فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

لا تذهبي بعيداً أيتها الحرب

صدام الزيدي

 

الحرب لا تعرف النهايات المعتادة
ولا تتوقف عندها فحسب
تذهب آلاف الأميال في ما بعد “إعادة ضبط المصنع”
ثم تنجز فرمتة ازدواجية لأدمغتي
ما يجعل من رأسي مجرد اسطوانة محمومة تتحفز للملمة المنفى
هي تفعل ذلك كي تثبت لي انها قادرة على تشريدي وعلى ما لم يخطر ببالي
عاندتها يوما
قلت لها: انت الخاسرة لأنك الحرب؛
فجأة شُلّت يدي وظلت عينيّ مفتوحتان وأنا نائم
تحديتها مراراً فخسرت
نازلتها مراراً فانجرفت روحي
طاوعتها مرغماً فوجدتني أنظم كرنفالاً للرقصة المجنونة
يااااه..
ايتها الملعونة: كيف تسللتِ إلينا بينما نكتب محمومين ولا توقفنا المآسي
ونفسبك حتى الفجر؟
كيف نزلتِ إلى دروبنا الملغومة مُسبّقاً؟
كيف ثقبتِ جرار القبيلة وعبأتِها بالرماد والبارود وطواحين النار؟
ايتها الشيطانة: كيف انحرفتِ عن السماء الثالثة وتطايرتِ أشلاءً بين أعيننا دون أن نعد العدة لأمسياتكِ المعبوءة بالتوهم والصقيع والوحشة والجوع والكوليرا؟
ايتها الملعونة في دمي
المقدسة في جيوب التجار وقطاع الطرق
تتظاهرين بأخذ قيلولةٍ قبل موعدها في جفون المرايا المعطوبة بعذابات الأسرى والمشردين
وترغمين الصحاري على الارتواء من تفاحتك اليابسة!
تنتظرينني كل مساء بعد السابعة مساء كي تبصقين رذاذ بارودك في طريق عودتي إلى البيت
المشهد مربك ويحيلني إلى الهزيمة في أعماق مدونتي
كطاحونةٍ من القرون الوسطى
أصابها الانشداد وانمحت كليةً.
لو أنكِ جادة حتى النهاية
لما أنت هكذا متناقضة وغريبة وبلا ضمير
لهذا تستمتعين بالتشويش على رقمياتي المصلوبة بأنينكِ المرعب
وينعكس الأمر على كل شيء أحمله بين أناملي وفي متون هذه النوتة التي أزرعها رغم مواتها.
تستمتعين بالتشويش على أدمغتي
وبدلاً من انجاز كل شيء في حينه الافتراضي
أكتب منشوراً فيسبوكياً كل ثلاثة أيام وأعود لأحذف تلويحته الأخيرة كل غمضة عين مغمورة بالأكاذيب!
أعرف انك عدوانية وتمارسين تشويشا لا احتمله
وليس بيدي ما أفعله….
اليوم، عصراً
كنت “أضف مقالةً جديدةً” قريبة من الروح
لكنك تحولين دون أن تنعتق قصيدة من أقاصي القطب المتجمد البعيد
أنا أكتب وأنتِ تعرقلين مشوار أبجديتي الغريبة واللانمطية
أنا أتوغل في فتح جبهات جديدة باتجاه فيس بوك
وأنتِ لي بالمرصاد
أنا أحلم بيومٍ واحد يكون إجازةً لي مع عائلتي التي أحب،
وأنت تسبقينني لتعطيل مشغل الأقراص البلورية حيث كنا نكنز أوراقاً نقدية أشبه بقطيع ماعز تطوحت من أعالي تلةٍ يحكم الشوك البري سيطرته على حوافها.
يااااه، أحلم كثيرا وتقاطعينني!
أفكر كثيراً وتسحبينني كلصٍ استهوته أحراش الفجيعة!
أدون ما تطلبه ابنتي الصغيرة في ورقة صغيرة كل صباح وألفها بعناية في مكان حيادي وآمن بالجينز خاصتي
وحين أعود عند الظهيرة
أزعم أن معركة هلامية نشبت على امتداد
طريقي ذهاباً وإياباً
وأن ممثل الأمم المتحدة اعترض موكبه طريقي
وأن سرب أنيقات ملفوفات بالأسود الماجن كن عائدات من الجامعة تسللن إلى وريدي
وأن “شجرة الزقوم” التي قرأتها في “مصحف محمد” قبل سنوات انتعشت من فائض وجعي وارتباكاتي فعادت للواجهة
ولا تود أن تعود أدراجها.
أيتها المخمورة: أعترف انكِ هزمتني وأستمتمع بملمح هذا النص مبتوراً وبلا نهايةٍ أقاوم بها برد هذا الشتاء
اعترف لك بالنجومية
وأفتش في معطف الأحجيات القديمات عن تميمة “صوفيا الأولى…..القروية التي حياتها تغيرت إذ أصبحت أميرةً وفي مدرسةٍ للأميرات………..”
لا تذهبي بعيداً أيتها الحرب.
ليس لي من تميمة
ولا يحزنون.
فقط أنا واحدٌ من رعاياك.

________________
١٧‏/١٢‏/٢٠١٧

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *