فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

كتابات

أجنحةُ الصحافي

وجدي الأهدل

 

مع إطلالة الألفية الجديدة، ظهر على الساحة صحافيٌ شاب مختلف عن الآخرين، يُعلق على كتفه حقيبة، فيها آلة تسجيل وكاميرا، وحزمة أوراقٍ وأقلام، وأطناناً من الثقافة الموسوعية، وفي الجيب الداخلي الصغير، كان يُخبئ إرادة فولاذية لشق طريقه نحو الإتقان والاحترافية العالية في مهنته، التي أحبها من شغاف قلبه.
هل نجح هذا الصحافي الذي تخرج من كلية الإعلام عام 1998 في الوصول إلى غايته؟ الجواب “نعم” وبكل ثقة، لقد فعلها أحمد الأغبري وأصبح من ألمع الصحافيين اليمنيين، وغدا هو ذاته نموذجاً للصحافي النجم، الذي يُضفي على مهنة الصحافة هالة من الهيبة والمجد والشرف.
ويأتي كتابه “أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة”، برهاناً ساطعاً على المكانة الرفيعة، التي يمكن للصحافي المثقف، أن يشغلها في قلب المشهد الثقافي.
يضعنا كتاب “أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة” مباشرة في تفاصيل واقع الثقافة اليمنية المعاصرة.
نحن هنا أمام ظاهرة مختلفة: مؤلف الكتاب هو شخص مثقف، لديه الكثير من التساؤلات، لديه شغف صادق -وليس مفتعلاً- بالفن والأدب والفكر، وفي عينيه دائماً تلك النظرة التي تشي بعاطفة عميقة تجاه الرسامين والأدباء والمفكرين.
أحمد الأغبري ليس صحافياً عابراً، لأنه متجذرٌ بقوةٍ في ثقافة بلده وثقافات العالم، وفنون وآداب أمته والشعوب الأخرى. فهو يتابع بدقة، المشهد الثقافي المحلي، وهو كذلك يتابع بيقظة أحدث الأعمال الفنية والأدبية في محيطنا العربي، وفي البلدان الأجنبية.
الصحافي الجيد هو الذي يعمل على حقله المحلي، ويستخرج منه محصولاً ممتازاً، وهو بهذا لا يخدم نفسه فقط، ولكن يخدم وطنه أيضاً. هو ينظر إلى المحاصيل الثقافية لدول الجوار، ويقول في نفسه “ونحن أيضاً لدينا محاصيل ثقافية متميزة، ومن حقنا أن نبرزها للعيان”.
وما كتاب “أجنحة الكلام وفضاء الأسئلة”، سوى تجسيد لهذه الغيرة الوطنية، ولتلك الرغبة الجياشة في إعلاء اسم اليمن ثقافياً.
وإزاء الظلم الثقافي الذي تتعرض له اليمن منذ مئات السنين، يتصدى هذا الرجل بمفرده لمقارعة هذا الوضع المجحف، فنراه يكتب مُعرِّفاً بأحدث الدواوين والروايات اليمنية في مختلف الصحف والمجلات، ويسأل ويحاور أعلام الثقافة والفكر والأدب، ليقول للعالم لا تبخسوا اليمن حقها، ففيها نخبة مثقفة لها مساهمات مؤثرة.
وهذا الكتاب هو درس في التفاني من أجل الآخرين، وفي كل صفحة من صفحاته نلمسُ الإيثارَ وإنكار الذات.
لقد قرر مؤلف الكتاب التضحية بوقته وجهده، من أجل هدف أكثر سمواً ونبلاً من ذاته الفردية: أن يثبت عملياً، أن اليمن بلد عريق ومتحضر، وأن اليماني قادر على إبداع اللوحات الفنية الجميلة، وإنتاج الروائع الأدبية، وتوليد الأفكار الجديدة.

 

* كاتب وروائي يمني

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *