فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

أخبار ثقافية

عبدالكريم كاصد: قصيدة النثر قيمتها في عالمها ورؤيتها للأشياء والهايكو حرة تماماً الآن

كتب- صدام الزيدي،،

يرى الشاعر العراقي عبدالكريم كاصد، ان “قيمة قصيدة النثر ليس في شكلها باعتبارها نثراً، وإنما في عالمها ورؤيتها للأشياء”.

وعن قصيدة الهايكو، قال كاصد: “هي حرّة تماماً، الآن، قد تلتقي أو تبتعد مع نظائرها من الأشكال الأخرى”، أو – كما يقول باشو-: ” هي عالم شعري لا يحدّه شكلٌ ولا مواصفات شائعة”.

وفي حديثه إلى “فضاءات الدهشة”، شدد على ان “قصيدة النثر ليست مجرد تداعٍ أو خيالٍ هو أقرب إلى اللعب منه إلى الشعر، وإنما هي عالم ينطبق عليه ما ينطبق على أي شعر حقيقيّ في تعامله مع العالم القائم”.

وفيما يراهن على ان “الشعر أياً كان شكله لا يمّحي أبداً ما دام خلفه هناك قلب إنسان ينبض”؛ يرى عبدالكريم كاصد ان الحديث عن الشعر وأشكاله الثابتة ضرباً من المحال: “هناك أشكال تهيمن في هذه الفترة وقد تحل محلها أشكال أخرى وقد تختفي لتظهر ثانية، وقد يتطور أو يتفرع شكل ما بطرائق مختلفة”.

وبصدد الحديث عن قصيدة النثر، (العربية)، التي تُكتب، الآن، يقول الشاعر عبدالكريم كاصد ( أحد أهم كتّابها، وممن اشتغلوا على القصيدة الهايكو، أيضاً): “ثمة قصائد نثر (تُكتبُ هنا وهناك) هي ليست سوى نظم لا عالم وراءه ولا نبض. مجرد مهارات هي ليست بمهارات أبداً، قد تبهر في البداية ولكنها غير قادرة على البقاء”.

“ليس ما حول قصيدة النثر هو الذي يتغير، إنها تتغير أيضا كما الأشياء التي حولها”. يقول كاصد.
قبل أن يعترف: “أنا مهموم بحاضر القصيدة ولا يقلقني مستقبلها لأن مستقبلها مرهون بهذا الحاضر، وبما تجترحه الأجيال القادمة من إبداع يتواصل”.

وعن قصيدة الهايكو، أوضح الشاعر والناقد والمترجم عبدالكريم كاصد (في سياق مقاربته لسؤال اشكالي: كيف نستطيع أن نشير إلى: ومضة/ مقطع/ اطلالة شعرية مختزلة- كثيفة، على انها “هايكو” أم لا؟) ان: “الهايكو منذ بدايتها لم تكن أسيرة شكلها تماماً، فهي قد وجدت تجددها منذ البدء على يد شاعرها العظيم باشو الذي لم يتقيد لا بالمقاطع المحددة، ولا بالطبيعة ولم يكن يأسره شكل ثابت أبداً، وهي الآن حرّة تماما قد تلتقي مع نظائرها من الأشكال الأخرى وقد تبتعد فلا ضير في ذلك ما دام هنالك شعر. وثمة أمثلة عديدة ليس مجالها هنا يتحدث فيها باشو عن الهايكو بصفته عالماً شعرياً لا يحدّه شكلٌ ولا مواصفات شائعة”.

إلى ذلك، عاد الشاعر عبدالكريم كاصد، لتوِّه، (إلى لندن العاصمة التي يقيم بها منذ سنوات) من “مهرجان تيسايد العالمي للشعر” الذي احتضنته “مدينة مدلزبرو” بشمالي إنكلترا؛ حيث وُجِّهت إليه الدعوة من اللجنة المنظمة، وكان بمعيته، مواطنه، الشاعر العراقي شوقي عبدالأمير (العربيان الوحيدان).

عن يوميات تظاهرة تيسايد الشعرية بشمالي انكلترا، التي التئمت بمشاركة أسماء لافتة، من أصقاعٍ وبلدانٍ شتى، أشاد عبدالكريم كاصد بتميز التظاهرة، ابتداءً من “تخففها مما يُثقِلُ (عادةً) من رسميات، وبروتوكولات، أو تنظيم مسرف؛ فما من مسؤول في الدولة، أو غير مسؤول تقدم ليخطب أو يتفوه على المسرح بفارغ الكلام واللغو”.

مبيناً ان “المهرجان، الذي استمر خمسة أيام، ضمّ أكثر من عشرين شاعراً من بقاع شتى في العالم: إنكلترا، فرنسا، فنلندا، روسيا، إيسلندا، بولونيا، الهند، العراق، تركيا، بوتسوانا، بيرو. ومن الشعراء العرب حضر شاعران هما شوقي عبدالأمير وأنا. أما الجهة الفاعلة وراء هذا المهرجان الكبير فهي دار سموكستاك وصاحبها الشاعر آندي كروفت وهو من الشعراء والناشرين المعروفين جيداً في بلده”.

ولفت كاصد، ان: “ثمة شعراء من هذه البلدان يكتبون بلغاتهم المحلية أو القومية الخاصة المختلفة اختلافاً كبيراً عن اللغة الرسمية لبلدانهم كالشاعرة الفرنسية أوريليا لاساك التي تكتب باللغة الأوكستانية المختلفة عن اللغة الفرنسية”.

وعن المهرجانات الشعرية، اجمالاً (دورها في المثاقفة واحياء قيم الجمال وتفاعلات الدهشة، لا سيما في ظل ما تعيشه كثير من بلداننا “العربية”، من أجواء مشحونة بالكراهية ومآسي الحرب)، قال (الباحث والشاعر والناقد والمترجم العراقي الذي نفذ بشعره وبترجماته إلى عديد لغات عالمية، في الوقت الذي ذهبت إليه هذه اللغات، طواعيةً): “أهميتها تتمثل بالتعرف على شعراء وثقافات تتجسد في أشعارهم وكتاباتهم، لاسيما أن كتبهم كثيراً ما تكون في متناول اليد تحرص مثل هذه المهرجانات على توفيرها، فأنا مثلا فوجئت بوجود كتابي المترجم إلى الإنكليزية (سراباد) متوفراً بنسخ عديدة نفدت كلها أيام المهرجان”.

“لعل ميزة المهرجان، أيضاً، انه لم يشغل نفسه بالولائم، فلا ولائم هناك، وإنما دليل للأماكن الجيدة التي يمكن أن تتناول فيها شرابك أو طعامك، وهذا لا يعني أن المهرجان لا يتحمل نفقات ذلك ولكن بطريقة غير الطريقة الضاجة التي عهدتها مهرجاناتنا وما يرافقها، غالباً، من التباسات واتهامات متوهمة أو حقيقية”. يقول كاصد، بينما يتابع حديثه: “الشيء الوحيد الذي يجمع المدعوين هو الفطور الصباحيّ في الفندق والفعاليات المحددة”.

غير انه: “لم يكن المهرجان معنياً أيضاً بالقراءات الشعرية وحدها، فقد تخللتها نشاطات لفنون أخرى كالغناء والموسيقى، وطرح ما يستحق التناول والنقاش كالترجمة وقضايا الشعر الأخرى، كعلاقة الشعر بالسفر وإمكانيته على البقاء شعراً دون أن يستحيل شعراً سياحياً لزائر عابر”. (كاصد، مختتماً حديثه- انطباعاته عن مهرجان تيسايد العالمي للشعر).

*بوست: 1 آيار/ مايو، 2018: من صفحة عبدالكريم كاصد، على فيس بوك.
في الطريق إلى مهرجان تيسايد العالمي للشعر:
في طريقي إلى مهرجان تيسايد العالمي للشعر في مدينة مدلزبرو شمال إنكلترا كان عليّ أن أبدل القطار في محطة دارلنكتن بقطار آخر، لم يبق سوى دقيقتين على انطلاقه، ما أرغمني على الركض لاهثاً لالتحق به، غير أن العربات التي أمامي كانت كلها موصدة ما عدا عربتين إلى الأمام مما جعل الدقيقتين تمضيان بسرعة، ولكنني نجحت أخيراً في الالتحاق به مطمئناً.
حين استعدت هدوئي سألت الراكب الجالس أمامي: هل هو القطار الذاهب إلى مدلزبرو حقاً؟ فكان جوابه طريفا معبراً عن شهيته للكلام معي في الطريق: آمل ذلك.
كان الركاب معدودين وكان القطار أليفاً وجميلاً بمقاعده المنزلية النظيفة الزرقاء المخططة بالبياض. اجتزنا محطتين فلم يهبط راكب، أو يصعد راكب. وفي المحطة الثالثة نزلت سيّدة فائقة الجمال إلى محطة ليس فيها سوى عامل محطة واحد لوّح لنا بمحبة ولطف، وكأنه على معرفة بالركاب جميعاً، حين استأنف القطار سيره مغادراً المحطة، والسيدة الجميلة، والعامل، والخضرة المسحوبة خلفنا كبساط طويل لا ينتهي أبداً.
في محطات قطاري الأول تذكرت قصيدة فيليب لاركن الرائعة عن مشاهد الأعراس في المحطات، وفي القطار الثاني تذكرت شاعري الحبيب والت ويتمان وعشبه الأخضر الفتيّ.
استقبلني في محطتي الأخيرة صديقي الشاعر وصاحب الدار الكبيرة “سموكستاك” آندي كروفت ومعه شاعر آخر وصل قبلي بدقائق هو الشاعر بول سمرز الذي أقام في استراليا ست سنوات، ثم غادرها ليقيم بشكل نهائي في مدينة نيو كاسل، والذي أصبح، فيما بعد، صديقاً عزيزاً، أهداني مجموعاته الثلاث وتفضّل بقراءة شعري باللغة الإنكليزية في واحدة من الأمسيتين اللتين قرأت فيهما، ووعد أن يزورني في لندن في الأيام القادمة.
وصلنا الفندق فلم يتعب معنا أحد أو نُتعب أحدا، وقد قرأنا التعليمات المعروضة بلا التباس أو تعقيد.
كان اللقاء الأول في الفندق الساعة السادسة (لم يصل بعض الشعراء بعد)، قُرئت فيه قصائد كتبها أطفال بأعمار مختلفة وضمها كتاب وُزّع علينا مجانا، سأحاول ترجمة بعض نصوصه لأنشرها في صفحتي لاحقاً. توجهنا بعد ذلك صوب قاعة أخرى استمعنا فيها إلى عدد من الشعراء:كيلي نينيكانكَاس (من فنلندا من أصل مغوليّ. يكتب باللغة الإنكليزية)، هاري مان، بول سيمرز، أوريليا لاساك(من جنوب فرنسا تكتب باللغتين الأوكسانية والفرنسية)، كريس ستيوارت، كيبوني بارينغ (من بوتسوانا جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا الجنوبية. تكتب باللغة المحلية)، أريك موسواسيلي يكتب باللغتين الإنكليزية واللغة المحلية في بوتسوانا)، أماجيت شاندان (يكتب باللغتين البنجابية والإنكليزية)، زويلا فورس ( تكتب باللغتين الإسبانية والفنلندية)، ليف روبنستن (يكتب باللغة الروسية)، جينيفر أسكس.
تخلل فقرات القراءة عزف موسيقيّ وارتجال فقرات عابرة.
صباح اليوم التالي توجهنا أنا وأماجيت شاندان إلى إحدى المدارس للالتقاء بطلاب السنة السابعة والثامنة وكان اللقاء طريفاً حقاً، فبعد أن قرأ أماجيت قصيدة له عن الطماطة وعبروا له عن آرائهم بها سئلوا عن الفواكه التي يحبونها. ثم طُلب منهم أن يكتبوا قصائد موضوعها الفواكه، خلال عشر دقائق، فكان منظرهم في غاية الطرافة بعضهم وضع يده على خده، وآخر على رأسه، وثالث تحت ذقنه، ورابع على جبهته وهكذا.. وحين رأيت الطالب الذي بجانبي محتاراً حثثته على كتابة بعض الأبيات عن الفاكهة التي أعلن عن حبه لها، وهي الأفوكادو، فكتب قصيدة منها هذه الأبيات:
أنا الأفوكادو صافية خضراء
أعرف أنني طيبة
وأن لي مكاناً صغيراً
بين الأحياء
لكن لي رجاء ألاّ تأكلني

في الخامسة مساء كان عليّ أن أحضر جلسة في الجامعة مع خمسة شعراء هم زويلا فورس، الشاعرة التركية بيجان مطر، أوريليا لاساك، بول سمرز، كيلي نينيكانكَاس، لمناقشة عدة نقاط بعضها غيردقيق: هل يمكن الكتابة عن موضوعات ثقافة أخرى من دون أن تكون سياحيّة؟ كيف تفهم ما لا تستطيع أن تترجمه؟ كيف تترجم ما لا تفهمه؟
كان الوقت ضيقاً ساعة واحدة لخمسة متحدثين، بينما الموضوعات المطروحة في غاية التعقيد والاتساع.
كانت إجابتي أن ما كتبه الشعراء العظام يفند هذا النوع من الأسئلة ولاسيما السؤال الأول، والأمثلة على ذلك النصوص الباهرة الكثيرة التي كتبها الشعراء: تنسين الذي حاول تقليد الشعر العربي حتى في أوزانه، شيلي، بيرون، ووردزورث وحتى بعض الشعراء المعاصرين مثل توني هاريسون في كتابته عن الجنديّ العراقيّ الذي استحالت جثته فحماً وشاعر إنكليزي آخر عن حرب اليمن الحالية. بل ان هناك نصوصاً كتبها من هم بيننا الآن في هذا المهرجان كالشاعر آندي كروفت الذي كتب قصائد جيدة عن المأساة السورية وعن مجزرة ساقية سيدي يوسف في تونس في الخمسينيات.
أعقبت هذه الفعالية أمسيتان اشترك في الأولى الشاعر الروسي ليف روبنستن والشاعر العراقي شوقي عبدالأمير والشاعر الفرنسي فرانسيس كومب.
أما الثانية فقد جرت في مكان آخر تكاد تكون خاصة بالشاعرات بيجان مطر، جيردر كرستني، أوريليا لاساك، زويلا فورس، كيبوني بارينغ، والشاعرة البولندية جوستينا بارجلسكا كما اشترك فيها موسيقيون ومغنون بارعون.
ابتدأ اليوم الثالث بجلستين ضمت كلّ جلسة مجموعة من الشعراء لقراءة قصائدهم وتعريفهم للشعر. بدأوا بالتعريف فاختلفوا وحين سئلت عن تعريفي أجبتهم بقصيدتي القصيرة:
لا أريد أن أعرّف الشعر
أريده أن يعرّفني

أما النصوص التي قرأتها فقد كانت قصيرة من بينها بعض قصائد هايكو طلبوا مني قراءة العديد منها:
حلمت ذات مرّةٍ
أن يداً واحدة
تصفّق لي
*
حصاني
ينظر في اتجاه
وانا في اتجاه
*
ما أشبهني بهذا الخفاش
وقد أمضيت حياتي
معلقا في الفراغ

أعقبتها في الرابعة والنصف أمسية في المكتبة المركزية ضمتنا أنا والشاعرين شوقي عبدالأمير وبيجان مطر.. قدمها آندي كروفت. كان من المفروض أن يتم الحديث فيها عن الشتاء العربيّ كما جاء في العنوان ولكن ذلك يتطلب القيام بالترجمة عن العربية أو الفرنسية بالنسبة إلى الشاعر شوقي عبدالأمير، كما أنّ اقتصارها علينا أنا وشوقي وبيجان سيحد من سعة التناول ووجهة نظرالآخر الأوربيّ، بالإضافة إلى أسباب أخرى، لذلك تحولت الأمسية إلى أمسية شعرية جمهورها كان مهيئا لسماع شيء آخر. قام بقراءة قصائدي في الإنكليزية بول سمرز بينما قرأ آندي قصائد الشاعرين الآخرين.
تلتها امسية أخرى ضمتنا أيضا أنا والشعراء: جيردر كرستني، ليف روبنستن، جوستينا بارجلسكا، أوريليا لاساك، وشوقي عبدالأمير.
في الأمسية الأخيرة قرأت قصيدتين سأنشرهما في صفحتي: الأولى بعنوان ساحة، والأخرى بعنوان انشغالات زياد. الصورة المرفقة هنا التقطت في هذه الأمسية، وقد أسعدني حماسة الناس للقصيدتين وتعاطفهم، وشراء ديواني المترجم سراباد الذي نفدت نسخه المعروضة للبيع، ومن هؤلاء المحبين عراقية تقدمت مني فرحة وهي تحمل كتابي لأوقعه ذاكرة لي أنها هدية من صديقتها الإنكليزية التي حملت بدورها نسخة أخرى. كم أنا ممتن لمن يقرأني. كما أسعدني أن يخصني المهرجان بهذه العبارة المرفقة مع صورتي في صفحته في الفيس بوك. إنها احتفاء بالشعر العربيّ ولغتي أكثر مما هي احتفاء بي وإن كنت أورد ترجمتها بتردد:

//الشاعر المدهش عبدالكريم كاصد، ومعه مارك روبنسن الذي قرأ شعره مترجَماً، بهرنا ببراعته، مستحوذاً على مشاعرنا: تعليق لصفحة المهرجان على فيس بوك//.

*مقاطع من “أُحدِّثك يا والت ويتمان”،
ل: عبدالكريم كاصد:

7
أفراحنا صغيرةٌ يا والت ويتمان
شموعٌ مبعثرةٌ في مجاهيل ظلمتنا
شموعٌ تضيء
فمن أين تأتي
هذه السعادة الغامرة
سعادتنا أنا وأنت؟

8
أين اختفت الظلمةُ
حين امتلأت روحُك بالضوء؟

9
النجوم
تجيء وتذهبُ في السماء
الظلالُ تجئ وتذهب على الأرض
النجومُ حائرة
والظلال
لا تكفّ عن الاهتزاز
ظلالٌ سوداء
تهتزّ…
أهيَ الحرب؟

10
الطفل الذي غادر البيت
ها هو يعود
محمولاً في تابوت
الزقاقُ يراه
السماءُ تراه
وأنا أراه
من منفاي
(على بعد ألوفِ الكيلومترات)
إلاّ شخصاً واحداً
لا يراه أبداً
حتى لو جلبوا إليه كلَّ مجاهر العالم:
أمُّهُ الواقفة هنالك كالتمثال

13
بعد الحرب
ماذا نفعل بطوابير الموتى
حين يعودون بلا أسماء؟

14
شجرة البلوط التي رأيتَها في لويزيانا
يا والت ويتمان
وحيدةً يتدلّى منها الطحلب
رأيتُها نخلةً في صحراء
لا يقطعها حتى الذئب
وحيدةً
وادعةً
خضراء
عند بركةٍ
لائذة بظلها
آه.. لو أبصرُها ثانية!

16
أنت يا منْ “تلجُ السطوح والأعماق معاً”
يقولون عنك:
“شاعر السطوح”
يا لغباء الريش العابر!
يا لغباء الريش!

17
ما الماضي؟
يا والت ويتمان
إن كانت أشباحُهُ تسكنني ليلَ نهار
هاذيةً
تنشرُ رائحةَ القبر
ما الروح؟
إذا كانت تلعقُ دمَها جائعةً
وتفحّ..
من أنت؟ أنا؟
في هذا النفق الممتدّ إليك.. إليّْ
يعبرهُ الأحياء
بأقدامٍ حافيةٍ ورؤوسٍ شعثاء
وقد يعبرُهُ الموتى

18
الأرض
ليست باردةً
ذكيةٌ هيَ يا والت ويتمان
حين تخلو من البشر
تستيقظ أحجارُها شاهدةً
مشيرةً
لها عيونُ الأجداد
وإيماءاتُهم
وقد تتقدّم كالجند
في معركةٍ خاسرةٍ
وقد تسيلُ دماً
الأرض

19
بعد أن طفنا حول العالم
ما أشقّ الطواف حول الإنسان
وما أشقّهُ..
حين يكون ميّتاً!

*في أحدث أعدادها، نشرت مجلة “هايكو العالم” الصادرة في طوكيو، قصائد هايكو لعبدالكريم كاصد، باللغتين العربية والإنكليزية، نقتطف من بينها:

حتى حيّات الماء
تبدو صفراء
في الخريف

Even the water snakes
Seem yellow
In autumn

*
المقهى مغلق
الرابعةُ والنصف فجراً
قطارٌ طويلٌ وطابورٌ أطول

The café is shut
Dawn at half past four,
Long train and a longer queue

*
بقدمٍ واحدةٍ
قصيدتي
ترقصُ في الحفل

With one foot
My poem
Dances at the party

-سيرة:
عبدالكريم كاصد، المولود في البصرة “العراقية” سنة 1946، كان حصل على ليسانس في الفلسفة من جامعة دمشق سنة 1967، وعلى الماجستير في الترجمة من جامعة ويستمنستر– لندن، سنة 1993.

عمل كاصد مدرساً لعلم النفس واللغة العربية في العراق والجزائر، وفي سنة 1978 غادر العراق إلى الكويت هارباً عبر الصحراء على جملٍ، ثمّ إلى عدن حيث عمل محرّراً في مجلة الثقافة اليمنية، وفي نهاية 1980 رحل إلى سورية ثمّ إلى لندن أواخر 1990 حيث يقيم حالياً.

تُرجم شعره إلى اللغتين الفرنسية والإنجليزية في أول إنطلوجيا للشعر العربي أعدّتها الدكتورة سلمى خضراء الجيوسي، كما أدرج اسمه وأعماله الأدبية في (معجم الكتاب المعاصرين) و(معجم البابطين)، و(إنطولوجيا الأدب العربي المهجريّ المعاصر) للدكتور لطفي حدّاد. أقيم باسمه مهرجان المربد، سنة 2006.

*مجموعات شعرية:
1- الحقائب، الطبعة الأولى 1975 دار العودة- بيروت. الطبعة الثانية 1976 دار الأديب- بغداد.
الطبعة الثالثة 2011 دار تموز- دمشق.
2- النقر على أبواب الطفولة، الطبعة الأولى 1978 مطبعة شفيق- بغداد.
3- الشاهدة، الطبعة الأولى 1981 دار الفارابي- بيروت.
4- وردة البيكاجي، الطبعة الأولى 1983 دار العلم– دمشق.
5- نزهة الآلام الطبعة الأولى 1991 دار صحارى- دمشق.
6- سراباد، الطبعة الأولى 1997 دار الكنوز الأدبية- بيروت.
7- دقّات لا يبلغها الضوء، الطبعة الأولى 1998 دار الكنوز الأدبية- بيروت.
8- قفا نبكِ، الطبعة الأولى 2002 دار الأهالي- دمشق. الطبعة الثانية 2003، دار الأهالي- دمشق.
9- زهيريّات، الطبعة الأولى 2005، دار الكندي-الأردن.
10- ولائم الحداد، الطبعة الأولى 2008، دار النهضة العربية- بيروت.
11- الديوان المغربيّ، الطبعة الأولى 2009 دار الحرف- المغرب.
12- الفصول ليست أربعة، الطبعة الأولى 2009 اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين- البصرة. الطبعة الثانية 2013 دار الفراشة- الكويت.
13- هجاء الحجر، الطبعة الأولى 2011، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
14- حذام، الطبعة الأولى2011 دار تموز- دمشق.
15- ديوان الأخطاء، الطبعة الأولى 2014، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة- القاهرة.
16- رقعة شطرنج، الطبعة الأولى 2016 الهيئة المصرية العامة للكتاب- القاهرة.

*مختارات شعرية:
17- نوافذ (مختارات شعرية)، الطبعة الأولى 2009 دار المأمون الثقافية- بغداد.

*مجموعات قصصية ومسرحية:
18- المجانين لا يتعبون، الطبعة الأولى 2004 دار الكندي- الأردن.
19- حكاية جندي، مسرحية عُرضت على مسرح (أولد فك) بلندن في مطلع سنة 2006.

*نصوص:
20- جنة أبي العلاء (نص سرديّ)، 2011 دار التكوين- دمشق. الطبعة الثانية 2014 دار الروسم – بغداد.
21- أحوال ومقامات، الطبعة الأولى 2011 دار فضاءات- الأردن. الطبعة الثانية 2016، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.

*أدب رحلات:
22- باتجاه الجنوب شمالاً، 2011 مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
23- صورة مراكش 2017 مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.

*دراسات:
24- غبار الترجمة، 2011، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
25- متنٌ.. هامش، 2016، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.

*ترجمات شعرية عن الفرنسية:
26- كلمات لجاك بريفير1981 دار ابن رشد- بيروت.
27- أناباز لسان جون بيرس1987 دار الأهالي- دمشق.
28- قصاصات ليانيس ريتسوس 1987 دار بابل- دمشق.
29- عن الملائكة لرفائيل ألبرتي، 2011 دار التكوين- دمشق.

*ترجمات عن الإنجليزية:
30- نكهة الجبل، 2005 دائرة الثقافة والإعلام- الشارقة.
31- ربة الشعر هي الكومبيوتر، 2011، مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
32- أفكار موجزة عن الخرائط، 2011 مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
33- البحث عن صورة هيجل، 2011 مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.
34-هربرت زبغنييف (مختارات شعرية)، 2014 مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، القاهرة.

*حوار:
35- الشاعر خارج النص: كتاب صدر سنة 2007 عن المطبعة السريعة في المغرب. وهو حوار طويل أجراه معه الشاعر والمترجم المغربي عبدالقادر الجموسي.
36- عبدالكريم كاصد من الحقائب إلى رقعة شطرنج، حوارات أعدّها الشاعر عبدالباقي فرج، 2011، دار تموز للطباعة والنشر والتوزيع- دمشق.
37- أيهما الوطن؟ أيهما المنفى؟ (حوار طويل أجراه معه الشاعر معتزّ رشدي)، 2113، دار تموز للطباعة والنشر، دمشق.

*تحقيق وإعداد:
38- “الأجنبيّ الجميل” للشاعر مصطفى عبدالله 2004 دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد.
39- مهدي محمد علي، مختارات شعرية 2016، دار الروسم- بغداد.

*كتب في بعض المجلات:
40- من برديات مصر، “مجموعة نُشرت في مجلة (أدب ونقد) المصرية 2013”

*كتب في لغات أخرى:
41- “مقاهٍ” مختارات شعرية باللغة الإنجليزية، 2012.
42- “مقاهٍ لم يرها أحدٌ”، باللغة الفرنسية، 2013.
43- “سراباد”، مختارات شعرية باللغة الإنجليزية، 2015.
44- “مئة هايكو وهايكو”، باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية واليابانية.

*يعد حالياً بالتعاون مع الأديب والمترجم جمال حيدر ترجمة الأعمال الشعرية الكاملة ليانيس ريتسوس التي تبلغ أكثر من مئة مجموعة شعرية عن اللغات الثلاث: اليونانية والإنجليزية والفرنسية. صدر منها المجلدان الأول والثاني.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *