محمد عيد إبراهيم
في مدينةٍ، رُحتُ أرسمُ ضوءاً
كأنهُ الرملُ، غَطّى على وجهي
فبدا قِناعاً من حجر،
.
بلَعتُ خُنفِساءَ وشُرَطِّياً وقطعةَ قِطّةٍ
ولِدَت سِفاحاً، ولم أنتَبِه
لخيالِ آنيةٍ تُراقِبني
.
على الرقبةِ. يسقطُ الضوءُ
الذي لم يعُد قَمرياً، بخيطِ عُروقي
كما لو أنهُ خَشَبةٌ
.
طالَت كلامي فانكَسَر:
رَحِمٌ فَجٌّ، عُلويٌّ على الجِدارِ
مِن دونِ رُوحٍ أو حياةٍ ينفَتحُ
.
كبالونةٍ ثُقِبَت،
فوضَعتُ رِجْلي على الأُخرى
مثلَ طفلٍ ضائعٍ، مَلِكٍ دمويٍّ
.
قَطَّعَ الشعبُ أوصالَه
فاحتَفى بالدموعِ، على مَهلٍ
بسلوكِ بائعةٍ غَصَبوا
.
خُبزَها. وصَرَختُ: كَدْمَة!
على جِلدي أقرَبُ للبنَفسَجِ، لا
أُميِّزُ من الرملِ، والوترُ الذي أجلسُ عليهِ
.
ينحَلُّ… أيها العَبدُ،
أيها العَبدُ الرؤوفُ لا تَعجَلْ،
مؤخِّراتُ الرُضَّعِ على الطريقِ، وأنتَ لا تسمَعُ…
.
صَبَبتُ العصافيرَ فوقَ الغصونِ
ثم تَلَوْتُ، فاحتَرقَت
من وجهِكَ المُعاكسِ
.
امرأةٌ حَرَسَتكَ. مِلحٌ يلتَهِب
كدَجاجةٍ في السّيخِ ـ لا تعبَأْ،
دَلَّكوكَ بالطينِ كي تتهيّأَ
.
فنهَضتَ، للوراءِ تَقَدّمْتَ
كمَن يَحُجُّ على خروفٍ،
وقَرفَصَ للضّحِيّةِ.
………………………
(*) من ديوان: الملاك الأحمر، دار الانتشار، 2000