فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

لا شيء رابعنا…

أنور الخطيب

 

أنا وأنتَ ثلاثةٌ .. لا شيءَ رابعنا
سوى ما فاض منكَ في المهد من حروف
وفي الصبا من حتوف..
أنا وأنتَ معلقان في مكان ما
في الغيب أو في المنفى،
أو على خشبات الألم،
***
أنا وأنتَ اثنان لا يحملان سوى كتابيهما
أو ترابهما، بحرهما أو نهرهما
وخبزهما القديم..
***
أنا وأنتَ معلّقان في زماننا
لكنّنا لسنا هناك أو هناك أو هنا،
أمكَ هزّت جذعَ النخل
فاسّاقط معجزةً أو ألماً
أمي هزت جذعَ المنفى
فاسّاقط غربة أو سرابا،
صرنا فاكهة لرمال لا تعرفنا
حدودها اليوم صحراؤنا
وغدا ما يستجد من دمائنا.
***
أنا وأنتَ ثلاثة.. لا شيءَ رابعنا
سوى أننا ذُبحنا ولم نمتْ
أنت صرتَ فكرةً غامضة وواضحة
وأنا صرت أُكرةً
يعبرها الفاتحون إلى مجدهم
أو خيانتهم، أو غيّهم،
كلانا مفتاح شهوة الحالمين
يصعدون علينا ولا يصعدون بنا،
كلانا هنا وليس هنا،
أتباعنا ليسو لنا،
أولادنا ليسو لنا..
***
أنا وأنتَ ثلاثةٌ .. لا شيءَ رابعنا
سوى دربٍ نعد عليه خطواتنا
نحفر فيه أسماءنا
وما يُستجد من طردنا، أو تغييبنا،
فلا أنتَ في الكهف،
ولا أنا في الحقلِ
لا خبز لنا، لا خمر لنا،
لا عشاءَ لا وصايا،
لم نعد نُذكرُ في القلوب
والعابرون إلى السلام
يعبروننا بلا سلام أو تحايا،
كأننا خلقنا من شقوق في المرايا
أو من ثقوب في الحكايا،
كلٌّ يؤلفها،
يوحي بها، يوظفها،
أو يلفّ بها العطايا.
***
أنا وأنتَ ثلاثةٌ .. ورابعنا دمنا،
وخامسنا المنايا،
وكلّ ما لم تقله الروايات عن درب أوجاعنا،
ما زلنا نسير عليه،
ما زال يسير بنا
والرعاع من حولنا حيارى
والملوك من خلفنا سكارى
وحبيبتنا واحدة في انتظار صلبنا،
كي تجمع المسامير ذكرى
تبني بها وطنا لنا،
وحبيبتنا واحدة في انتظار صلبنا،
لتجمع ما يسيل من دمنا،
من جباهنا، وأكفّنا، وأرجلنا
لتبني لنا بركة يشرب منها العطاشى
كي لا يشربوننا،
وحبيبتنا واحدة تتبعنا ولا نتبعها
تمنحنا الدعاء،
ما تيسّر من بكاءٍ
ليبني الله لنا عشاً في السماء
ويعمي قلوب الذين يمشون في إثرنا
ولا أظنها ارتضت لنا جنةً فوق الغيوم
لأننا من هناك ومن هنا،
نطل من سلاسلنا، من أرضنا
نطل من سمائنا،
من غربتنا
نطل من أطلالنا
ولا من يطل علينا،
***
أنا وأنت ثلاثة .. وسابعنا،
كل شيء لم نقله ولم يقلنا

تعليق واحد

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *