عبدالغفار العوضي
ليست شجرة توت،
تلك التى تسلقتها طفلا
لأسرق جزءا ضئيلا من فاكهة العالم،
شجرة توت ..تلك التى تشبه ملامحنا المهزومة فى مقاومة سابقة؛
تعبت ركبتاها من صلابة الوعى
دفنت جذورها فى أرض بعيدة ..نسيت كيف تضلل غواية الريح التى تسترق سمع خوف نبضها العميق..
تركت توتا أبيض،
تركت لمس أصابعى على غصونها الهشة..
تركت طفولتى هنا
توتا شهيا لم يأكله أحد!
؛
الشوارع
تشبه عروق اليد/
لا أعرف كيف تنتهى نهايات تلك الشوارع التى لم أجرب يوما معرفة مصيرها
وأنا ألعب لعبا حرا يحرر هشاشة الجسد الطفولى من ثقل عظام الوقت.
شوارع ..
تشبه اليوم،
نهايات أعصاب مبتورة..
لذلك،
لا أعرف من أين يأتى الألم،
أنا لم أستسلم أبدا فى حرب
شاهدت موتى كاملا آلاف المرات
لم أحاول إعادة مونتاج تلك اللقطات الدرامية التى تفقد دهشتها مع نزيف الوقت
السينما تبقى اللحم البشرى دافئا داخل كهف التعفن البطئ
لأن الألم يشبه التوغل داخل استسلام عميق
يشبه أن تترك ماء يغرق كل الذاكرة
ولا تبقى سوى رائحة الغرق الغامضة التى تمدنى بالخوف..
باشتهاء خلق كل العناصر
من ملح المحو.
الشوارع تشبه نملا أعمى يمشى داخل مدن العين!
لذلك،
أهرب داخل الانتماء للأشياء المفقودة:
وردة حقيقية /لا تشبه قبلة سينمائية تحاول استعادة عالم خارجى زائف.
طفل /يعرف أن السماء جد عجوز يقود غريزتنا لخلاياها القصوى.
إمرأة /تشم عرق العاطفة على عظامى المتعبة.
مطر /
كف عابر يطرق النافذة
ويرى خواء الجذور.
المشى داخل العمى الكلى للذة
حين تمنح للموت اسما آخر
لذة الانتماء للأرض العجوز
كحبة تراب
من طفولتها القديمة!