فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

شعر حر

نزفٌ بريء

سعد الدين شاهين*              

 

نزف على الأطلال دون دم يراق

ما جاء بي فرس هنا لأجوس بالمعنى ديارا كنت وارثها 

ولا ركبت قوافيَّ المراكب دون لجته

  وطار بي البراقُ

 

هذي المنازل خرّ فيها ساجدا  

رهط ٌ تناسل منذ أول حاطبٍ في الأرض من أهلي

وما درسوا على أطلالها سغبا ولا ظمأ

ولكن الذي بين الحجارة ما تفسره المدائن 

حين يستشري على دميَ الشقاقُ

 

كنا نُسيِّرُ  للقوافل رحلتين إلى دمشق  ونحتمي بقريش

لا حدّ  يحولُ… ولا الطريق تُساجل الطراقَ مبتدأ القصائد حين يصفو  الاعتناقُ

 

في الصيف  نروي الخيل من  بردى

 و نتبع ظل غيمات الرشيد من الأقاصي       

 حين تهطل في العراقِ  وتستغيث بها  شآمٌ  و العراقُ

 

كانت لنا اليمن السعيد نشيدنا ” لا بد من صنعا “

وإن طال الطريق وأبعدتنا العاديات 

وحيثما حلت رواحلنا 

 تكون القدس في المعنى     ويسبقنا الرفاقُ

 

 

“لا بد من  صنعا ” 

وإن طال الطريق بنا وأعيتنا حروب الأهل 

وانفرط الوثاقُ

 

شدنا لها الخيمات متكأ على الأبواب 

أدمتنا المهاجر والأناشيد التي كانت تحث بني العمومة 

   كلما اشتد الهجير بأن يغذوا الخطو

 في قصبٍ  ويخذلنا السباقُ

 

ردمٌ على أطلالنا بين المنافي

 لا خيل ترمح في الخلال إلى مرامي الخصب والمحيا      

ولا نقعٌ سوى ما يعتري  النزف المريع َ   بلا خطايا  

يستبيها الإحتراقُ

 

في أول الخطوات  كنت أمر بحثا        

عن  خطى  مهجورة لأبي 

ودم على هذي الحجارة  من غيابته تمدد  و استفاق 

وما أهلي استفاقوا

 

    ++++++++++++++++

               

ليست  كما شدنا    قديما من حجارة تلنا العالي 

لنرقى في المآسي  ذروة  الغضب 

                                 

في كل ناصية أعاين شاهدا بين الركام 

 فأنحني كالعائدين من القتال بدون خارطة 

ولا لحنٍ أخيرٍ للرجوع كغاية الشهداء  

حين تهاجر الأوطان في الخطبِ

 

فلا منجى لمن     في عتمة الأنفاق قد سهدوا

 ولا عزف على ناي من القصب

 

فوجدتني أنصاع للمغزى الذي قد فتت الصخر

 وجاب السيل والوادي

 وشاد هنا مدائن من  لهيب فوق ترقوتي 

وأعلن في الملا… طلبي 

 

ووجدتني من غير  ضائقة 

أفر إليّ مغتنما ملامح فارس عربي

 

 فلم أعثر على لغة 

تفسر لي مصابيح الحروف المطفآت   على نقوش الصخر

منذ اشتد بي صخبي

 

ووجدتني  في السر مكتملا

 كتمثال على الأطلال أعيته    الفحولة 

 فانتحى للصخر  يستمري الخلود

 فما قضى وترا

 وأوقد في دمي حطبي 

 

 وأنا الذي نحت الحجارة 

 واستطال على الدروب مُفاخرا  قمم الجبال

 وسوءة الأنفاق والظلمات 

والدول التي بادت ممالكها

ولم يخلد على أنقاضها  من زيفوا كتبي      

 

هذي الخطى.. أوشام  أجدادي  الذين تقاطروا وجعا على غبرائها

 فاستمطروا فينا الحنين

 وما همى في الذكريات سوايَ 

متكئا على أرض اذا مادت بنا قلنا 

تهادى موكب  الشهداء والنجبِ

 

وهنا بقايا الروم والإغريق

 لا نار ولا قبس على الأطلال 

لا قزخ يبشر بالغلال وبالمواسم

 فالبيادر غاية الجوعى  إذا يبست مرابعهم 

وجف  الماء في السحبِ

 

لمن النياشين والأنواط  حين   القوم

جمهرة  الغفاة  يؤمهم سغبٌ

بلا  سخط ٍ  

وقد ضاعت على شرفاتها المدن العسيرة فجأة 

من غير ما  حرسٍ   ولا سببِ

 

واستصرخ  الأقصى بنيه  فما استجابت مثل عادتها شآمي 

 ثم أخفت هدبها 

واستعصمت من نارها حلبي

 

 

قدر الغريب وقد  طواه البين واستمرا  الغياب  عن العشيرة 

ثم ما لبث الرجوع  يقيم للأطلال مبتهجا  كمبتهج

 الذين استقطروا زيتونها    واستعصروا     عنبي

 

 لم  يَروِهِم  مائي على عطشٍ  

 وقد ثملوا   على نزفي وقالوا 

  أمة سادت    على  الحقبِ؟؟

 

ما كان يمكن أن تبيد عروبتي 

وأنا القراءة والكتابة وانتشاء الضاد عدنانية  

الأرجاء تلمع فوقها شهبي.

                              _________________

*شاعرٌ فلسطيني مقيم في الأردن

نائب رئيس رابطة كُتّاب الأردن

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *