فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

أريد أن أقوم بعملٍ شجاع

صونيا خضر

أريد أن أقوم بعملٍ شجاع
أن أكتب من دون خوف
مثل أيام مضت
كنت فيها أسند ظهري على الكلام
ومن دون توجّس
أوقظ المعنى وروحي معاً
ليتناولا إفطارهما بالسرير
ليتوسدا روائح البلاغة
الخارجة من الحب..
ثم يترجّلا عن ظهر كل اللغات التي لا تقول شيئاً
إلى قلب اللغة الواحدة التي يتمّ فيها
كل ما جاء في الكتب..

أريد أن أقوم بعمل حقير
أن أتخفّى بزيّ ناسك فقير
وأصعد جبلاً كاملاً
لأجل أن أفشي سراً صغيراً
عن قارعي الأجراس
والحبال المربوطة
حول الحيوانات المتألمة
في أحشائهم
عن حرّاس زنازين العفّة
والنساء الهاربات من تلك الزنازين
إلى الإديرة العتيقة
حيث تُسلق قلوبهم مع الحجارة
وتفتّ أقدارهم
في أطباق الحساء
لأجل سماسرة الآخرة
والباعة المتجوّلين..

أريد أن أقوم بعمل إنسانيّ
لواجهات الشغف المغلقة
للخيل المتوقّفة عن الصهيل
للعربات المتعطلة قرب شارع أو أكثر من الحب
للمسافرين إلى مدن القطط
للعائدين إلى البيوت الباردة
للمتيقظين على الدوام
المعذّبين على الدوام
الشاردين على الدوام
الصامتين على الدوام
أفجّرهم
أحرقهم
وأقتلهم..

ثم أخرج إلى كل هذا الليل وحدي
أتسلّل إلى أزقّة العالم الغارقة بالظلام
أقرع الأبواب باباً باباً
والقبور قبراً قبراً
أراقب ذهول البيوت والخشب والشوارع
والأشجار والسيارات والصمت والأصوات
والموتى المستيقظون للتوّ
يستغيثون بي
ويأمنون جانبي
أنا الهشة حد الكسر
الصلبة حد الكسر.
أقلّب صور الحياة أمامهم
الدرّاق الذي ينضج على الشجر
الشعر المجدول مع الهواء
الموز المهروس في الأطباق
حبيبات القمح المحلّاة
الفساتين فوق الركبة بقليل
الأيادي الصغيرة فوق أصابع البيانو
حفلات التخرّج
فساتين الزفاف
والبدلات الداكنة على الأجساد المتفتحة للحب
أقلّب الصوّر في شريط فاضح
ولا أكترث للدمع الذي احتبس طويلاً
وسال متأخراً
أتراجع عن أمر قتلهم
وأتركهم ليموتوا وحدهم

ثم
أقف مثل فعل ردئ
في الركن المعتم
من المكان الموحش المضيء
ومثل شحّاذ حقير
أهزّ التنكة التي في يدي
أجمع طقطقات الخشب
والشتائم الساقطة
من الأرواح الساقطة
من همهمات الحطب
من العياذ برب العباد
من التوكّل على الهواء القليل
في القصب..
أفخّخ فيها قلبي
وأفجّره في رأس العالم.

_________________
*شاعرة من فلسطين

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *