فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

أرجوكِ عائلتي Please my family

أحمد ضياء

 

دغدغ القناص أجساد أقاربي وأنا ألمح الأشخاص يتساقطون في كل لحظة، حيث الناس تهرع والأطفال يبكون على أصدقائهم المصروعين، في تلك الأثناء كنت أحصي الروافد الدموية التي تخرج، أترقب اللحظة المركزية ليحسب أطفالي دمائي معهم، مال رأس آخر شخص خرج من تلك البناية التي اشتغل القصف والرمي عليها منذ صباحات اليوم الثالث من شهر ذي القعدة ولا أعلم لماذا حفظت هذا اليوم بالسنة الهجرية، ثمة طلقة تتجول في أنحاء الخربة التي انتقلنا إليها، وبعد مضي حياة كاملة برمشة عين، إسترسل إبني قائلاً:
“بابا هل الموت لحظة وجودية”،
كنت أقرأ بصوت عالٍ، أظن بأن الفتى بدأ ينضج،
تلعثمت الحروف في فاهي المصفر من الموت،
بُني انتظر حتى تجرب ذلك وتحكم بعدها،
لا شيء في المكان سوى الرصاص وبعض الأجساد المتعفنة، ثمة أضابير عثرت عليها في المديرية وبعض لفافات الهواء المختبئة من المتلصص (وأعني القناص).
فيما مضى أترقب يوم الثلاثاء في الساعة الحادية عشرة بعد منتصف الجوع، أصنع مملكتي المتكونة من الشظايا الملتفة على التلفاز وأمرنُ شراييني على القفز من محيطات الضجر المتكور على شاكلة صخرة محشورة بين أسنان حصان خشبي
ثم ألوذ داخل كومة من الصرخات وأتمددُ كأيِّ فرشات داخل رقائم ذاتي
تعاودنا أن نلتقي الصبر مع قطع خشنة من الأقدار المرسومة بالرمل، ونشعل الخطيئة حسب المقتضيات المرحلية ولعل الطقوس اليومية التي يمارسها الإنسان في خيالاته من شأنها الإفصاح على المخابئ الروحية لكينونته وهذه الاصطراعات تشكل فئة متوارثة داخل الأنغام، وسط لهاث العنف ولعل هذا المساء المدوي والحاضر في أذهان الأطفال ثمة بارقة حضرت إلى ذهني وهذا الإحساس إنتابني كأول يومٍ تزوجت فيه، وهنا الإندهاشات بدأت تتصاعد أمام إمرأتي التي طايرت لها شراراتي ومن حسن حظي أن القمر لم يكن مكتمل النضوج تلك الليلة وسارت الحياة.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *