لينة عطفة
أنا الطّفلةُ التي تمدُّ ذراعيها إليك في الصورة..
وجهيَ الهذيانُ.. وردةُ النّارِ.. فتنةٌ كامنةٌ في لحظةٍ وحسب
فمي نصفُ إطباقٍ ونصفُ نطقٍ
لن تعرفَ أبداً ما الذي أريدُ قوله
تأمّل الأصابعَ الخمسةَ
إنّها منفتحةٌ لتأخذها أو لتبعدك..
العينانِ لا تنظرانِ إليك، لا تنظران إلى شيء
إنّهما تتخيّلانِ مشهداً..
عذوبةٌ تراوغكَ، تعذّبك، تحيلكَ ضباباً خافتاً
أنا الطّفلةُ التي تمدُّ ذراعيها إليكَ في الصّورة..
والصورةُ ليست بريئةً، التفاصيلُ تشي بأحلامنا
حدّق بالنبات الأخضر المنزليّ وظلّه الموحشِ على الحائط
حدّق بالوسادة المطرّزة بما يُشبه الورد
حدّق بوقوفي المائل..
إنّها ليست صورةً، إنّها مدينةٌ من الوهمِ
تمدُّ لهيبها الناشزَ إليكَ لتأخذك
…………………
من أنت أيّها الرَّجل؟
لستَ مارقاً
وجهكَ القاتمُ ينفرُ إليَّ من بينِ الوجوه
إنّها القسوةُ التي أحبّ
عيناكَ تحدّقان بي، نظرةٌ تُحيل الهواء رملاً
إنني أعرفك بحواسي وحواسِ النسوةِ الطالعات من دمي لينبضنَ بين ذراعيك
لا أقوى على الخوفِ في حضرتك، لذا لا أرفُّ بجفنيَّ
أنا سمكتكَ، أسبحُ في حوض خيالٍ بلّوري
وأراقبكَ في الصورة
اقبضْ عليّ بكلتي يديك وأخرجني من مائي
راقبْ تخبّطي في قبضتيك
راقبْ موتي ثمَّ ضعني برفقٍ على طاولة مكتبك
وابكِ السمكة الميتة/أنا
………………….
أنت صورةٌ في إطارٍ قويّ
كنتَ تلتمعُ داخل المعدن
لمعانُكَ أقوى منك، أصدّقُ اللمعان..
اللمعان الذي يغوي الأطفالَ والغربانَ
اللمعانَ الذي يُخفي الصدأ!
فراشةٌ رفّت قبالةَ النّار وابتعدتْ:
غادريه، غادري الرَّجل.
فحلمتُ بأنّي ملكُ الموت
كانت خطوات ذهابي ثقيلةً
وفي يديَّ قفصُ الأرواحِ وسلاسلُ المفاتيحِ والأقفالِ ترنُّ
صريرُ أبوابِ العدمِ وغربةُ العتم
وصوتُ حفيف ثوبي أجرجرُ أذيالهُ على الأرض
صوتُ العالمِ يتفسّخُ ويهوي
ثم صحوتُ ولم أجدْكَ في الصّورة
إطارٌ يحيط بياضاً باهتاً
نفختُ عليه لأبعدَ الغبارَ وإذ به يختفي!