فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

عصفور مارلين

مصطفى الضحوي

كالعادة صحت من نومها على
تغاريد عصفور لونه قرمزي
على شجرة بجوار نافذتها..
كانت تطعمه حبات الذرة من نافذتها و يشدوا لها بصوته الجميل…
اشتد بها المرض
و أصبحت طريحة الفراش..
تنظر إلى الشباك و في عينيها معاناة العمر…
كانت تشكو لروحها حرمانها الدهر لذة الحياة.
وبأنها لن تعيش طويلا، فأيامها معدودة بسبب “الورم الخبيث”..
أصوات طرقات الباب تزداد…. ولكن بهدوء.
فتح الباب وهي تنظر جهته.. ابتسمت ابتسامة متعبة؛ دخلت صديقتها (تيريزا) والابتسامة الجزئية على شفتي (مارلين)، و هي حاملة الورود..
سلامات مارلين..
أنا بخير، و في صحة جيدة.
لفت انتباهها صوت جميل، نظرت تيريزا إلى مصدر الصوت من النافذة..
مازال العصفور يغرد بصوت جميل يا مارلين.. (مبتسمة).
هنا تنهدت طريحة الفراش بصعوبة:
هل مازال أصدقائي يتذكرونني يا تيريزا؟
– كيف تقولين ذلك.. ومن ذا ينساك؟
بل لقد قررنا زيارتك في المشفى وجمع تبرعات لك..
سألتها: متى موعد العملية؟
إجراء عمليتي غداً.
(أثناء حديثهما عن سيرة الصداقة في المدرسة وعن أحوال زميلاتها، دخل عليهما مدير المشفى بعد أن طرق الباب، و على شفتيه ابتسامة باردة:
لقد تم تقديم موعد العملية..
اليوم سكون إجراؤها بدلًا عن غد..
هنا ارتبكت مارلين وصديقتها.
الجرّاح يريد أن يسافر إلى مدينته.. لقد توفيت زوجته ..
وهنا ظهرت معالم الأسى على الجميع.
انصرف المدير…
جاء الممرضون بالسرير المتحرك لأخذها إلى غرفة العمليات..
قبل أن تخرج، أمسكت بيد تيريزا
واحتضنتها، و ناولتها شنطة صغيرة..
احتفظي بها.. و إذا لم تنجح العملية سلميها إلى أمي!!
صديقتها كانت مندهشة، أمها ماتت منذ فترة قصيرة!!
رافقتها حتى باب غرفة العمليات..
ظلت واقفة أمام باب غرفة العمليات..
استغرقت العملية مدة طويلة
وكان الانتظار يأكل من صبرها ويحرق ماتبقى من ثباتها…
فجأة!!
تسمع أصواتا تقترب من الباب.. تزداد خفقات قلبها خوفا من خبر مفاجئ لا تود سماعه..
اقتربت تيريزا.. فإذا بالجرّاح يفتح الباب، و على وجهه تقاسيم حزينة..
هنا اتضح لها بأن مارلين ماتت.!
انهارت تبكي..
لا تبكي… (قال لهاالجراح)
مارلين في صحه جيدة..
ابتسمت و حاولت الدخول لكي ترى مارلين..
منعها الجراح من الدخول، :سوف يتم نقلها إلى غرفتها.
لماذا خرجت غير متفائل؟
جلس على إحدى أرائك الانتظار،
و تنهد بعمق.
قبل إجراء العملية طلبت مارلين لو حصل لها مكروه أن أتكفل بإطعام العصفور الذي يتواجد في نافذة غرفتها…
وافقت على ذلك…
وطلبت من الممرضة أن تفعل ذلك..
وبعد انتهاء العملية جاءت الممرضة سألتها:
فأجابت: لا
لقد نسيت إطعامه..
و ذهبت لكي تطعمه.
و كذلك..
عندما علمت بوفاة زوجتي، لم أستطع الذهاب إلا بعد إجراء العملية..
يا إلهي لقد تأخرت.
أخبري مارلين بأن العصفور رائع وجميل…
أريد أن أسافر إلى مدينتي..
إلى اللقاء تيريزا.
انصرف الجراح و في عينيه حزن عميق لا يندمل
في ظل صمت و حزن و ذهول يخيم على تيريزا….

2018/1/18

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *