حمدان طاهر المالكي
في مجموعتها التي صدرت مع العدد 101من مجلة نزوى العمانية تشتغل “بشاير حبراس” بدقة وحذر في أقاصيصها القصيرة المكتوبة بلغة رشيقة ومقتصدة لتنتج لنا نصا يشبه البرقية التي تقول كل شيء في كلمات قصيرة وهي هنا تلامس قصيدة النثر دون قصدية أو تخطيط محافظة بذلك على نيتها الإبداعية كقاصة أو قل إنها لاتريد أن تقطع الشعرة التي بين السرد والشعر, تشيد قصصها القصيرة جدا من من أحاديث أو مواقف لتطورها في بضعة اسطر قليلة خاتمة النص بفعل مفاجئ وكأنها تحسن التخلص من قصتها بأقل كلام وبمضمون كبير, إنها بطاقات لمواقف إنسانية كثيرة وهي هنا في الأغلب تتحدث بصوتها الذي يمثل النساء بما فيه من اخفاق ونجاح, سعادة وألم والغالب في نهايات هذه النصوص هو المفارقة وهذا أيضا يتداخل كثيرا مع قصيدة النثر. مثلت قصص غرق وأحمر وتأخرت ورؤوس ومانيكان بتشكيل بصري يحيلك مباشرة للنص النثري وقد سمعت وقرأت الكثير عن مشكلة القصة القصيرة جدا وهي أنها تدخل وربما تندمج في قصيدة النثر حتى لمن تمرس بالقراءة, وهو ما انتبهت إليه بشاير بموهبتها الواعدة فحافظت على النسق القصصي رغم صعوبة المهمة.
ويبدو أن القاصة تأثرت بما يجري في المنطقة العربية من حروب وماتنتجه هذه الحروب من إشكالات تقع ضحيتها الاولى النساء, الأجواء العائلية التي تكتنفها الظروف المفاجئة من موت أومرض و مشاكل آخرى ناتجة عن وضع مضطرب, ولهذا كانت هذه المجموعة صرخة أو نداء أرادت به أن تقول كل ما تريد قوله بنات جنسها.
شبابيك زيانة جاءت في 43 نصا بعضها طويل قياسا بالنصوص الأخرى (عندما تضيع المحفظة, زهور اماندا, الصورة الملعونة). في مجمل النصوص هناك لغة سردية عذبة تحاول الوصول إلى القارئ بطريقة سهلة وممتعة وهي التجربة الأولى لها في هذا الجنس الأدبي الجميل والذي فيه تعقيدات كثيرة لأنه يتطلب الإيجاز والوصول بعيدا عن الإسهال اللغوي الذي نراه هنا وهناك.