ريتا الحكيم
قال لي ذاك الرَّجلُ إنَّ نصِّيَ الأخيرَ يحتاجُ إلى بعضِ التَّهويةِ لأنَّ الكلماتِ فيه رطبةٌ جدًا.. وإنَّه مِنِ الضَّروري أن أفتحَ فيهِ نافذتينِ.. إحداهما تطلُّ على قلبهِ، والأخرى على قلبي.
**
يلزمُني حبلٌ طويلٌ لأنشرَ عليهِ الكلماتِ قبل أن تتعفَّنَ
فما بين النافذتينِ عشقٌ
وما بين القلبينِ شوقٌ
آخرُ حبلٍ كان مُقَطَّعَ الأوصالِ
فأحلتُهُ على المعاشِ
ليستريحَ في مُنتصفِ الطَّريقِ بيننا
*
من يومِها لم تُشرقِ الشَّمسُ
لا يزالُ النصُّ رطبًا
والعناكبُ تنسجُ شِباكَها في حُضنِ مفرداتِهِ
لم تُكتَبِ النَّجاةُ للنافذتينِ
ولم تلتقيا وجهًا لوجهٍ
وبقي الحبلُ على مرمى نظرتَينِ.. وخفقتَينِ
من ذاك الرَّجلِ الذي تطفَّلَ على سِياقِ النصِّ؛ فأرداهُ قتيلًا.
*
الذي اخترع العطور كان يعلم أن النصَّ أنثى بارعةُ الجمالِ تتفاخرُ بروائحِ جسدِها، وتنثرُها بين السُّطورِ.
القارئ ليس خبيرَ عطورٍ
وليس مهووسًا بالماركاتِ العالميَّةِ أو المحليَّةِ
يعبثُ بالنصَّ.. ويُشكِّلُ منه طائرةً ورقيَّةً ليطيرَ على جناحِ السُّرعةِ خارجَ فضاءِ النصِّ الضيِّقِ،
تتقطَّعُ أنفاسُهُ ويلوذُ بذاكَ الحبلِ الذي أُحيلَ على المعاشِ قبل انتهاءِ خدمتهِ الفعليةِ في الرَّبطِ بين النَّافذتينِ
وقبل الإعلانِ عن أنَّ النصَّ الرَّطبَ منطقةٌ منزوعةُ السِّلاحِ.