب  التي نتجت عن التمزق الذي أصاب العراق خلال عصور الاحتلال والى تأسيس الدول العراقية الحديثة, فهو يقدّم الطريقة التي عملت عليها الدولة العراقية خلال الحكم الملكي وبعده لاستثمار الشعر والشعراء من أجل إضفاء ملامح لها, وذلك ضمن “الوظيفة والصحافة”.

ويقول في مقطع منها إنّ ” الشعر الذي كان يترع في القصور والحلقات الدينية بالمساجد, هو كان الوحيد الصالح للاستهلاك اليومي, وكان يقال لمدح الولاة ويقال في الموالد

والأفراح”.   وينتقل القاصد  في هذا الفصل إلى دور الشعر في التأريخ والأرشفة الذي عرّفه بـ”الشعر الوثائقي” وخلالها يطرح دور الشاعر في هذا الشأن.

ويرى أنّ “البوح الشعري في التوثيق هو بوح مغشوش, بل بوح ملقن, وهو يصل للشاعر جاهزا وما على الشاعر إلا أن يضعه في قالب وزني, لا يمت بانفعاله الخاص بصلة

, فقد نرى أن موضوع القصيدة لا يعني الجميع وما الشاعر إلا ناقل رسالة كلفته بنقلها

السلطة”.

اما في فصله الثالث “مولاة السلطة ومدحها” وذلك بذكر أشكال مولاة الشعراء للسلطة, عن طريق عنوانه “الشاعر وحب السلطة ” ، وأما الثانية  هو”شعراء المناسبات”, وبمعنى أنّ مدح السلطة يقبع خلف مسببات رئيسة يسعى الشاعر للوصول إليها، فهي إما أن تكون رغبة في سلطة أو غيرها يقدمها القاصد في كتابه مفصلة.

وعلى النقيض من فصله الثالث يتناول القاصد في فصله الأخير “معارضة السلطة ونقدها” ، فإلى جانب كل موال للسلطة هناك معارض لها، يطرحها المؤلف عبر حقب مختلفة من الحكم وهي “معارضة السلطة والاحتلال في العهد الملكي” و”معارضة السلطة ونقدها في العهد الجمهوري” كما ويقدم المؤلف الأسباب المفصلة للمعارضة أيضا.

 

ولم ينس القاصد أن يطرح أساليب الشعر المعارض الآمن خلال هذا الفصل تحت عنوان ” نسق الهجاء الآمن” ، فعن طريقها يسلم الشاعر نفسه من التعرض للخطر، فيقول القاصد ” تقبيح الخصم من أجل السلطة التي بيدها المال والجاه هو هجاء قد يعرض الشاعر للخطر اذا وقع في يد الخصم، لكن التقبيح (الهجاء) بعد تجميل (مدح) وحين يكون الخصم الممدوح قد زال, تماما, وتكون السلطة بيد من انقلب على ممدوح الأمس الذي جمله الشاعر، فإن تقبيح وهجاء الماضي يوفر رضا السلطة الحاضنة

للشاعر”.

ويقع الكتاب في 296 صفحة من القطع المتوسط , الصادر عن دار ومكتبة عدنان  للطباعة والنشر والتوزيع ، ونحن إذ نقدّم القراءة السريعة للكتاب الجديد نشدّ على يد حسين القاصد ونحرّضه على مواصلة البحث والتنقيب والإبداع لما فيه خير الثقافة العربية.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *