فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

شعر حر

بنت السَّراب

جميل مفرح

كانت تشير إلى البعيدِ
وتكتفي بالاتِّكاء على هواجسِهِ
فتنهمرُ النجومُ وربما تتزاحم السمواتُ
فوق مجازها العشقيِّ..
تفتحُ صُرَّة الماضي السحيقِ
وتنتقي من تحت آباط الغبار
خليطَ فوضاها المحببةِ التي اعتادت
تلقِّيها حواسُ الكونِ..
تستجلي ببسمتها وميض البرقِ
موسيقى السماء، وكلَّ قلبٍ ما تزال به
مساحةُ نقرةٍ عشقيةٍ صُغرى..
وتنشدُ للسواقي لحنها الأزليَّ
تنفخُ في حواشيها فينداحُ التثاؤبُ
في اخضرار الانتظار..
لأنها… الأنثى التي فتقت
سماواتي بخنجرِها الرشيقِ..
تباطأت في صوغ قِصَّتها الأخيرةِ،
في تلاوةِ حزنها المعهودِ،
في إيجاد كوِّتها الوحيدة كي تطلَّ عليَّ
من هجسي ومن جسد ارتباكي،
من قصائد كنتُ أكتبُها
بحضرتِها فيزهر صخرُها..
الأنثى الوحيدةُ في نساء الأرضِ
كانت لا تسيلُ على حروفي دون أن تلقي غوايتَها بساطاً أو طريقاً
مترف الجنباتِ، تعبرُهُ إليَّ فأستكينُ..
على جبيني كان خاتمُها يضيئُ
فتستدلَّ به على ولهٍ وليدٍ لم يكن
من قبله العُشَّاقُ قد كتبوا قصائدهم
وماتوا في الجوار..
خلاصة الأنثى التي جمَّعتُها
منذ البدايات البعيدةِ
أنها نصفُ الخرافة واكتمالٌ باذخٌ،
أو آيةٌ مسرودةٌ في الغيبِ
ليس لها ابتداءٌ أو يخامرُها انتهاء..
لأنها… ولأنها…
ولأنها أنثى توارثها السرابُ
عنِ السرابِ عنِ الفناء.

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *