كتب- صدام الزيدي
شارع المتنبّي يشهد توقيع “ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء”..
قال الشاعر العراقي حمدان طاهر المالكي ان “قصيدة النثر أثبتت من خلال تجارب ليست قليلة أنها تحمل روح ومعنى الشعر الحقيقي وهو ما يجعلها تستمر”.
معتبرًا “أن قصيدة النثر العربية، التي تكتب، اليوم، كسبت الرهان في حضورها الدائم في الصحف والمجلات والإصدارات”.
لكن المالكي، في الوقت ذاته، أشار إلى ما أسماه “الاستسهال لدى البعض” ممن يكتبون قصيدة النثر. وغير بعيد، قال ان: “الحديث عن مستقبل قصيدة النثر هو حديث يرتبط ببقية الأجناس الأدبية من رواية وقصة ومسرح”.
واستدرك الشاعر المالكي:”قد تكون هناك تطورات تشمل اللغة والتركيب لكنها (أي قصيدة النثر) مستمرة بخطى واثقة نحو المستقبل”.
جاء ذلك، في تصريح للشاعر حمدان المالكي ل: “فضاءات الدهشة”، اليوم، على هامش توقيع مجموعته الشعرية الجديدة “ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء”، التي تم الاحتفاء بها (في طبعتها الثانية) بتنظيم من مكتبة الملتقى، في شارع المتنبي قيصرية الحنش، ببغداد، وهي من إصدرات منشورات أحمد المالكي بالعاصمة العراقية، تقع في 43 نصًا توزعت ما بين النصوص القصيرة والمتوسطة.
المجموعة هي الأحدث للشاعر المالكي، يغلب عليها الحس الإنساني واستحضار التاريخي ومزجه مع الواقع المعاش مع مسحة واسحة من النداء الإنساني الذي يطلقه الشاعر مناديًا البشر والحجر والشجر لشرح ما حدث ويحدث من مآسٍ أحدثتها الحروب.
*بغداد تحتفي وحمدان يشرق شعرًا:
في صباحٍ بغدادي، احتفى أدباء وكتاب عراقيون، اليوم الجمعة (13 يوليو-تموز 2018) بأحدث مجموعة شعرية لحمدان طاهر المالكي الذي بدوره سجل شكره ومحبته لجميع الأصدقاء الذين حضروا فعالية التوقيع والذين لم يتمكنوا من الحضور، ملوحًا بكل محبة إلى حضور “الأصدقاء مهند الخيكاني وعلي أصلان وعلي الحمزة ومهدي علي أزبين وسعد عودة ووليد البغدادي وفراس أموري ومحمد نوار ونصير فليح ورعد طعمة وعلاء الحمداني ورضا المحمداوي وعبد السادة جبار ومالك عبدون والشكر للعزيزة أفياء الأسدي وللجميل حسين المخزومي ولكل الأصدقاء”.
*ضوء على تجربة مدهشة:
في إطلالة نقدية للشاعر والكاتب التونسي عبدالفتاح بن حمودة، نشرتها مجلة “نصوص من خارج اللغة” في أحدث أعدادها (يونيو- حزيران 2018) بعنوان: //ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء بين تعدد المرجعيات وإعادة تعريف الشعر//، يكتب بن حمودة: “كنت أدرك منذ تعرّفي إلى نصوص الشاعر العراقي حمدان طاهر المالكي، أنها تشكل عالما شعريا مخصوصًا قائما على البساطة والإدهاش وتأكد لي هذا الأمر إثر مباشرتي لقراءة عمله الشعري الأخير “ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء” فقد عشت حربًا ضروسًا مع الكلمات والعوالم الشعرية المدهشة التي تخفي وراء هدوئها الظاهر نيرانا شتى”.
وينوه بن حمودة انه: “باستنطاق النصوص يمكن إعادتها إلى مراجعها الأولى حيث اكتشفت نصوصا موازية تتجلى في مرجعيتين أساسيتين: (1) المرجعية الواقعية (تفاصيل الواقع/ اليوميّ/ البسيط/ إلخ). (2) المرجعية الثقافية (النصوص الدينية/ الأساطير/ المخيال الشعري/ إلخ). أما مدار المرجعيتين فهو العلاقة بين الذات والموضوع فالمساحة واضحة وجلية أحيانا بين الذات والموضوع وأحيانا تصبح الذات موضوعا فتمّحي الحدود بينهما بطريقة مخصوصة في القول الشعري”.
ويلفت الشاعر بن حمودة، في سياق قراءته التي اعتبرها اطلالة على ملامح أساسية في كتاب المالكي، إلى ان: “الشعر لدى حمدان طاهر المالكي، يأتي من جهات يمكن محاصرتها من داخل النصوص ومن النصوص المحايثة لها (تلميحًا أو تصريحًا) فالشعر لديه هو أن نتّبع الكلمات مثل كلاب وفية”.
ويضيف بن حمودة: “المعجم المتداول يتأرجح بين عالمين أسود/ أبيض، صعودًا ونزولاً، لكنهما عالمان متشابكان ومتناغمان، فالضوء في النهاية يولد من الظلام، والنور يولد من العتمة”. كما “يحضر الواقع في نصوص مجموعة حمدان طاهر بشكل صريح عادة ويتجلى ذلك الواقع في التفاصيل (مركبة/ عربة/ قبر/ توابيت/ الجثة/ البيت/ الباب/ عش/ شجرة/ طابور/ حسرات الجنود/ المحار/ نجمة/ ريشة/ رصاصة/ حقيبة/ الشموع/ عمامة/ مسبحة/ عشب/ أخشاب/ الطعام/ الشراب”. وفي الأمكنة (المدينة/ السوق/ المقهى/ الحقل/ الشوارع/ بستان/ المقبرة/ الحقول/ النهر…”.
وبحسب قراءة عبدالفتاح بن حمودة، فإن ذلك ما يتعلق ب “المرجعية الواقعية” لنصوص المجموعة، بينما “المرجعية الثقافية: (1) النصوص المقدسة: القرآن أساسا: (آدم/ حواء/ الجنة/ الشجرة/ الخلود/ الهبوط/ الله/ الشيطان/ ناقة صالح/ نوح/ الطوفان/ يوسف/ عيسى/ ابراهيم/ الفردوس/ معجزة). (2) الأساطير: (أسطرة الواقع): لا تحضر الأسطورة إلا تلميحًا عادة لكن الواقع هو الأسطورة الأساسية في تجربة حمدان طاهر المالكي الذي استطاع تحويل اليومي والمعيش إلى أسطورة جديدة. بنى أسطورته الخاصة القائمة على استخراج الشعريّ من التفاصيل والأمكنة والواقع واليوميّ”.
إلى ذلك، يكتب أحمد الشيخاوي في موقع “الزمان المستقلة” الالكتروني، في آذار- مارس الماضي، في سياق تناوله صدور أحدث مجموعة شعرية لحمدان طاهر المالكي، المحتفى بها، اليوم: “هو خدر ترغبه منّا قصيدة حمدان، تعقبه يقظة واعية، مثلما يمليها قلب مفتوح وبصيرة عادلة، علينا ألاّ نتغابى أو نتقاعس في الاتكاء على جوهريتها ونحن نحلم بتباشير فجر نعاود فيه لملمة إنسانيتنا وترتيب هويتنا المتناثرة أشلاء”.
من ناحيته، يكتب الناقد العراقي داود سلمان الشويلي، تحت عنوان “الأسطورة والشعر وأسئلة التأويل والتفسير في مجموعة حمدان طاهر المالكي”: “أول ما يتبادر إلى الذهن هو “الثنائية” التي يحملها العنوان بين كلماته، وهي ثنائية ضدية، ضدية الاضاءة واللا اضاءة “اطفائها”، وضدية الظلام والضوء”.
يضيف الشويلي: “من يقرأ قصائد هذه المجموعة (ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء) سيرى كم كان الشاعر موفقًا في اختيار هذا العنوان، لما نستشفه في قصائدها من ضدية ثنائية”.. مستشهدًا ب: “في أعماق الضرير/ نهارٌ أخرسُ/ نظرة يشعلها الظلام/ وتطفئها الأضواء”.
ويبين الكاتب داود الشويلي، في قراءة نقدية له على صفحات جريدة “طريق الشعب” العراقية، في 12 شباط- فبراير 2018: “في المجموعة (ما يضيئه الظلام ويطفئه الضوء) سنطالع ثلاث قصائد تتناص مع ثلاث أساطير توراتية “سفر التكوين” استلتها التوراة من أساطير سومرية، وبابلية، وكنعانية تعود إلى الإرث السومري أيضاً.. أي ان الشاعر أعادنا إلى الإرث الأسطوري السومري مرة أخرى.
الأسطورة الأولى هي أسطورة “آدم وحواء” والتي تناصت معها قصيدة “صعود”. والأسطورة الثانية هي أسطورة “نوح والطوفان” التي تناصت معها قصيدة “الوصول الى الله”. والأسطورة الثالثة هي أسطورة “يوسف” المتأثرة بأسطورة جلجامش التي تناصت معها قصيدة “البحث عن يوسفَ جديدٍ”.
*نص:
من وراء الباب أنتظر
لا دقات
لا صوت
لا شيء يا بني.
أنا أفعل ما يفعل الرعاة
أنادي على نجمة بعيدة
أتخيلها أمًا
أحدثها عن الحقول
عن لوعة الأيام
عن الذين يذهبون ولا يأتون
أشرب ضوءها
وأنام.
*تلويحة غلاف أخير:
“ينتمي حمدان طاهر المالكي إلى الجيل الجديد من الشعراء العراقيين الذين نشؤوا في ظل الحرب وفظائعها والأزمات السياسية وأضرارها الوخيمة. للقصيدة عنده كل مواصفات الحلم، لا سيما القدرة على اختراق حدود المكان والزمان وهدم كل حاجز بين الواقع والخيال، طردًا أو عكسًا، لكون الواقع بما أضحى عليه من لامعقول قد تجاوز الخيال نفسه وقد ترتّب على هذه التجربة اتّسام لغة الشاعر بإشراقات فنية مدهشة. (محمد صالح بن عمر: ناقد ومترجم تونسي).
*سيرة:
حمدان طاهر المالكي، شاعر وكاتب عراقي، ولد في ميسان الكحلاء 1969
يقيم في بغداد. عضو اتحاد الأدباء والكتّاب في العراق.تنشر قصائده في الصحف العراقية والعربية. صدرت له: “رائحة السماء” عن دار مصرمرتضى للكتاب العراقي عام 2011 بغداد. “نخلة الحلم” عام 2013 عن دار ومكتبة عدنان. “مجرّد شجرة” عن دار ومكتبة عدنان عام 2014. “غرق جماعي” عام 2015 عن دار أدب فن للثقافة والنشر هولندا. صدرت له أيضًا “مجموعة من النّصوص المترجمة للفرنسية مع 88 شاعرا وشاعرة بعنوان مختارات من الشعر العالمي، ترجمة محمد صالح بن عمر عن دار الإشراق في تونس”. “مجموعة نصوص مختارة مترجمة للفرنسية بعنوان (قبل موتك بقليل) عن دار أدليفر الفرنسية ترجمها محمد صالح بن عمر.