سمير بية
لا شيء يحترق أعلاك
مجرّد غربان تفقأ عينيْك
لترى أبعد من رأسك الفريد
لا شيء ينبت في لسانك
مجرّد عصافير تقتات صوتك المالح
لتنصت لإيقاع هبّتك المسترسل
لا شيء يحلّق أسفل أصابعك
مجرّد نحلات تسكب رحيقك المرّ في مدقّة جافّة
لتتفتّح زهرتك السّوداء غابة في وجه سماء غائبة
لا شيء يتوهّج في كفّيْك
مجرّد فراشات تنثر عتمتك المضيئة
لتعلوَ ظلالك خفيفة في العاصفة
لا شيء يشرب ملامحك
مجرّد طين لازب يرسم تجاعيد الهبوب على وجهك الجهم
لتطيرَ ريحُكَ السّوْداءُ أعْلَى قليلا من فكرة ما
لا شيء يشتعل في قدميْكَ
مجرّد مسافات تنسج عبوركَ الرّخْوَ من بوْحِها
ليمتدَّ ألمُكَ دربًا باردًا في قلب الأرض
لا شيء يشي بغيابكَ
مجرّد أكسجين يدخّن رئتيْكَ قبل الحزن بخطوتيْن
لتتكاثرَ خطواتكَ على ظهر الموت
أنتَ الآن ترى بعيون غرابيب تعشّش في عيْنيْكَ
تحمل رأسك المحترق على أجنحتها
أنت الآن تنصت للهبّة تلوك عصافير صوتكَ
ترشّ لسانكَ ملحًا
أنتَ الآن تترك النّحلات تمتصّ أصابعكَ المُرَّةَ
تحمل على أجنحتها السّماء الجافّة بأزهارها السّوداء
أنتَ الآن تسمع الفراشات متوهّجة بعتمتكَ
تراقص ظلاك في العاصفة
أنتَ الآن تشعر بالطّين يشرب الهبوب من ملامحك العطشى
يخبّئ في وجهكَ فكرة بريح سوداء
أنتَ الآن تدرك أنّ عبوركَ يمُدّ بوْح المسافات رخوًا
يغطّي ألم أرضك بقبس بارد
أنتَ الآن تحصي خطواتك الغائبة في رئتيْ الحزن
تركل مؤخرة الموت بحذاء الأكسجين
كلّ ذلك لأنّكَ أعْلَى من ريح تحترق أسفلكَ
*شاعر من تونس.