يحيى الحمّادي
ثَقِيلَ الرَّأسِ.. أَخرُجُ مِن دُوَارِي
وأَبحَثُ كالضَّرِيرِ عَن الجِدَارِ
.
عَصَايَ اللَّيلُ, لَيسَ مَعِي دَلِيلٌ
يَقُولُ: إِلى اليَمِينِ.. إِلى اليَسَارِ
.
وصَوتُ النَّارِ يَهبِطُ, ثُمَّ يَعلُو
أَمامِي, مِن وَرَائِي, مِن جِوَارِي
.
وعَيشِي كُلُّهُ كَبَدٌ, وحَربٌ
وأَوبِئَةٌ تُناضِلُ لِاختِصَارِي
.
فَكَيفَ إِلى الحَيَاةِ أَعُودُ مِنِّي
وطَبلُ الحَربِ دَاعِيةُ الحِوَارِ؟!
.
أَنا الكَتِفُ التي تَرَكَت ثَرَاها
مَشَاعًا لِلعَبيدِ ولِلجَوَارِي
.
حَدِيثِي عَن نِضَالِ أَبي طَويلٌ
وبَعدَ القَصفِ أَخجَلُ مِن صِغارِي
.
وبَينَ خَسَارَتَينِ أَبِيعُ نَفسِي
لِثالِثةٍ, وأَسقُطُ باختِيَارِي!
.
وأَطعَنُ بالخَسَارَةِ ظَهرَ خَصمِي
فَيَطعَنُنِي التَّوَهُّمُ بانتِصَارِي!
.
.
قَدِيمًا كانَ لِي فَرَسٌ جَمُوحٌ
يُبَادِرُ إِن غُلِبتُ إِلى الفرَارِ
.
وها أَنَذَا يَمُوتُ اليَومَ نِصفِي
بِرُمحِ أَخِي, ونِصفِي بالحِصَارِ
.
وها أَنَذَا أَخَفُّ أَسَايَ عَيشِي
وأَسهَلُ ما أُمَارِسُهُ انتِحَارِي
.
إِلى أَينَ المَفَرُّ.. وكُلُّ شَيءٍ
يُحَارِبُنِي, ويَخرُجُ عَن مَسَارِي؟!
.
.
ثَقِيلَ الرَّأسِ.. أَبحَثُ عَن جِدَارٍ
لِأَجمَعَ ما تَسَاقَطَ مِن إِطارِي
.
تَقُولُ الحَربُ لِي: أَفَقَدتَ شَيئًا؟!
أَقُولُ: نَعَم, فَقَدتُ أَخِي, وجَارِي
.
“أَلا فَليَنزِلُوا ماءً ومِلحًا”
تَقُولُ, وتَستَدِيرُ بِلا اعتِذارِ
.
عَلَيكَ اللهُ أَكبَرُ يا “دَبُورًا”
رَبَطتُ إِلَيهِ ثَانِيةً حِمَارِي
.
كَآخِرِ نُقطَةٍ في الأَرضِ صَارَت
بِلادِي, وهي أَقرَبُ مِن إِزَارِي!