فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

لأنّي تلمّستُ عينيّ

ماجد مطرود

 

لأنّي تلمّستُ عينيّ

بينَ فحولةِ فاعلٍ, وأنوثةِ مفعول

السّماءُ  تقيّأت ْ ما لديها

المصابيحُ انزوتْ بحلمِها الآسن

والبحارُ ظلّت تدفعُ روحي ,

باتّجاه ِ الرّياح

الفُلكُ, قلت قد لا يحتمل ُ السّكون

لذلك, ومن بابِ التّجديد

حاولتُ أن أتبرّعَ بالدمِ

وذيلهِ

 

حينَ لمسْتُ الحروب بأعوامِها تركبُ الطّوفان

رأيتُها تَبِيضُ مِنْ كلِّ زوجينِ,  رصاصة

فوقَ كلِّ  رصاصةٍ, مدْرَسة

بدُخانِها, تُقلِّبُ الّلغاتِ والأطفال

بأجْراسِها الّحمراء, تغسلُ الطّبشورَ

ومُعلِم َ الّكلام

 

رأيتُها توزِّعُ الزّوايا وانْغلاقاتِها

تنسى الإشارةَ حين يصطدمُ الكفُّ بالكفِّ

أو حينَ تلتفُّ الأجسادُ على الأجساد

أمّا حين تصطكّ البيوتُ بالأقربين,

تتهاوى الجسو, تتيهُ السّماء

ويبتَهجُ الصولجانُ  بأدْعيةٍ

تصفّقُ لأقدامه ِ التسعين

العابِرونَ مَرِيءُ الله .. الجسورُ حِجابهُ الحاجز

 

مَنْ يُثبِتُ للشّمسِ فَمٌ ؟

مَنْ يُثبِتُ للكَلامِ حبالٌ مِنْ ذَهب ؟

مَنْ يَمْنَحُ الحمامة غصنها؟

أسئلةُ دوّختِ الورّاقين, صيادلة الأعوامِ, صنّاعَ الأساطير

جعلتني في الميزانِ شعرةً بيضاءَ واقفةً

بينَ فحولةِ فاعلٍ, وأنوثةِ مفعول

ببساطةٍ شديدةٍ, جثتي تفسّخت

قبل ان تتلاشى سمعتها تنطقُ:

ليس في التّابوت ما يوحي الى الله

 

هل أنا في الموتِ أم عليه؟

لماذا تحيطُني هذه الهلوسةُ الحكيمة؟

وحدي ..

اسكرُ خارجَ الموتِ

وأخرجُ من فمي مرتبكاً

النّفيّ :

بيتٌ يلمّ حياًمنَ الإثبات, هذا ما تعلمته الآن

الافتراض:

وحدهُ هو اليقين, هذا ما ستبرهنه الأيّام

الحقيقة:

بينَ النّحنُ المبعوجةِ بالشكِّ والذّاتُ الآيلِ للذّاتِ,

ستندمٌ الحياةُ حتماً  وتعضّ على اِصبع اليقين

 

كُلُ هذا..

 

لأنّي رأيتُ حينَ تقدّمتْ جحافلي علقماً,

رافعاً سهلَ البقاع,  يكتبُ آية ً لِداود

رأيتُ العبدَ يوهمُ الطّيرَ بتواضعِ الأقفاص,

رأيتُ مِن بينِ آلاف العيون, عينَ القنيقاع ترفُّ قلقاً عليّ

رأيتُ ستَّ أفاعٍ تسرقُ العصفورَ مِن شروده ِ السّكران

رأيتُ مِنْ تحتِ سود العباءات حائطَ المبكى  قافزاً,

مُختالاً بأسنانهِ,  فرِحا ً

رأيتُ جثّتي يبْيضّ شعرها يبْيضّ حاجبها,

وتسقط أسنانها كهشيم ِ مرآةٍ تهرّب المنفى بقوّة ِ المكان

رأيتُ التّاريخَ عملة ًمعدنيّة ً بيَد ِ الحوذيّ

مِنْ شدّةِ لمَعانها صارت نجمةً, تبيع ُ الهوى في حفل ِ الختان

التّاريخُ ونجمتُهُ, رمادٌ يسألُ النّاسَ الحِجارة

 

يبدو للرماد حنجرة تصرخُ, مملكة القرون تحت حذائي

رأيتهُ حينَ خبّأها بين إصبعين أصلعين

بين شاربين منتصبين تحت الركام

 

وكانت نارا ً تلحسُ النّارَ

هكذا..

الموتُ فراتٌ مُعلّقٌ في كفِّ ماجلّان

وهكذا..

برخاءٍ أكّدَ أنَّه الملمّعُ بالخراب

أنّه دهشة ُ البنتاجون, وحذاؤه

بقيتُ بصمتٍ أرقبُ الأرقام َ جارية ً

ومملكةُ القرونِ تهمسُ لي..

الرّقصُ مدْهِشٌ.. لولا نكهَة الّدُخان

 

كنتُ عارياً, حين لمحتُ بعينيها قطارَ الوقت

يحمل ُ على كتفيه ِأطنانَ الّذّباب

كنتُ عارياً حينَ رأيتُها ترتَدي النهرَ بقطْرَة الوحي,

وفراغ العبارة

وكنتُ عارياً حين تذكرتُ حكمتي ..

مَنْ تزرَقٌّ عظامه, يكونُ مقبرةً لديدان ٍتسكرُ بدَم ٍ جماعيّ

 

 

كُلُّ هذا..

لأنَّ اللهَ تصلّبَ ماؤهُ,

أحاطَ عينيه ِ الّورديَتينِ بعوسج ِ النّسيان

اختَزَلَ ثوبَهُ واكتفى بالسؤال

كلُّ هذا..

لأنَّ الإشارة َ أعلَنتْ موتَها

لأنَّ الثّقوبَ السّود تجذِبُ القلب َ وتربِكه ُ

كلُّ هذا..

لأنّي أودُّ أنْ أقيمَ عزاءً, يوحِّدُ الحزن َ فينا

كيفَ أقنِع طاوِلَتي باستدارتها؟

مِنْ أين َ لي أنْ أرتّبَ الأفعال بصيغة ِالجّمعِ الحميم ؟

مِنْ أين لي أنْ أجمِّعَ النّفايات, لِحروفٍ تعلّلتْ بأوهامِها

وهامتْ بِصيغة ِ المفرد, وانكسار الأسماء

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *