فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

أخبار ثقافية

الحسامي: جائزة راشد بن حميد تكريم لقيمة بحثية معرفية وتعني لي الكثير

فضاءات الدهشة: صدام الزيدي

 

عبّر الناقد والأكاديمي اليمني عبد الحميد الحسامي عن سعادته بفوزه بجائزة راشد بن حميد للثقافة والعلوم لهذا الموسم في مجال النقد الأدبي، عن دراسته المعنونة بـ”السرد البصري في رواية (حرب الكلب الثانية)” والتي استحق بها الجائزة الثانية في النقد الأدبي، في دورة الجائزة السابعة والثلاثين التي أعلن عن نتائجها أخيرًا في إمارة عجمان.

وقال الحسامي لـ”فضاءات الدهشة” إن الجائزة تعني له الكثير انطلاقا من القيمة المعرفية للبحث الذي يتناول السرد البصري في رواية “حرب الكلب الثانية” حيث تتداخل الفنون ومنها فن الرواية بفن السينما في تجسيد واقع عربي (ديستوبي) مرير، فالرواية نذير صارخ بمآلات ينبغي للإنسان العربي أن يتفاداها، وأن يصحو من غفلته الحضارية التي يعمه فيها.

وأوضح بروفسور عبد الحميد الحسامي أن
بحثه (الفائز بالجائزة) منهجيًا قام على أطروحات المنهج السيميائي الذي يسعى لاستنطاق دلالات العلامات في الرواية، لتشكيل الدلالة العامة للرواية.

وتابع قائلًا: حين نجعل من هذه الرواية مشغلة لهذا البحث، فإننا ننطلق في ذلك من إدراك لطبيعة الخطابين (السينما) و( الرواية) وما بينهما من علاقات تجاورٍ وتشابهٍ، فضلًا عن إدراكنا لطبيعة المتن المدروس، وخصوصية السؤال الذي يَهْجِسُ به، فرواية (حرب الكلب الثانية) رواية (ديستوبية) تضرب جذورها في تربة المستقبل؛ لتنذر من مآلات الحاضر، وتسبر عمق الإشكالات التي تكتنفه.

ووفقًا لدراسة الحسامي: “انشغال رواية (حرب الكلب الثانية للروائي الفلسطيني إبراهيم نصر الله) بالمستقبل” سوَّغ لها أن تستند في عملية بنائها لمعطيات السينما؛ لتتمكن من تمرير المنظور الروائي في بناءٍ مثيرٍ وغرائبيٍ قائمٍ على مُتَخَيَّلِ مستقبلٍ مخيفٍ يتشيأ فيه الإنسان، وتتبدل فيه القيم، متخيلٍ تتقاطع فيه رؤية الفن بالأيديولوجيا، والسينما بالرواية، والماضي السحيق بالمستقبل المجهول؛ والواقعي بالفنتازي، والنقد المباشر بالسخرية الماكرة.

تنطلق دراسة الحسامي إلى الخطاب الروائي محاولةً تلمُّسَ أثر الوسائط الحديثة في تشكيله؛ وهذا يعني أنها لن تذهب إلى النص الروائي (المُؤَفْلَم) – الذي تحول على يد (مُخْرِجٍ) ما إلى فيلمٍ- ولن يكون هدفها قراءة أثر (الاقتباس) وطبيعته، وجماليته، فتلك أطروحة أخرى، لكن الدراسة تعمد إلى فرضية مفادها: أن هذا النص الروائي قد تخلَّقَ تحت تأثير المعطى البصري، وهيمنة سلطته؛ بشكل مباشر، أو غير مباشر؛ فعكس هذا التأثير نفسه على عناصر السرد؛ فأصبح بإمكاننا أن نسميه سردًا بصريًا.

واتجهت الدراسة إلى تفحُّص الظاهرة، وتَخَلُّلِ عناصر الرواية متوسلةً بمعطيات المنهج السيميائي الذي تمليه طبيعة المتن المدروس، فهو أغنى وأقنى في تتبع العلامات، وسيرورتها في نسيج الخطاب الروائي وعلاقاته، والكشف عن دلالاتها، وتواشجها مع الفنون البصرية.

وتنتزع الدراسة أهميتها من عدد من الأمور، أهمها: أنها تقدم قراءة بينية تعتمد على الانفتاح والتعددية، ومد جسور التواصل بين الفنون، من خلال هذا النموذج الدال. كما أنها تسعى إلى قراءة زاوية مهمة، وقضية مركزية من قضايا الرواية العربية في بعديها: الذاتي، والموضوعي؛ يتمثل الذاتي في السؤال الجمالي للرواية، ويتمثل الموضوعي في السؤال الاجتماعي للرواية، وعلاقتها بقضايا المجتمع؛ إذ إنها تناوش المتخيَّلَ الاجتماعي، وتحاول أن تصوغ سؤالَ اللحظة من خلال صياغة متخيل للمستقبل.

وينوه الحسامي بأن الدراسة جديدة في تناول الرواية؛ إذ لم تسبق بدراسة علمية -في حدود ما يعلمه-وكل ما هو منشور عنها وألفيناه في مواقع (الانترنت) لا يعدو أن يكون مقالاتٍ احتفائية فحسب.
وهنا يقول “لذلك تعد دراسةُ السرد البصري إضافةً لدراسات قليلة في هذا السياق، دراسة تتسم بمحاورة حميمية للخطاب الروائي، تصغي لمكنوناته، وتستنطقه في شؤونه وشجونه، قراءة تشكل اجتهادًا يطمح أن يثير أسئلة القارئ، وأن يجد فيه ما ينفع، أو ما نظنه كذلك”.

نشير ختامًا إلى أن فوز البروفسور عبد الحميد الحسامي بهذه الجائزة (دورة 2020) يرفع رصيده من الجوائز العربية إلى عشر جوائز تتوج مسيرته العلمية، كما أنها الجائزة الخامسة له في سياق جائزة راشد بن حميد التي تُوِّج بها لأربع دورات سابقة.

 

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *