أحمد الملا
أيُّكما العابر
أيُّكما المشتاق ذو الحنين
أيُّكما يتذكّر صاحبه ويتصدّع؛
كلما غادَر.
لن تستدلّ على الأماكن ذاتها،
وما تراه ثانيةً
ليس إلا الشبيه
فاحذرْه.
الشبيه
أكثرُ مراوغةً من الزمن
وأقلُّ شفقة،
الشبيه اختراعُ الحنين
وحيلته،
الشبيه الخلِّي من رأفته
ولو كشف عن رأسه في حضنك،
الشبيه الذي لم يغفر لك
يومَ نزعتَه من مكانه
حملته معك وربيّته بعيدا عن أمه وأبيه.
ها هو يقتصّ منك وينتقم لأهله
ويصيبك بحزنٍ
يعدِلُ غيبتَه ويزيد.
احذرْ
حين تعود
احذرْ
حين تتراءَى
ليست الأماكن هي ذاتها ثانية،
ليس الكائن هو ذاته ثانية.
إن لم تسمع تلك التكّة
تلك الإغماضة حين تحبس اللحظة ويحرسُها الأبد.
ما يصيبُك ليس على ما تبدو، بل ما حملتَه معك وتركتَه مدفونا فيك.
يتهيّأ لك أحيانا أنها ما تراه، لكن الأرجح ما ليس يُرى فيها، ذاك الظاهر ليس إلا تكّةً تفتح على غامض وعَصِيّ؛
حيث رنّت ضحكتها من وراء جدار،
وارتمى الأبيض في حضن الليل.
حيث خدشت ركبتك متدحرجا أسفل الدرج
وقبّلتْ الأم مكان الخدش.
حيث ناداك الصديق وأيقظك من الندم.
حيث حملتْك الذاكرة بعبورها السريع والهواء يلعب بشعرك محدّقا في حياةٍ خاطفة.
حيث الحزن عتيقا ولم يتغيّر طعمه بعد.
حيث اليتم طفلا لن يكبر أبدا
حيث سها الأب ودلّل اسمك بصوت رخيم.
حيث شممت عطرها وتغيّر الطقس
تلك هي الصورة
يظهر فيها ناجٍ
عبر الوقت منهكا
وأفزعته
تكة الكاميرا.