فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

شعر حر

شذرات في مقام الغياب

رعد السيفي

 

لَكَ الآنَ أنْ تستريحْ
أيهذا الفؤادُ الجريحْ،
فقد كُنْتَ سبعينَ عاماً
كجمرِِ وريحْ!

*  *  *
ما الذّي يَحدثُ الآنَ تحتَ الظّلامْ؟
فقلبي يُحدّثني أنَّ سرّاً تنوءُ بهِ
تراءى هناك
ليُرخي على البعدِ عينيكَ
كي لا نراكْ!
لتمضي حيثُ تنامُ العصافيرُ
في شهقةِ الغيمِ فوقَ سماءِ الخيامْ
لتبقى تتيهُ على شفتيكَ
حروفُ السّؤالْ،
ويعشو شبُ الصّمتُ مابينَ عينيكَ
رغمَ المحالْ
لإِنّكَ تَعلمُ أنّا هنا
بانتظارك من قبل أنْ يتسرّبَ
من بينِ أنفاسِنا حُلُمٌ
يُعَرِّشُ تحتَ ظِلالِ النّدى
في أريجِ الأقاحْ
لِنَطْلقَ خيلَ ارتحالاتنا
في دروبِ الصّباح
غريبينِ تحتَ سماءِِ بعيدةْ
لنقطفَ وردَ القصيدةْ
غيرَ أَنّكَ باغَتَّني،
ورحتَ تلوّحُ لي من خلفِ تلك الضّفاف،
فَصِحْتُ انتظرني:
لم يبقَ في الأُفقِ
إلاّكَ من صاحبِِ
لنأمنَهُ جمر أسرارِنا
غيرَ أنّكَ رحتَ تُباري كواكبهُ
تغيبُ…
فصحتُ: انتظرني
ولكن..!
وها أنّني ألثمُ الصّوتَ عبرَ الأثيرْ،
وألمسُ وجهكَ من خلفِ ثلجِ الغيابِ؛
لأوقِظَهُ في المطافِ الأخيرْ
* * *
هكذا…
صارَ بيني وبينَكَ
حدٌّ وبابْ
كُلّما جئتُهُ طارقاً
لايردُّ الجوابْ!

حالَ بيني وبينَكَ
ظِلُّ السّكونْ
لم أعدْ قادراً
أنْ أرى خلفَهُ
ما يكونْ!

صارَ بيني وبينَكَ هذا الحجابْ
لا أُسَمّيهِ…
لكنّهُ واحدٌ من فصولِ الغيابْ!

صارَ بيني وبينَكَ هذا اليقينْ
إنَّ ما بيننا كامنٌ
في مخاضِ البداياتِ؛
حتّى انطفاءِ العيونْ!

صارَ بيني وبينَك
ما ليس تبلغُهُ الرّوحُ
في لحظةِ الإختيارْ!
إنّ ما بيننا أفْقٌ
قد كساهُ الغُبارْ!!

صارَ بيني وبينَكَ في ظُلْمةِ الليلِ
هذا المُحالْ
كُلّما جئتُ ألمسهُ
لا يُطالْ!

صارَ بيني وبينَك
حدُّ الجدارْ
سدَّ دوني الطريقَ إليكَ،
وحينَ تَفَتَّحَ غيمُ العبارةِ
كُنْتُ أراكَ وحيداً
بقلبِ الإطارْ!

صار بيني وبينَك هذا الرّهانْ
كُلّما رحتُّ أدنو إليهِ
أراهُ يغورُ بأفقِ الزّمانْ!

صارَ بيني وبينَكَ ماليسَ تبلُغُهُ الرّوحُ
في لوعةِ الإشتياقْ
صارَ بيني وبينَكَ ماليسَ
يُطْفِئُهُ غيرُ جمرِ العناقْ!

هكذا…
صارَ بيني وبينَكَ
في يقظةِِ
صخبٌ لا يُطاقْ
يَشدُّ إلى الأُفقِ
ماليسَ تبلغُهُ الروحُ
في لوعةِ الإنعتاقْ!
*   *
ها أنتَ في أُفقِ التّجلّي
ليسَ في المرقى
سواكْ،
وحمامتانِ ترفرفانِ
على الضّفافِ
لتلحقا عشقاً
خُطاكْ
*   *
كأنَّ الطريقَ إلى الأعظمّيةِ
يمتدُّ حتّى النّهايةِ
حيثُ الضّفافْ
مُنْذُ خمسينَ عاماً
تحيطُ الشّغافْ
لتغفو على بُعدِ شوقِِ،
وتصفو على ضفةِ النّهرِ
داراْ!
كأنَّ الطريقَ إلى الأعظمّيةِ
صارَ اختيارا!!
*   *
هكذا..
تمضي وحيداً
لم ترَ وجهاً سواه
ذلكَ الوجه الذّي
طالما ناجيتُهُ
في وحشةِ اللّيلِ
بدمعِِ .كي تراهْ!!
وحدهُ مَنْ يبْدِلُ الرّوعَ
إلى أُفقِ أمانْ
حينما تدرجُ
في روضِ المكانْ!!

 

كُتبت بين ٢٠١٩/٢/٢٧ و ٢٠١٩/٣/٢ إثر الغياب المفاجئ لأُستاذي وصديقي الشّاعر خالد علي مصطفى

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *