فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

شعر حر

لم أَمْتلك إلّا الذي يكْفي

مهنّد ساري

 

لَمْ أَمْتلِكْ إلّا الذي
يكْفي من العَضَلاتِ،
ما يكْفي فقطْ
لأَشيلَ عِبْءَ الكائناتِ
وجَرَّةَ الغازِ الثّقيلةَ../

لم أَكُنْ بطلًا قويًّا مثْلَما تَهْوَى الملاحِمُ
في النِّهايةِ صرْتُ أَوْهَنَ :
لمْ أَعُدْ نارًا تَشِبُّ ،
[ ولم أَعُدْ ما كُنْتُهُ.. نَفَسًا وزَنْدا ]
.
.
لكنّني ما زِلْتُ أَضْحَكُ للحياةِ /
أَنا هُنا بَطَلُ ابْنتي ،
[ ماذا أُريدُ من البُطولةِ
غيرَ هذا المَجْدِ.. مَجْدا ؟!]
.
.
ماذا أُريدُ من البطولةِ غيرَ أَنْ أَدنو
وأَرْفَعَها لأَعلى أَجَلَ تَضْحَكُ ؟/
[ تضْحَكُ الدُّنيا
لِضِحكتِها.. وتَنْدَى ..]
.
.
لمْ أَمْتلِكْ إلّا الذي يكْفي
من الكَلِماتِ..
ما يكْفي فَقَطْ
لأَكوْنَ مثْلَ الطّيْرِ…
ها حطَبي قليلٌ مثْلُ ناري ،
أنت أَدرَى يا جناحُ بِخَفْقَةِ الإيقاعِ
جُزْ بي حَوْمةَ الموتِ الأخيرةَ في السّماءِ
لكي أَكونَ كلامَ قلبي كلَّهُ في
الأرضِ
[ لا مَنْجَى من الكلماتِ ،
حيًّا كنتَ أَمْ ميْتًا، ولا
مَعْدَى !]
.
.
اللّيلُ أَطْوَلُ من حياتي فيه..
يَرْفَعُني الكلامُ إلى حِفافِ الضَّوْءِ
حيثُ هناكَ أَحْيا في استعاراتي
وأَقْرَأُ لابنتي شِعْرًا، وأَسْأَلُها :
فَهِمْتِ؟
تقولُ: شِعرُكَ غامضٌ
لكنّ حزْنًا صافيًا في مائهِ النّبَويِّ
يُبْكيني..
[ وتَبْكي ، مثْلَما أَبْكي ، ولا تَهْدا !]
.
.
لم أَمْتَلِكْ إلّا الذي يكْفي منَ
الصّبْرِ الجميلِ على تَفتُّحِ زهْرةٍ في
الصّخْرِ :
عِيشي حرّةً يا بَتْلَةَ الأَنْداءِ
– لو فَصلًا يتيمًا في الحياةِ –
ولا تَمَنَّي في مفاوِزِها الخلودَ
وعانقي الضّوءَ الذي يأْتي حنانًا
[ يُشْبِهُ الشّهْدا]
.
.
عمدًا تَرَكْتُ قصيدتي هذي
لعشرِ سنينَ.. عَمْدا
قد كنتُ أَخْتَبِرُ الحياةَ وبئرَها
وأَذوْدُ عن ضَعْفي بها.. ذَوْدا
.
.
والآن قد كبرَتْ خديجةُ
لمْ أَعُدْ بَطلًا لها /
انْشَغَلْتْ برفْقَتِها من الفتياتِ ،
بالمكياجِ والصُّوَرِ الجميلةِ في “أَنِسْتغرامها”
أَوْ بالأَغاني الأَجْنبيّةِ …
لَمْ تَعُدْ تُصغي لشِعري ،
للكناريِّ الذي يومًا أَحَبَّتْهُ
كذلك لم تَعُدْ تَبْكي لأَيّهِما… !
أَنا لكِلَيْهِما أَبْكي /
[ ولي نفْسٌ
تَساقَطُ كالنّدى.. وَجْدا ]
.
.
لم أَمْتَلِكْ إلّا الذي
يكْفي من الذّكْرى
أُراجِعُها حنينًا
لا يُفَسِّرُ ضدُّهُ الضِّدّا /
هذا وأَكتُبُها هُنا
[ وأَعُدُّ حَسْرَتَها
على القُرّاءِ … عَدّا ]

 

شتاء 2017

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *