محمد مركح/ السودان

الصدأ يمتص حليب مالم تفهمه منذ الولادة
كالحياة التي تنفرج لك في هذه اللحظة بالتحديد
و لا تعنيك في شيء

ترسم على الرمل ما احتشد داخلك من الحيرة

ثم تسأل نفسك
هل يحبك الله ؟
أم أن المرأة التي هجرتك
لأنها فشلت في أن تجعل منك رجلا سعيدا
كانت تحبك أكثر منه ؟!

منذ البداية اخبرتك
بأنها تفضل رجلا يحلم قليلا
و يعيش كثيرا

كنت معاقا بالأمل
و أنت تعد أمك
بأنك لن تواجه الحزن وحيدا
بل بامرأة لا تمل من العناق

لا أحد غيرك يفهم سر الساعة المتوقفة
و التي تضعها على يدك اليسرى
فدقائقها التي لم تعشها
استنفذها صياد عجوز خاض معاركه ضد ذئاب فتية

كل الذين اساءوا تفسير ما قمت به
احببتهم
فأنت تقاتل
لكنك تخسر
تمضي الأيام بلا شغف
أو صوت داخلي يرشدك لنبعك الحقيقي
و الأحلام القديمة
تنكرت لطعم النبيذ في اللقاء الأخير بينكما

الأواني الزجاجية شاخت من الانتظار
و هشمت نفسها لأن أحدا لم يعد يستعملها
تتجاهل احتجاجها بالاستماع لموسيقى ” الراعي الوحيد ”

لا فلوت زامفير و لا الأواني المهشمة
كانا يدركان حنينك لضحكة أبيك و أخواتك الخمسة في العشاء الأخير و أنتم تتبادلون نظرات رقيقة
ليبدأ بعدها كل واحد منكم رحلة لن يعود منها

إحساسك مريع في هذا الوقت
ما تعانيه الآن لايشبه اليأس
هو أقرب للمرأة التي وجدتها في طريق عودتك للبيت
مغرية و مثيرة
رغم ذلك تقززت من فكرة الاقتراب منها
حتى في الخيال

صرت ضامرا
لأنك تعلم أن لا فائدة من الحضور بعد الآن

قلبك يتجاسر على الموت بالشعر
يقامر بنبضه ليحيا في الكلمات
هكذا ستنجو من النسيان
بقصيدة كتبتها في امرأة تهزمك دموعها كل مساء

بالأمس رأيت ياسمينة تقاوم الذبول
بتمرير رائحتها لياسمينة بجانبها
بمثل هذا العطاء و السخاء
تمدح الطبيعة
و تصمد في وجه الانطفاء و التواري
لا تعرف كيف
لكن ما رأيته يستحق التأمل و الاستغراق

حاول السفر لمكان ما داخل ما اهملته
لعلك تجد أكثر من دافع للإستمرار
كشرب اللبن من ناقة سائبة
أو مساءلة الوجود تحت ظل سِدْرَة
أو التعرف على امرأة ريفية

ما تعيشه الآن يسحقك بلا هوادة
و أنت الذي لا تثق بالزمن
صرت تراهن على إحتمالات محرقة
و الهوامش ضيقة لصنع محاولات أخرى
تحاول
ليس من باب المقاومة
بل لأن للحياة ديونا عليك
و لابد من الإيفاء بها..