فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

كما قهقهات تفيض من خيمة سيرك

فدوى الزياني

 

لعله يوم جديد
أصبح من الضروري
أن أمسح وجه الزجاج لتدخل الشمس
أمشي في الشقة بخطوات ثقيلة
مثل راهبة في قداس
أحمل ورقة نبتة البوتس ميّتة بين أصابعي
ألقيها بلطف من النافذة مثلما تسقط من شجرة
سأنسى حتما كل ما مرّ بي من سوء
لو أسقُطُ خفيفة مثل هذه الورقة
هذا ما أكتبه في الليل
بينما أعلام القلق ترفرف في أوقات متأخرة
من المفروض أنها أعلام سوداء
لكنها تصبح بيضاء لغرض في نفس الشاهدة لو أن الأفواه التي تبكي على موتاها
تضحك كثيرا
تضحك عاليا فتخرج الضحكات طائرة من المقبرة
كما قهقهات تفيض من خيمة سيرك
لدينا ما يكفي لنقهقه من سخرية المشهد
الجسد الملفوف الذي يشبه سيجارة مكسورة
لم ينفعها ترميم الأصابع
سيودعونه في حفرة بحجة تكريمه
ستكون وسادته الوثيرة حجرا
حجر صغير رمادي يحمل كل تعاساتنا
الحجر الضئيل صندوقنا الأسود
يعرف ماذا سيحدث بعد
وحده يعرف ما وراء شاشة العرض
حين يصَّاعد تتر النهاية
لا موت يكتمل إلا حين تسيل حياتنا
مثلما يسيل الماء من جرّة مكسورة
بأبطالها بممثليها الرئيسيين و الثانويين
بكومبارسها و احتياطيها
بكاتب السيناريو
بفتى الشاي و القهوة
لا موت يكتمل
إلا حين تصبح جثاميننا
لقمة سائغة في فم دودة
أو بين منقاري غراب
أو بين زعانف سمكة
هكذا تكون النهاية دائما
في حيوات أخرى بأدوار أخرى
و لا حقيقة على هذه الأرض سوى الموت.
لم يعد يعنيني ما يحدث في هذا العالم
و لست على هذه الأرض لتسلية أحد
هذا ما قلته لزوجي طائر البادجي
قبل أن أطلق سراحهما
هكذا قلت لي
قبل أن أغرق في بركة من التعاسة
لم يعد بإمكاني الادعاء أن كل شيء على ما يرام
و أن من يعيش خارج الجدران
كمن يعيش داخلها
لم يعد بإمكاني الأكل واللعب
والتغريد والغزل و التزاوج
لم يعد بإمكاني تخصيص جزء من النهار لأخذ غفوة
بعض السكون لهضم الطعام
و هرهرة العصر مثل قطة مدللة
لم يعد بإمكاني متابعة الأخبار الموسمية
على صفحات الأصدقاء
البروفايلات وجوه منهكة مثل باعة
في سوق شعبي
القصص زائفة كتلك التي قصصتُها على صغاري
لإقناعهم بغبطة الحقول و عنب الحياة
لا علاقة لي يما يدور خلف الكواليس
أنا الهبائيّة
الهبائيّة للغاية
وحدي سأقهقه إلى مالا نهاية
عندما ينهار فوق رؤوسكم هذا العالم
لم تعد تشغلني الفكرة
الخطيئة تصيبك بالندم قبل فعلها
لم أعد أفرح
لم أعد أحزن
كل نهايات الأفلام تتشابه
كذلك نهاياتنا
لا أكسِر بكائي في الكأس
الكؤوس مثلنا تنوء بحزنها
لا أتعجّل الثمالة
النبيذ كالوقتِ يُشرب على مهل
و لا آمن بشاشَة الحياة
الموت أيضاً تُغريه الوجوه الباسمَة
لا أؤمن بالموت أيضاً
لكن سمكتي الصغيرة رحلت هذا الصباح
لا أؤمن بالشِّعر لكن شَعري يتساقط بغزارة
كلما حاولت كتابة نصٍّ جديد
الشيء الوحيد الذي أؤمن به هو أن للحبّ
أقداماً عملاقة و ثقيلة
و قلبي هذا الأخضر
يشبه سهلاً رطبا مليئاً بالحفر.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *