ريتا الحكيم
أنا المُوقّعةُ أدناه، أقرّ وأعترفُ أنّني لم أكُنْ يوماً أنا.
تسكنُ جسدي امرأةٌ أخرى لا أعرفُها، تُفكّرُ عنّي وتقولُ لكم صباح الخير، معَ أنّني حينَ أستيقظُ أكونُ في مِزاجٍ حادّ وأميلُ إلى صمتٍ يشبه الموتَ.
أنفاسُها تلفح وجهي، وتشلّ لساني، قبضةُ يدِها الحديديةُ تُطبق على شفتيّ، كلما أردتُ البوحَ بما تيسّرَ مِن أحلامي.
لمْ ننسجمْ يوماً، على طرفيّ نقيضٍ، نقفُ بكاملِ أسلحتِنا، على أُهبِةِ النّزاعِ.
أركلُ العالمَ بقدميّ الصّغيرتيْنِ
أغربلُ السّماءَ
لأجدَ مُتّسَعاً لجُثثِ الأفكارِ
أتقنُ البُكاءَ على مَوتي
على حُزني
وفَرَحي
على ازدواجية العالم
حين يتّهمُني باقترافِ الحُلُمِ
الخيالُ جريمةٌ لا تُغتفر
والحُبّ أيضاً
العبورُ إلى الطّرفِ الآخَرِ رحلةٌ شاقةٌ، الاتجاهُ الواحدُ فيها ممنوعٌ، في كلّ خطوةٍ خيبةٌ، تليها أخرى وأخرى
ودمعةٌ تسيلُ على ضفتيّ الطّريقِ
الطّريقُ غارقٌ برذاذِ سوائلِنا
يلومُنا ويُحمّلنا مأساتَهُ
بأحذيتِنا المُهترئةِ
ندوسُ على ظلالِ المجازاتِ
ونتوهُ فيها
كأن نصمتُ وسطَ ثرثرةِ الطّغاةِ
ونثرثرُ في الجنازاتِ
كلنا وُلدنا مِنَ الأوهامِ
تربطُنا بها أواصرُ خوفٍ قويةٍ
خوفٍ مِنَ الآتي
مِنَ الحاضِرِ والماضي
مِنْ مسوداتِ حياتِنا
من كوابيسِنا
وحتى مِنْ أنفسِنا.