محمد علي الرباوي
فِي اللَّيْلِ، حِينَ الْبَرْدُ دَقَّ
فِي أَدِيمِ الصَّحَرَاءِ خَيْمَتَهْ
فَتَّشْتُ عَنْ قَلْبِي الَّذِي
كَانَ يُقَاسِمُ الْخُزَامَى حُزْنَهُ
فَتَّشْتُ عَنْهُ فَإِذَا بِهِ حَمَامَةٌ تَمَدَّدَتْ
كَمَا الْجَدْوَلِ مِنْ شِدَّةِ هَذَا الْبَرْدِ
مَا بَيْنَ حَنَايَا أَضْلُعِي الْمُحَطَََّّمَهْ
حِينَئِذٍ أَدْرَكْتُ أَنَّ ﭐمْرَأَةً
قَدْ كَبَّلَتْنِي بِعَصَافِيرِ عُيُونِهَا
وَأَلْقَتْ بِي فَرَاشَةً
تَهِيمُ مَوْهِناً خَلْفَ نَوَارِسِ البِحَارْ
حِينَئِذٍ أَدْرَكْتُ أَنَّ نَاقَتِي
لَنْ تَسْتَطِيعَ وَحْدَهَا شَقَّ عُبَابِ البِيدِ
أَنَّ الصَّدْرَ مَا زَالَ مُتَوَّجاً بِأَزْهَارِ اللَّظَى
وَأَنَّ هَذَا الدَّرْبَ لَمْ يَبْدَأْ مَعِي
رِحْلَتَهُ نَحْوَ الْجَزَائِرِ البَعِيدَهْ
أَدْرَكْتُ أَنَّ مَنْ دَعَوْتُهُ حَبِيبِي
كَانَ رحْبَ الصَّدرِ حِينَمَا دَعَوْتُهُ حَبِيبِي
كَيْفَ يَرْكَبُ البِحَارَ وَحْدَهُ الْمُسَافِرُ الغَرِيبُ
كَيْفَ وَحْدَهُ يَدْخُلُ فِي مَجَاهِلِ القِفَارْ
وَلَيْسَ فِي أَشْجَارِهِ بَعْضُ الثِّمَارْ
كَيْفَ وَهَذَا الْقَلْبُ مَايَزَالُ مَرْتَعاً لِهَذِه الظِّبَاءْ
كَيْفَ وَهَذَا القَلْبُ مَا يَزَالُ هَادِئاً
هُدُوءَ جَدْوَلٍ عَذْبٍ يَشُقُّ فِي خُشُوعٍ
رَمْلَةَ الصَّحْرَاءْ
كَيْفَ..وَهَذَا القَلْبُ جَنْبِي رَاقِداً
رَغْمَ ﭐشْتِعَالِ الصَّمْتِ فِي جَوْفِ الظَّلاَمْ
………………………………….
يَا أيُّهَا الْجَبَّارُ فِي مَمْلَكَتِكْ
يَا أَيُّها الْجَبَّارُ..
هَلْ يَنَالُ هَذَا الْمُتَمَرِّدَ الضَّعِيفَ
قَطْرَةٌ مِنْ رَحْمَتِكْ
بَابُكَ وَاسِعٌ..وَلَكِنِّي
رَأَيْتُ البَابَ مِنْ شِدَّةِ حُزْنِي ضَيِّقاً
فَافْتَحْ عُيُونِي عَلَّنِي أَحْظَى بِنُورِ طَلْعَتِكْ
يَا أَيُّهَا الْجَبَّارُ بُثَّ زَمْهَرِيرَ الْخَوْفِ فِي جَوْفِي
أَنَا الَّذِي تَمَرَّدْتُ فَمَا بَكَيْتُ مَا ﭐنْكَسَرْتُ خَاشِعاً
كَمَا تَخْشَعُ أَقْمَارُ الشَّذَا فِي حَضْرَتِكْ
يَا أَيُّهَا الْجَبَّارُ
هَا هُوَ الدُّجَى يَمْلأُ هَذَا الْكَوْنَ وَحْشَةً
فَخُذْ قَلْبِي إِلَيْكَ ثُمَّ مَتِّعْنِي بِنَوْرِ رَحْمَتِكْ
يَا أَنْتَ..يَا رَحِيمُ..يَا جَبَّارُ
مَا أَوْسَعَ بَابَ رَحْمَتِكْ !
فاس: 18/4/1994