فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

الأعواد الصغيرة

فتحي عبد السميع

 

نَكْرَهُ أفواهَكم
نحْنُ الأعوادُ الصغيرةُ
سَئِمْنَا مِن تَنظيفِ أسنانِكم بِنَا.

لا تهددونا بالسِّلْكِ الكهربائي العُرْيَان
أحدُنَا ماتَ مصعوقا.
لا تتحدَّثوا عن القضبانِ الحديديةِ والفَلَنْكَات
أحدُنا نَطَحهُ القَطارُ، فَطَارَ، وَحَط، وامتلأتْ أعضاؤُه بالزلَط.
لا تتحدَّثوا عن الفراغ
أحدُنَا جَدَلَ مِنه حَبْلا
وصارَ يَتأرجّحُ حتى أنزلْنَاه
وهَشَشْنَا عن عينيه الذبابَ الملوَّن.

تَختلِطُ علينا السُّبُل
فَنُطِلُّ على أصابعِكم
لنَذْهَبَ باطمئنانٍ وثِقة
إلى عَكْسِ ما تُشيِرونَ إليه.

لا تُحدِّثونا عن فَضيلةٍ حتى لا نشتمها
احتَرِموا مُقدَّساتِكم
لماذا تفردونَها أمامَ أحذيتِنا؟!

كيف نُصغِي إليكم
ونحْنُ مَنهمِكونَ في نَفْضِ دُودٍ يَتطايرُ مِن حَناجِرِكم
ويَلتصِقُ بوجوهِنا وأرواحِنا المكشوفة؟

نَعرفُ أننا مُغفَّلونَ
يا مِن عَضَّتكم الحياةُ مثلَنا
وسَرَى سُمُّها في نفوسِكم.
حُكمَاءُ وتَعرِفون كلَّ شيء
سِوَى أنَّكُم مُغفَّلون.

يُمكِنُ أن نَتفِقَ على حُرمةِ الطريق
وغضِّ البَصَرِ عن عوراتِ الآخرين.
افْعَلوا مِثلَنا وتَجاهَلونا
حتى لا نَفرمكم بدرَّاجاتِنا الناريةِ
ونحْنُ نَفِرُّ إلى الخلاء.

صَدِّقونا
لا نُفكِّرُ إلا في وضْعِ بَصَمَاتِكم
على سِلكٍ كهربائي عُرْيَان .
لا نَحلُمُ إلا بِرَصِّكُم فوْقَ الفَلَنْكَات.
ولا نَشتهي سِوَى النَّظَرِ إليكم
وأنتُمْ تتأرجحونَ إلا مالا نهاية
وكلما امتدتْ أيادينا
ـ لِتَهُشَّ الذبابَ عن عيونِكم ـ
قَطعْنَاها.

 

*من ديوان “تمثال رملي”..

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *