ماجد مطرود
من خلال أصابعي..
أرى وامشي.
أمشي واخاف السقوط
المشيُ بحذرٍ,
يزيد احتمال السقوط
لكنَّ المشي على الثلجِ,
شعورٌ يشمّسُ الأعماقَ,
بشمسٍ لا تغيب
من خلال اصابعي ..
أرنو الى دفءٍ لذيذ. الى بيتٍ مطمئن الى اعمدة.
الى خرابةٍ آمنة. الى جبنةٍ بيضاء كقلب أمي.
الى لبلابةٍ تتسلق عقلي
من خلال اصابعي ..
أشمّ جسدا مشبّعا برائحة قطنٍ يغلّف روحي,
يذكّرني بأمٍّي التي غمست أصابعها بصلاةٍ تقطّرُ وجعا
وتندلق مثل نزيف يمتد نحوي, يسمعني, يراني,
ويجسّدني هيكلا قابلا للحداد, ودمعةً ساخنةً تلسع جرحي
من خلال اصابعي ..
أكره الحديثَ والفكرةَ معا.
أكره الانفصالَ والفصام أيضاً
لكنّ الرزايا غالبا ما تُشظّيني
احيانا ..
أدّعي الشيوعية لأسايرَ المحنة!
أسأل نفسي عن هوّتِها العميقة!!
كم مسجدا خاصمته أبوابي؟
كم كنيسةهشّمت آحادها صلباني؟
من خلال أصابعي ..
أخاصمُ الإلحادَ والآحادَ, وأخاصم الكلامَ أيضاً,
لكني أبّقي على المعنى!
ولأنّي أعشقه يتجلى لي كقطرةٍ صافية, كبذرةِ باقلاء.
ينساب لي,
كنهرٍ منحدرٍ من أعلى القلب الى واديه
كعصفورةٍ حنون تُطعمُني فوق الشجرة
ينبسط لي,
كطينةٍ حرةٍ في يدِ إلهٍ يؤمنُ بي,
ويصنعُ منّي ما يشاء
من خلال اصابعي ..
ابقى هادئا كالصلاة, نقيا كالسماء, حائرا كالسؤال, ونظيفا كهذا النص
متى يكون الثلج صديق الشمس لا يجمّدها, ولا هي تذيبه؟
من خلال اصابعي ..
أزور الأنهار لأغسلها بقلبٍ لا يغالبه النعاس
أزورها,
لأكون قطرةً زرقاء, يقظة بيضاء لا تساوم الخصام,
ولا تسقي نبتة الخطيئة
أزورها,
لأكون مطرا تلقائيا يشتهي السقوط الحرّ
أزورها,
لأرى وامشي على الثلجِ!
المشي على الثلجِ شعورٌ يشمّسُ الأعماق,
بشمسٍ لا تغيب
__________
عن ريشة هارمونيكا
دار ميزوبوتاميا/ بغداد
__________
هذه الأيام تتساقط الثلوج بغزارة في أوربا، لهذا وبمناسبة اتشاح الارض بالبياض, أعيد نشر هذا النص