فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

كتابات

الإشهار بين هايدجر ومارلبورو.. “الموت هو الاحتمال الأكثر يقيناً”

أحمد ضياء / العراق

*إلى أماني أبو رحمة

 

مارتن هايدغر مع نسبة من أرباح مالبورو..

تمرحل الفعل الإشهاري على الصعيد العالمي منذ البذار الأول لوجود الإنسان على الأرض وما تمرس عبر هذه الإيقونة التواجدية التي تمثلت بالجنة والنار ولتأخذ فعلها المركزي تمظهرت عبر الإقناع بوجود هذا الخيال اليوتوبي الراكز داخل الفعل التواصلي المتعالق بين ما هو ميتافيزيقي وبين ما هو حاصل على شكل واقعي داخل العيان الفعلي المتجانس ولعل هذا هو جُل العملية الإشهارية فلزاماً أن يكون الأداء الإشهاري ضمن جملة من الإقناعات التي تضعها ضمن قالب عام مستحدث فيه بعض الإستبصارات المتشكلة من خطاب واحد، وواقع الفعل ما جاء عبر سلسلة خطابية فرضتها الذات عليّا / المتسلطة على الأخرى المقهورة / الضعيفة ومنها ما تشبث عبر الكثير من أفعال استهلاكية تضم أكثر التداخلات ذات الأثر القويم. وهنا لا بد من فحص ذائقة الآخر، والعمل على تمرير الأشياء المركزية ضمن سلسلة الموضة المتعابرة، والتي تبرز من خلال الإشهار، ولذلك يسهم هذا الأمر في صياغة الطرق المتحصنة، وجعل الأمر ذو فعل يلاقي رواجاً داخل الأسواق العالمية، وهي الحصيلة الأساسية التي يسعى للحصول عليها الإشهار.

لا يمكن أن نحصر الخانة الإشهارية عند باب أحادي بل نجد التنوع هو الشكل الأكثر مصداقية ومعمولية ضمن سلسلة قائمة، وهذا الفعل يسهم في صياغة المعموليات التداولية بحيث تخص إنتاج أكثر من أمر ولعل هذا الشيء يؤسس نمطاً أيضاً ضمن أفعاله الخطابية إلّا أنه يظل للوهلة الأولى غير مستقر عند حد معين وما يؤمن به الإشهار أنه خطاب خالي من أي مؤلف لذا يكون مثالاً حقيقياً لنصوص بعد ما بعد الحداثة والكرافيتا في شيء معين وهذه التشاركية تجد لها مناصاً ضمن البنية المتراتبة والحاصلة على أكثر الأسئلة المباحة والتي هدفها الأشمل والأفضل فعلاً تأويلاً وهذه هي المحمولات التي يحاول الإشهار التوقف والتروج لها.
الاشهار الاخروي بدأ يأخذ جهوزيته كونه بدأ يتعامل مع كافة المجريات اليومية، وفق اقلمة مفاهيمة يغربنها دائماً إلى صالحه، وهنا يتأتي لنا من خلال العمل على إنتاج السكائر بين ما هو قاتل وبين ماهو مدخن، فشركة مالبورو تستنتجد بهادجير كظهير فلسفي يتفاعل مع الواقع والكينونة بعيداً عن كافة الأفعال الميتافيزقيا ذات المبادئ الروحانية المجاورة للأثر اليومي المعاش، وهو الأمر الذي يجعل من المنتج بقوله “الموت هو الاحتمال الأكثر يقيناً” بين كل شيء لذا نجد التنصيص ذا شكل وفعل يتمأسس داخل بنية فعلية فلم تعد نمطية الإشهار قائمة عبر سك بعض الجمل المتواجدة في أذهان المدخنين كون أن السيكار “سبب رئيس لأمراض السرطان”وهذا الفعل استطاعت أن تعي خطورته وأفعاله التداولية شركة مالبورو وتحزم خطاطتها الكتابية / الشفاهية بمنتج جديد يخلوا من أي عبء أو استظهار لهذا المكون، وما جاء بعده ملاذاً لفضح ما ينتج من أضرار عن هذه الحالة ولذلك يشكل فيضاً كليّاً ضمن بوابة الفعل الإشهاري القائمة المؤسس له مسبقاً.
إذن الأفاهيم الفلسفية هنا بدأت بالتزاوج، وتأخذ لها بيانات ووظائف حياتية أكثر مما سبق فلم تعد مقتصرة على الميتافيزيقيا بل هي تلج في المتطلبات الحياتية كافة، الأمر الذي خرّج الفلسفة من عليائها لتكون بتماس مع المجتمع وهذه هي المشكلة الهايدجرية التي نادى بها وطالبهم باتخاذ مواقف إنسانية / اجتماعية / وجودية لكي تتمشكل الفلسفة مع الحياة والكينونة لا مع الميتافيزيقيا. وهذه الرؤية المغايرة للعادات والأنماط الكتابية هي الحل الأكثر وضوحاً لبيان التنازع الخطابي بين ما هو فوق وما هو تحت، جاعلاً من الموقف العام قصة تثقيفية جاذبة للأنظار ثم مشتبكة مع كل التفاصيل والمراحل الشفاهية / الكتابية الأخرى.
أخذ الإشهار فضاءه الأعم في الميديوات الحديثة كونه استطاع أن ينفذ ضمن جملة من الإتلافات الحياتية المركونة على طرفي الطريق، والأكثر نضوجاً في كيفية تمرير المنتوج بأبسط السبل بحيث يذهب الفاعل / المستهلك صوب هذه التضاريس الحياتية الجديدة الشاملة لمبثوثات الوقت الراهن.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *