رؤى الإرياني
كنتُ أسندُ رأسي على كتفِ الهواء البارد، وتطبطبُ عليَّ قطراتُ مطر لطيفة، كان غريبٌ هذا النهار، حزينٌ رغم أجواءه!
اشتريتُ عصيراً من البقالة وشرعتُ بإدخال الماصة، ثم تحسستُ رأسي فجأة!
هل هناك ماصة ما مغروسة فيه؟
كيف يمكنكَ إذن شُرب كل أفكاري وهلوساتي؟
كيف تصلكَ هواجسي وهذياني؟
وكأن عُصارة كل ما يخطرُ في بالي تسكن فيك!
قطعَ حيرتي بوق سيارةٍ غاضب، تحركتُ من وسط الطريق حتى وصلتُ لرصيفٍ متكسر، لا أفهم لمَ يستعجل الناس في كل شيء!
مررتُ أمام إحدى اللوحات الإعلانية، كنتُ أستخرجُ حروف اسمك وأنقيها، كانت مُشعة وساطعة جدًا، وأنا مبتسمة جدًا ببلاهة.
قطعتُ مسافة كبيرة، وأنا أتعمدُ بمنتهى الطفولة أن أدوسَ الحفر الصغيرة المليئةِ بالمطر، الشعور ببرودةِ الماء أثلج قلبي.
أتعرف؟ كل شيء يمرُ بسرعة، المارة والسيارات والدراجات، مهرولين في عجلة، الهواءُ ساحبًا معه شريطَ ذكرياتك وحياتك، العمر، النجاح، التعب، إلا شيء واحد: الحنين!
يمرُ بطيئًا جدًا، تكادُ تشعرُ بانقباضات قلبك أثناء نبضه!
يدنو ليغلفَ كافةَ جسدك، حتى تتسربل به، فتثقُل، ويثقُل كل شيء فيك!
جفنيك، لسانك، أنفاسك، كتفيك!
لا ينفضهُ عنك سوى إبتسامةُ لقاء، وعناقٌ دافئ!
أهلكني التفكير، وقفتُ على ناصيةِ الشارع، الساعةُ تشير بإستقامة نحو السادسة، اشتريت عصيرًا آخر وجريدة ومضيتُ الى البيت.