فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

بعد أن تكتب نصاً رديئاً

إبراهيم بجلاتي

 

١-
بعد أن تكتب نصاً رديئاً
تذكر
أن “هوميروس العظيم يغفو أحيانا”
وتذكر أيضا
أنك قرأت هذا في كتاب
غلافه أحمر
عنوانه “مجنون السرقة”
لمؤلفه المجري
ديسزو كوستولاني

٢-
جاهل
وثرثار
يفرح بأي شيء جديد
ويقف طويلا
أمام جملة كهذه
كأنها
جبيرة
بيضاء
يدفع بها الناس عن روحه
ويكتب عليها الأصدقاء للذكرى
كأنها شجرة
وكأنني حائط
كلهم فعلوا
الا واحد
يعيش الآن في نيوجيرسي
كان يجلس على الأرض
بين مكتبي
وسريري
يبكي بحرقة
ويقول لي:
الجوع كافر
وأنا حيوان
واقف
على سُوَر الحضارة
أهز ذيلي
ومن ورائي
ينبح الليل
كله
وترتبك العلاقة
بين الفضيلة والغرائز

٣-
كلما قرأت لكاتب ياباني
وجدته مات منتحرا
وكلما قرأت قصة جميلة
وجدت أن صاحبها
مات صغيرا
في عروة قميصه وردة
وبين أصابعه
مائة عام من تشريح الميلانكولي
ومن البحث عن الذهب والجراثيم

٤-
كوستولاني
حصان أسود لامع
بزوجين من الجوارب البيضاء
معجباني
يجيد الرقص
منفردا
ويجيده أكثر
إذا نام على ظهره عاشقان
كوستولاني
طبيب أطفال
يصاحب الجينات
ويتبع قانون الوراثة
حتى آخر عقدة بين البروتين والسكريات
كوستولاني
عائلة كبيرة
موزعة بين اليهود والكاثوليك
بإمكان أحدهم أن يعبر
بسهولة
من تاريخ الفن
إلى البورصة
أن ينجو من فقاعة التمويل العقاري
ويفوز بوسام الشرف الفرنسي
في نهاية السباق
كوستولاني
قرية على الطريق
أو منتجع سياحي
ديسزو
لم يولد هناك
له اسم يشبه اليابان
ورغم ذلك لم ينتحر
مات في الخمسين تقريبا
دون ألم أو صراع
صحافي
يكتب الشعر والرواية والقصة القصيرة
رواقي
لا يثق في الجنس البشري

لا أستطيع أن أقول: وأنا أيضا
فأنا كلبي أحيانا
إذا لم أجد ما أعضه
عضضت نفسي

٥-
في كل حب قدر من البهجة
وشيء من خامة اليأس
وأنا أهرب
أعرف أنني أهرب
من الرابسوديات في الليل
من العزف الشيطاني على البيانو
لفرانز ليست
ديسزو
عاش في بودابست
وحبيبتي أيضا
خمس سنوات
على ورق
وقتها كان في الأرض سعاة للبريد
لا يفتحون الرسائل
لكنهم يعرفون
كيف يكون الواحد منهم
رسولا
بين عاشقين
لم أكن أعرف أنها اتحاد مدينتين
وبينهما يرقد الدانوب
ولا اعرف حتى الآن
هل كانت تعيش في بودا أم في بست
لكنني أعرف أن النار إرث عائلي
هو يحرق الكتب
وأنا أجمع الرسائل
في طست
أشعل النار
والحيوان الجائع
الذي يعيش الآن في العالم الجديد
شاهد عليٓ
لم يلتفت للوراء
ربع قرن بالكمال
وأنا كتبت بعدها أو قبلها
نصاً كلاسيكياً عنوانه: الورقي
لا أذكر منه الآن غير سطر واحد:

اسحب خيالك من هنا
دوسي عليه

ثمة علاقة اذن
بين الرواقي
والورقي
الفارق غالبا
أنه مات
وأنني
مازلت
أمشي
النار في قميصي
وخطوتي مطبوعة
في الوقت
أو في الرماد.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *