عبدالله محمد الشميري
في اليوم المفتوح للفن
قرّرتُ أن أرسمُ شيئًا.. شيئًا مختلفًا وانطباعيًا
كلوحات كلود مونيه أو ردفان المحمدي
لم أمسك لوحةً ولا ألوانًا زيتية
فليس لديّ منها ما يفي بمطمحي..
فقط هيأتُ مخيّلتي واستحضرتُ صورة البحر
كان كبيرًا لدرجة انه صعب عليّ الإمساك بأبعاده
في لوحة ذهنية مؤطّرة..
ومع ذلك فعلت
كل ما في الأمر انني حفّزتُ فيّ
مخيّلة الشاعر والفنان معًا..
أغمضتُ عينيّ فتناهتْ إلى مسمعي
أصوات بحّارة خشيتُ أن أجمّدهم في لوحتي
فيما أطفالهم بانتظار عودتهم الوشيكة
فطردتُ فكرة رسم البحر من ذهني
ثم استحضرتُ صورة السماء.. السماء البعيدة
فنفرتْ مني كغزالة
ربما لأني لستُ جديرًا بما فيه الكفاية
لأتظاهر بما تكتنزه من طهر وصفاء
وظلّت رائحة البحر في أنفي تطوّح بي
واللون الأزرق يستوطن كياني
ويمارس عليّ سطوته وشغفه باللانهائيات..
فكرتُ أن أرسم شيئًا تجريديًا..
جمعتُ أشياء متناقضة
بعثرتها على اللوحة كيفما اتّفق
بما فيها هزائمي السابقة وأحلامي المؤجّلة..
ها هي اللوحة تأخذ طريقها للاكتمال
لكني لا أعرف هل وُفّقتُ فيها أم لا
أفكر أن أسأل صديقي هاني الصلوي عن ذلك
في ما بعد
فهو تجريدي من طراز نادر
.
.
ها هو اليوم المفتوح للفن يشارفُ على الانتهاء
ولم أنتهِ من لوحتي بعد..
عندما رسمتُ وجهًا بملامح باهتة
أطلّ من داخل إطار اللوحة
مُحدّقًا فيّ بلا اكتراث
ظننتُ لوهلة انه سيبصق في وجهي
غير أن حظي كان قد قادني
لرسم حمامة بيضاء
كانت مُبهجة ولطيفة
ولكن قبل أن ألطّخ جناحيها بقليل من اللون الأرجواني
كانت قد طارتْ مغادرةً اللوحة
وتركتْ مكانها سؤالًا مؤلمًا:
أما آن للحبّ أن يهزم الحرب؟
____________
*تحية لكلّ من شارك في اليوم المفتوح للفن بالتزامن في أكثر من مدينة في اليمن وحول العالم انتصارًا لمبادئ السلام والمحبة والتعايش التي يجب أن تسودَ البشرية.
*استلهامًا من فعالية لنادي القراءة بالحديدة، اليوم المفتوح للفن، الخميس، 15 آذار/ مارس 2018
تصوير: علي البُرعي.
جدار مستشفى دار السلام للأمراض النفسية والعصبية، الحديدة.