فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

أخبار ثقافية

طه الجند في “البيت الهادئ يدعو للقلق”!

صدام الزيدي

 

“البيت يغري كي نشيخ/ نكون أطفالًا متى شئنا/ نناور أو نتيه/ البيت امرأة/ إذا ضاقت يضيق”. تلويحة أنيقة للشاعر اليمني طه الجند من على الغلاف الأخير لمجموعته الشعرية الرابعة “البيت الهادئ يدعو للقلق”، الصادرة حديثًا عن “مركز وِدّ” في صنعاء.

52 نصًا، تناثرت بين قصيدة نثر وومضات، توزعت على 108 صفحات، فيما تطل لوحة غلاف عميقة للفنان التشكيلي اليمني ياسين غالب، تذهب جميعها في منعطفات ثلاثة: *غرفة للمسودات والنوم. *البيت الهادئ يدعو للقلق. *ساق الحرب.
تأخذ النصوص تقنية الاختزال في نصوص قصيرة، وأخرى مندلعة، بين قصيدة نثر، وومضة “هايكو”.

في نص: “سأتكلم ولن يوقفني أحد”:
“ها أنا أعود إلى المقهى/ لمواصلة الكلام/ سأتكلم ولن يوقفني أحد/ سأتكلم عن البلاد التي نهبت/ عن الجيل الذي سد الأفق/ وما يزال/ سأتكلم عن الربيع العربي/ عن المرارات والأحلام/ لكن الجميع يخوضون في هذا الشأن/ وليس هناك ما يضاف/ سأتكلم إذًا عن طه الجند/ عن ذلك الولد العاشق/ عن البنت التي أحبها/ أو سأتكلم عن سنوات المعلمين/ عن القادمين إلى صنعاء/ برؤوس منفوشة وقمصان بالية/ لا يحملون سوى الاستمارة الابتدائية/ ودهشة الصور الأولى/ وكيف أصبحوا وسيمين وأشقياء/ سأتكلم عن زمن البعثة السودانية/ عن العميد عبد الرزاق المرغني/ عن الأستاذ بشرى/ عن الدفعة الأولى/ عن الطالب المثقف/ في نظر مدرس اللغة العربية/ والمرح الساخر/ في نظر أصحابه الكثيرين/ من صنفوه شيوعيًا مغرورًا/ جاء بعد فوزه برئاسة اللجنة الثقافية/ وإدارته للإذاعة والمكتبة/ وإصدار الصحف الحائطية/ هذا الحضور اللافت/ بفضل مجموعته المغامرة/ وهي مجموعة عرفت بطلعات وأحوال/ ففي ساحة الشوكاني الداخلية/ كان لكل واحد شجرة صغيرة/ يسقيها ويعتني بها/ صارت الآن أشجارًا عالية/ لا أثر للأسماء التي حفرت عليها”.

طه المختلف، حتمًا، الذي يدعو للقلق “شعرًا وفضاءً”، محرِّضًا على اندلاع الدهشة، افتتح “غرفة للمسودات والنوم” بـ التصدير: “عند قدوم العاصفة، لا تفكر الشجرة بالفرار”، تاركًا عتبةً أولى تفضي بنا إلى “البيت الهادئ يدعو للقلق”: “لست جبانًا بما يكفي لأصمت”، على أنه في “ساق الحرب”: “للمنتصر حكايات كثيرة، وللمهزوم ساق خشبية”.

من طلوع المنعطف الثالث: يستهل الشاعر طه الجند (الذي جاء إلى الأرض عام 1962 في قرية الجند وصاب العالي بمحافظة ذمار وسط البلاد، ليدرس الاعدادية والثانوية بمعهد الشوكاني في صنعاء، قبل أن يتخرج في جامعة صنعاء 1991، عضو اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين وأحد أهم كتاب قصيدة النثر اليمنية) نص “لماذا لا تذهب إلى الحرب” بهذه الطلقة المدوية:
“أنا في الخطوط الأمامية/ منذ سنوات/ لم أر أحدًا لأطلق عليه النار/ لم أجد في المتاريس سوى الفقراء”. ذاك هو طه الجند، الذي يدعو إلى الحياة، حينما لا يذهب إلى الحرب، ذلك أنه يذهب كل لحظة إلى السلم والشعر والجنون.

قبل “البيت الهادئ يدعو للقلق”، “زمن الجراد”، 2000. “أشياء لا تخصكم”، 2004. “رجلٌ في الخارج يقول أنه أنا”، 2008.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *