فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

كتابات

المقالح.. ذاكرة الشعر- أبجدية الإنسان

قادري أحمد حيدر

مفتتح:

حين أردت الكتابة عن وحول “ذاكرة الشعر أبجدية الإنسان”، كان حافزي أن تكون ورقة أو قراءة في سوسيولوجيا الأدب، ولكن لظروف عديدة خرجت في صورتها التي بين أيديكم.

(1-2)
“أبجدية الروح ذاكرة الشعر” هي سفر إبداعي ينجزه عبدالعزيز المقالح على طريق التأسيس التكويني لمعنى أبجدية الإنسان ، وهي أبجدية لا متناهية من أجل الإنسان … هي ارتياد صعب في درب صيرورة القصيدة المتعبة التي تبحث عن أفقها الإنساني أو عن نفسها ، تقود الشاعر إلى حتفه أو خرابه الجميل -حسب تعبير “أدونيس” -فيه يحاول المقالح اختراق النص الصوفي في صورة وحدة الشهود ، لا وحدة الوجود ، لأنه محاولة لمقاومة الواقع عبر الفناء في الروح ، الفناء والتوحد في الآخر لأن لا وجود للأنا إلاَّ بوجود الآخر.
نصوصه تبحث في الضياع والفراغ عن معنى ، مستأنسة بإشراقات الروح . يبحث عن الإبداعي داخل النفس . الحداثة في شعره ، من أول قصيدة إلى أخر نص في دواوينه الأخيرة ، تحكي قصة أبجدية الروح ، وفي مجموع دواوينه التالية للأبجدية وما بعدها . و حتى قصيدة “أعلنت يأسي” . هي أبجدية تبحث عن الإنسان ، وليست انسحابا من “الحفر على الجدار” التي أطلقها في باكورة الرحلة “سنظل نحفر في الجدار” ، بل مواصلة لذلك الحفر بالكتابة ، بالشعر ، وهو كما تقول د/يمني العيد “مسؤولية إنطاق الصامت اليمني وخلق تعبيره ولغته ، يحاول تحويل المحسوس إلى قول ، والمعيشي إلى كتابة ” من مقدمة أعماله الكاملة الجزء الأول ص15 ، لأنه لم يكن مهجوساً بالحداثة الشكلانية ، في محاولة للحاق بصيحات الموضة الفنية والجمالية واللغوية ، كما هو عند البعض ، بل هي حركة إبداعية ، وعملية فنية جمالية إنسانية تقوم على الحوار الثقافي المعرفي المفتوح مع إشكالات الواقع المعقدة ومع اعتمالات الروح الصافية الموصلة إلى نور الإبداع .
هذا ، حتى وإن كان المدى الواقعي لتحقق ذلك محاصراً كما نتكشفه في نص المقالح الشعري من خلال رحيله الدائم إلى داخل الروح إلى الله ، وإلى داخل ذاكرة الشعر لاستنطاق الجمالي والبحث عن الإنساني فيه ، أي محاولة الكشف عن الظاهر بالعودة للباطني .

مدد، مدد، مدد،
غيرك في الوجود لا أحد
الأزل القديم أنت والأبد
يا سيد الزمان
والمكان
لا شريك، لا ولد
أنت الجمال والكمال
والسلام
والصمد
مدد، مدد، مدد
حين تضيق الروح في الجسد
وينهض العدو من عباءة الحبيب
ناشرا صحائف الحسد
تنهدم القباب في ندى الروح
وتعتري الحياة رعشة
وظلمة من الكمد،
ومثلما تنكسر المياه في النهر
وتطرح الزبد
و لا أحد
* * *
(اغنية للروح / ديوان أبجدية الروح ، الأعمال الكاملة الجزء الثاني /ص)286 .

أبجدية الروح- الديوان والنص- وكل ما تلا ذلك من إبداع شعري ، هو صعود في التشكيل نحو اختزال فضاء الجسد في مفردات قاع الروح الطالعة باتجاه شمس معرفة النفس ، معرفة الله أكثر ، وتصفية لدراما الهيئة الحسية للصورة الشعرية عبر حوار داخلي ، استعاضة عن صعوبة أو قهرية حوار الصمت الخارجي الواقعي الذي يكون ثمنه اغتيال الروح ، ومقايضة العقل والشعر بالرصاصة ، وكأن أبجدية الشعر / الروح ، نص واحد مفتوح يتناسل تقدماً وإبداعاً في جل ما يقوله شعراً ، أبجدية وذاكرة شعرية حاضرة أبداً تغتلي في مرجل المواجهة مع باطل الجسد الساقط نحو الهاوية التي لاخلاص منها إلا َّبتوق الروح المشتعلة حباً في قاع نفس الشاعر ، وهي اللحظة التي يرمم بها الشاعر ما يتساقط من سقف العمر ، وتعب العيش ، وعبث الصداقات وانهيارات معاني الكلم ، حين تتجه أو تتوحد بطوفان الجسدي والأرضي في معناه الزائد عن الحاجة .

فالصداقة والوفاء لها شيء أصيل في تكوين المقالح الذاتي ، ومراراتها قاسية عليه وهو ما يتسرب في العديد من قصائده في دواوينه المختلفة . يكفي أنه جعل من الصداقة عنواناً لأحد دواوينه الشعرية “كتاب الأصدقاء” .

إن أبجدية الروح هي ذاتها أبجدية الشعر ، هي ذاتها أبجدية الإنسان ، وليست نصاً أو ديواناً ، بل مشروع ابداعي مفتوح في عقل المقالح الإنسان : هي ذاكرة الشعر أبجدية الإنسان التي تجدها حاضرة في أخص خصوصياته : ماثلة في الشعر والسلوك الشعري اليومي وفي جل تصرفاته الاعتيادية ، وتتجلى أعمق في صداقاته –كما المحنا- التي تبدأ من ينبوع الصداقة الأول –حسب تعبيره_ في صورة المتنبي الصديق إلى المعري ، إلى النفري ، عبدالله البردوني ، سلمان العيسي ، أدونيس ، عبدالودود سيف ، صلاح عبدالصبور ، إلى الزبيري ، يمنى العيد ، عزالدين اسماعيل ، محمود درويش ، أمل دنقل ، قاسم حداد ، جابر عصفور ، عبده عثمان ، زيد دماج ، أحمد قاسم دماج ، عبدالتواب يوسف، حسن اللوزي ، اسماعيل الوريث ، شوقي سفيق ، محمد عبدالسلام ، جابر عصفور ، عبدالكريم الرازحي ، محمد حسين هيثم ، ، جودت فخر الدين ، إلى صداقاته الشابة المتجددة ، (انظر ديوان الأصدقاء الأعمال الكاملة الجزء الأول) . وهي جميعاً محاولة للإحتماء بالصديق الإنسان محاولة للإحتماء بالأنا الذاتية / الإنسانية وما يوافقها لتتويج كرنفال تيجان الروح في طقوسها الخالدة .

ولعشقه للصداقة والوفاء ، ومحبته للأصدقاء ، أفرد ديون / كتاب كله للأصدقاء فيه الكثير من المحبة ، والقليل من العتب ..

في قصيدة بعنوان : إلى أصدقائي الذين رحلوا عام 1997م يقول :

فاتحة :
يرحلون ..
وتبقى روائحم
ومواقفهم حية
ومعلقة في فضاء القلوب
في الشروق تراهم إذا شعشع الضوء
تلمح أحزانهم في جدار الغروب
بعضهم يترحل في أول العمر
والآخرون يضيئون بالعمر حتى يذوب

(الأعمال الكاملة الجزء الأول ، ص152 من ديوان “بلقيس وقصائد لمياه الأحزان” )

وفي قصيدة بعنوان:
“عندما تنكسر شمس الصداقة

يقول وكأنه يرثي بعض صداقاته .

للصديق الذي باعني أنحني مشفقاً
خاشع القلب أقرأ في وجهه أمسنا
وأخضرار طفولة أيامنا
يا أعز الرفاق
لماذا يصير الندى حنظلاً
والشفاه جراحاً
لماذا تصير اللآئى محار؟
كنت في زمن غير هذا
القبيح التجاعيد
تدخل كالضوء للقلب
لاتتسلل

تدخل مثل الهوى

(الأعمال الكاملة الجزء الثاني من ديوان أوراق الجسد العائد من الموت ص449-450).

وفي قصيدة مهداة إلى الصديق الذي كان بعنوان “أغنية للرماد”

يقول فيها :

قبل أن ترفع الخنجر المتوغل
في الظهر
دعني أراك
فإن دمي حين عانقه
شم في نصله مقطعا منك
أدرك إيماءة للعناق القديم
وأدرك آثار رائحة للصداقة

الأعمال الكاملة الجزء الثاني من ديوان “أوراق الجسد العائد من الموت” ، ص447 .

وفي ديوان / كتاب الأصدقاء يقول عن بعض أساتذته الأصدقاء وعن بعض الأصدقاء .

عن الزبيري يقول :

كان أولنا في البكاء
و أولنا حين يغضب للوطن المستباح
أولنا في الكتابة
أولنا في المهابة
لا يشتهي لؤلؤاً
أو إمارة
عن محمد عبده غانم الأستاذ والشاعر يقول :

في زمن الكآبات
والخوف
كنا نراه ،
نحدق في مقلتيه
فتخضر أيامنا
وتذوب مخاوفنا

عن صلاح عبدالصبور يقول :

لم يكن شاعراً
بل ملاكاً يطير بأجنحة الشعر ِ
كيف ،
ومن أين تدخل آفاقهُ الكلماتُ ؟
وماذا ستمسك من ضوئه
فَنهِ ، أم بساطتهِ
حُبَّه الناسَ في شوقِهم
وبساطتِهم
يا صديقي :

لماذا تعجََّلْتَ موتَكَ
واخترت أن تشربَ الكاس
َ
منفرداً ؟
أنتَ من كانَ يؤثرُ أصحابَهُ
ويقاسمُهم – في المودةَّ-
وردَ الحياة !

(الأعمال الكاملة الجزء الأول “كتاب الأصدقاء” ص292+ 293).
وعن عبدالودود سيف الصديق يقول:

أماَمكَ بحرُ
وخلَفكَ بحرُ
ولم يبق إلا الصعودُ إلى الغيم ِ
فاصعدْ بنا
وأتجِهْ بخيو لكَ نحو فِجاج الفضاءِ
وسَمَّ البلادَ التي خذلتك بأسمائها
وإذا شئتَ فاصنعْ “زفاف الحجارةِ
للبحر”،

وعن حسن اللوزي الصديق يقول :

ساحرُ الحرفِ
يسألُني الآخرونَ :

ترُى كيفَ تهطلُ كِلْمِاتُه
تشكَّلُ تحتَ أنامٍلٍه مثلَما شاءَ
يحرثُ بالمفردات
ويزرعُ أوديةً للقصائدِ والحُلْمِ
حتى استقرَّ على قمةِ
لا يحطُّ عليها الظلام
ْ
(الأعمال الكاملة جزء”2” “كتاب الأصدقاء” ، ص379)
وعن محمد عبدالسلام منصور الصديق يقول :

كان يخشى من الشعر
يهرب من وجع الكلمات
إذا ما أتته القصيدة
أغلق أبوابه دونها
يبد أن القصيدة ظلت تطادره
وتحاصره بهدير الحروف
فأيقن ألا مفر من الشعر
الاَّ مفرَّ من الاحتراق

وهكذا هو في جميع صداقاته ، سفر ذاتي إنساني لمعنى الوفاء للأصدقاء وللصداقة وستجد عنوان الصداقة حاضرا في العديد من دواوينه،حتى آخر قصائده.

الجديد في “أبجدية الروح” ومعظم قصائد دواوينه التالية ، ومنها ما نقرأه اليوم -في بعض وسائط التواصل الاجتماعي – هو تلك المصادمات الخلاقة والمبدعة بين الأنا والآخر ، الحياة والموت ، الروح والجسد ، الأرضي والسماوي ، الديني والدينوي ، حيث لا تدرك ولا يصبح مفهوماً إلاَّ عبر اتحاده بالأنا الشاعرة الخاصة ذاتها ، وكأن الآخر –وهو كذلك- جزء أصيل من الأنا في تصور عبدالعزيز المقالح الشاعر ، تحديداً عندما يصبح الآخر مشوهاً ومزيفاً ومدمراً للآخر ولنفسه ، ولا يتحقق الخلاص من الجسد ، هيئته وشكله ، إلاَّ بتعالي الروح على صور الانحدارات الأرضية .

والهم العظيم في أبجدية الروح/ ذاكرة الشعر / أبجدية الإنسان، أن مفهوم الموت يقترب من مفاهيم الموت الفلسفية والوجودية الخالدة ، فهو موقف روحي فلسفي يتخطى عقبة الموت المادية كإشكالية في الوعي والنفس ، بعد أن صار الموت في رؤية المقالح محاولة لصقل أو لزرع واستنبات روح المقاومة لإشكالية الموت ، وهو المقدمة الأولى للحياة تجاوزاً للموت “الفيزيقي” وهو المعادل الموضوعي للحياة ، بالتعالي الرمزي / المعنوي لقوة الروح على الموت .
واللجوء هنا إلى اللغة الصوفية وطقوس الحالة الشعرية في واقعيتها الجديدة هو بمثابة استعارة معنوية روحية لمقاومة عبث الجسد أو انحطاط السياسي المازوم في عمومه ، وعجزه عن حل إشكالات الحياة المقدسة ، وفشله المرير في التواؤم والتوافق مع تجليات أحلام الروح الصغيرة . ولذلك يعود الجسد من الموت أوراقاً ، كما في تسميته لأحد دواوينه الشعرية في النصف الثاني من ثمانينيات القرن الماضي ” أوراق الجسد العائد من الموت” .
استعانة الشاعر أو محاولة اتكائه على المفردة الصوفية أو اللغة الصوفية الراقية الشفافة التي تجمع بين الغنائية ، والدرامية العميقة الغور في خفايا الحالة الإنسانية ، هو تعبير عن عجز قاموس اللغة الاعتيادي عن استبطان أشياء الشاعر ومكنونات اللحظة الشعرية في قاع نفسه ، حيث المفردة الصوفية لها عالمها الداخلي وإيقاعها الخاص وإحالاتها الوجودية ، الرمزية والميثولوجية ، والتاريخية الخاصة ، لها مناخها وطقوسها في تكوين إشراقات نفس الشاعر وترطيب وجدانه المحاصر بطقوس الحياة الفاسدة ، حين تصبح الحياة أقسى من الموت .
عبدالعزيز المقالح .. ذاكرة شعرية انسانية متجددة كونها تتأسس وتتكئ على أبجدية إنسانية خالدة تغوص في عمق المعاني لتبدع الجلال الإنساني . ولذلك ، أؤكد القول من أن “أبجدية الروح” هي حالة شعرية حاضرة أبداً في جل ما يكتب وليست خصيصة ديوان واحد ، كما قد يفهم البعض ، هي سلالة شعرية تتناسل في كل ما يبدع شعراً حتى اللحظة ، هي صيرورة شعرية وجودية كائنة فيه : ولذلك فإن أبجدية الروح حالة صيرورة شعرية متسامية متنامية ، هي سمو باللغة ، تألق في وهجها الشعري ، إنها لغة الشعر / والشاعر محبوكة ومرفوعة إلى ذرى روضة القول ، مفارقة لاستخدامات اللغة اليومية ، لغة التواصل التي يجعل منها شعراً مصفى لغة تنسف وتفجر الحواجز متجهة نحو العابر واليومي ، صانعة منه المثال الإنساني الخاص. هل حقاً هناك حالة صوفية في سلوك المقالح الشعري والحياتي باعتباره المقالح يعيش حالة صوفية وجودية “زاهد / متقشف”، حالة تلبسته وتمكنت منه؟ أم هي تعبير عن حالة وعي ثقافي فكري معرفي روحي أفرزت أو انتجت لحظتها النفسية الشعورية الموائمة لها على وجه الخصوص ، لها بالضرورة انعكاساتها على صياغاته الشعرية التي تدخل في صلب رحم تكوين القصيدة عنده في حالة تجمع بين الصوفي ، والمعرفي / الثقافي ، وبين الواقعي/ والمتخيل شعرياً ، حيث تبنى القصيدة نفسها وتهيكل وجودها على ايقاع توحد الطرفين ، مشيدة مناسك عمارتها ومنازل إقامتها في قاع صفاء الروح بعد تقاطعها أو اشتباكها –وليس انفصالها- مع امتدادها الواقعي أو السياسي الاجتماعي الطارد لها .. دون شك هي حالة وعي تدخل في إطار الحالة الثقافية والفكرية والنفسية والشعورية التي تقود بالضرورة إلى التأثير على الحالة الشعرية وعلى نفسية الشاعر كذات مبدعة . وهنا تبقى المفردة الصوفية : ايحاءاتها ، دلالاتها ، .. أكثر وأعمق من محاولات محصورة ومحكومة بإطار الروح الثقافية والوعي الخاص بالشعر وبالشاعر والرغبة بالتوحد مع الذات والاحتماء بها مما يغايرها . بل هي ، إلى جانب كل ذلك ، شغل دائب للاقتراب من الأنا الابداعية الإنسانية ، وتمسكاً بالفردانية الشاعرية في صورها المشحونة بملحمة صعود الروح ودراما مناجاتها ، ممتلئة بحالة درامية / غنائية ووجدانية عالية النبرة ومموسقة بإيقاع رقص موسيقي خاص ، يهندس عبرها أو من خلالها المقالح / الشاعر طقوسه اللغوية والأسطورية الخاصة به ، حتى يتحول النص الشعري إلى أسطورة قائمة بذاتها ومكتملة ، ولا يحتاج بعدها النص الشعري إلى ما يؤسطره من خارجه.

_______________
(2-2)

أبجدية الروح في تفكير وسلوك المقالح الحياتي – كما سبق الإلماح- هي حاصل جمع ذاكرة الشعر وأبجدية الإنسان ، هي رحلة ذاتية أو محاولة دائبة لاختراق الحجب التي تخفي القارة الشعرية الكائنة في أغوار الروح البعيدة ، أو العالم الذاتي غير المكتشف من قارات النفس ، بمثابة محاورة ساكنة هادئة ومتوترة مع العقل الباطني الذي لا يعلن نفسه إلاَّ بالهمس ، إلاَّ بالشعر ، ولا يحب المواجهة والصدام ، ولكنه يفضى بك لتمسك بأصل روحك ولتقف على جمرة هلاكك أو عشقك تشاهد كعبة ذاتك في رحلة انتقالك من وحدة شهودك، إلى وحدة وجودك، التي لا يسميها مجاهرة ،وذروتها أن يقف على قمة حزنه/هلاكه، بين (اعدائه/وصحبه)، ليشاهد برود صبره يقاوم جمر المخرز، على هول تعب الجسد ، الذي قد يتبدى يأساً، وهنا نقرأ سفر سورة الشعر المقاوم:

أنا هالكٌ حتماً
فما الداعي إلى تأجيل
موتي
جسدي يشيخ
ومثله لغتي وصوتي
ذهب الذين أحبهم
وفقدت أسئلتي
ووقتي
أنا سائر وسط القبور
أفر من صمتي
لصمتي .
* * *
أبكي
فتضحك من بكائي
دور العبادة والملاهي
وأمد كفي للسماء
تقول : رفقاً يا إلهي
الخلق – كل الخلق –
من بشرٍ ، ومن طيرٍ
ومن شجرٍ
تكاثر حزنْهم
واليأس يأخذهم – صباحَ مساءَ –
من آه ..لآهِ
* * *
حاولت ألاَّ أرتدي
يأسي
وأبدو مطمئناً
بين أعدائي وصحبي
لكنني لما رحلتُ
إلى دواخلهم
عرفت بأنهم مثلي
وأن اليأس ينهش
كل قلبِ .
أعلنت يأسي للجميع
وقلت إني لن اخبيْ .
* * *
هذا زمان للتعاسة ِ
والكآبةْ .
لم يترك الشيطان فيهِ
مساحةً للضوء
أو وقتاً لتذكار المحبةِ
والصبابةْ .
أيامهُ مغبرّةُ
وسماؤُه مغبرّةُ
ورياحه السوداء
تعصف بالرؤؤس العاليات
وتزدري التاريخ
تهزاء بالكتابةْ .

من قصيدة “أعلنت اليأس”

ومع أن القصيدة تعلن يأسها على أنه اليأس الصارخ / المتوثب/ الناقد الذي لا يتوقف هجائه للواقع الجاري .. هجاء لزمن التعاسة والكآبة الذي لم يترك فيه الشيطان -كما يقول- مساحة للضوء ، أو وقتاً لتذكار المحبة والصبابة ، وهنا يتجلى عمق المقاومة بالكلام / الشعر .

من يعلن اليأس : هو من يقول مالا يلزم من الشعر ، أو من يعلن انتمائه وانحيازه لتسريب الواقع القائم أو تبريره ، أما من يشحذ سلاح الشعر في مواجهة صنمية الواقع الغائر بالقتل في مواجهة ما يناقض الحياة فهو لا يعلن سوى أنه يحيا بالشعر .. بالكلمة / الروح ، وهذا ما رايته وقرأته في قصيدة “أعلنت اليأس” هي أبجدية الشعر ، أبجدية الإنسان في تجلياتها المقالحية الإنسانية .

اليأس دائما متواري مخبئ، اليأس من صفاته الصمت، والقنوط والانطواء والكابة والاكتئاب ، حتى الانسحاب من الحياة ، وليس في المجاهرة في اعلان اليأس للجميع، المقالح الشاعر باعلانه الصارخ ذاك انما يعلن مقاومته للانكسار واليأس ويواصل مشوار الحفر على جدار التحدي بالشعر، فقد قضى الرب أن يتعذب بالشعر وأن يسكن الكلمات وتسكنه ، والتعبير السالف له من مرثيته في مالك بن الريب.

خاتم إشكالات أبجدية الذات / أبجدية الروح / أبجدية الإنسان هي فكرة البطولة التي يدخل إليها الشاعر المقالح من زاوية غير متوقعة وغير مطروقة والتي تجدها في جل دواوينه الشعرية ، وهي البطولة التي نكتشفها من خلال مواجهة باطل الموت ، نعلم أن البطولة العظيمة جماعها وخلاصتها هو سير واع على وجع الموت وصولاً للفرح أو للانتصار على فكرة الموت من خلال الحوار المزيل لأسباب علاقة الموت الوجودية والحياتية بنا ، الكائنة في النفس الانسانية وفي الوعي الديني والاسطوري والتاريخي ، حيث الموت المجازي غدا هو أحدى إشكالات الأدب الواقعي والإنساني .

ذلك أن جماع خلاصة البطولة في عقل المقالح ليس القدرة على هزيمة الأخر “الخصم” ، بل في جعله قوياً باقترابك منه وكأنه يقول لنا إن البطولة كامنه في محبة الناس من حولك وليس في إزاحتهم .. في قتلهم . ولذلك سنجد جل دواوينه مؤكدة على الإخلاص لفكرة السلام الاجتماعي /السلام الانساني ، سلام مجلل ومعظم بكرامة المواطنة، ومتوج بقدسية الشعر الذي يفشي ويهدي سر فكرة المواطنة القائمة على المحبة والمساوة بين الخلائق، وهي المفردات والمعاني التي كرس المقالح العزيز الموقف، جل شعره وسلوكه اليومي، وطيلة ست عقود على بناء مداميك عمارة السلام، ونقض ما يعارض الحق الانساني في المساواة، تحت اي حق اخر قد يدعيه أو يروج له البعض من الباطن، ولذلك بقي ابدا مستعصما بخيار ابجديته الشعرية الانسانية في السلام، حيث السلام فكرة وقضية محورية في عقل ووجدان وشعر المقالح، تسقط معه كل موميات سلام القبور.

إن جدل المكاشفة مع الذات / الروح ، حاضر في معظم نصوص المقالح الشعرية . ورغم ما يقال عن النزوع الصوفي الانسحابي أو الهروبي ومناخ الابتهالات والوجد الداخلي ، إلاَّ أن البنية العامة لروح الممكنات الكائنة في ذاكرة الشعر وأبجدية الإنسان المقالحية تكشف عمق التصاقه بالحياة وبالإنسان ، الالتصاق الخلاق عبر بناء صيغ شعرية لممكنات الواقع البديل ، بل والواقع المستحيل، بما يجلى عمق انتصار الذات ، وسر البطولة في القول الشعري وفي الرؤية للموت التي تسف أسطورة الموت التقليدية عارية وشاحبة على جدار سطح وعينا القلق ، والمطلق ، بعد إنزاله من عالم المقدس والديني والأسطوري إلى عالم الحلم الشعري والروية ، سيراً مع قول النفري “كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة” .

العودة للروح -أحياناً-بقدر ما تشير إلى حالة انكسار عامة وشرخ عميق في هيولا نفس الشاعر -المقالح – إلاَّ أنها تنطوي على تحد عميق لأسباب وشروط ذلك الانهيار والسقوط الأخلاقي مجسداً في كراهته الظلم واحتقاره التكبر والميل العظيم للتواصل مع الكائنات الإنسانية البسيطة ، خاصة مع فقراء الأرض ، وهو ما يقوله سلوكه الاعتيادي اليومي ، والأهم مقاومته تداعيات السقوط في صورة التحدي لبعض خفايا وإشكالات النفس والحياة .. الذي أجده وأراه في العديد من قصائده الأخيرة ، ومنها قصيدة “أعلنت اليأس” ، التي فيها إعلان أن التعب وصل ذروته الموحشة ، فيه تحد / للموت كحقيقة قاهرة / مطلقة ، وفيه مقابلة مع باطل الموت/القهر السياسي، بقدر ما فيه تحد لتعب العمر المستمر الذي يلاحق خطى الشاعر النبيل محاولاً كسره أو النيل منه دون جدوى، ومنها ارق الشيخوخة.

ومن هذا السير الواعي والصامت صوب الموت وإلى ذرى سقف العمر وفي اتجاهه والتوحد به ، تأتي الانتصارات العظيمة دوماً في تاريخ البشر الكامنة في قوة الروح الموازنة والموازية لحقيقة غياب إرادة الفعل ، حين تهزم إرادة القول / الروح، حالة تشاؤم الواقع وانحطاطه ، ولو في الشعر ، هزيمة المحسوس ، والمعيشي بالكتابة -حسب تعبير د/ يمنى العيد- ، وهو أجمل صور اغاني الفرح ، وهي الإرادة التي فقدناها كأمة عربية وأنظمة سياسية حاكمة كما هو حاصل اليوم ، وفي هذا الاتجاه لم يتوقف توقه الأبدي للانتصار على الحقائق الآنية الزائفة والزائلة بما فيها التسامي على الأشياء الصغيرة (المال / السلطة) ، بوابة الحرب والقتل .
-1-
يا أبناءَ الأرض
المنذورة للآلام
أقول لكم :

لستُ رسولاً
أو مبعوثاً من عرش الله
أنا إنسان مسكون بالحزن عليكم
وعلى نفسي
وأرى فيما ليس يرى النائم
طوفاناً يتململ في أقصى الدنيا
يوشك أن يتقدم نحو الأرض
ويغمرها بالدم
ويمحو ما صنع الله تعالى ،
ما أبدع من تكوينات فائقة المعنى
والمبنى .
-2-
أنا إنسان في العقد الثامن
لا أطمع في مالٍ
أو جاهٍ
يرعبني أن تصحو الشمس
غداً
فترى الأرض وقد أغرقها الطوفان

من قصيدة “مقتطفات من خطاب نوح قبل الطوفان”

ذلك هو في تقديري ما يساعده على تعرية صحيفة القتل المشرعة في وجوه الناس ، وعلى قهر قامة الموت الشاحبة ، بتوطين النفس والروح على تجاوز حالة الخوف الانساني من الموت ، ومن الزمن السياسي الكاسح ، والعمر الزائل في صورة الشيخوخة المرادفة لمرحلة ما قبل الموت ، وهي مع المقالح هنا تصنع ملحمة البطولة مرتين .

مرة ، بتجاوزه للمعنى الزمني للعمر ، والمعنى الفيزيقي للشيخوخة ، وإبقاء مفهوم الزمن في نطاقه المطلق ، فمن يتمنطق الشعر زوادة حياة لا يشيخ .

ومرة ثانية ، بتعديه منطق الدوران حول نص الموت ، والخوف ، بالتحرر من اغراءات السلطة / المال اللذين يناصبهما العداء .لذلك ، هو متحرر من إشكالات السلطة الزائلة ، ويقف في مواجهتها لأنه منذ بدايته التكوينية الأولى أعلن تحرره وتحلله من كل تلك المغريات المفسدة للروح ، وللشعر معا . وبهذا المعنى ، فإن أبجدية الأبداع / الخلق في توحدها بذاكرة الشعر والتحامها بأبجدية الإنسان ، هي نقلة نوعية إبداعية مستمرة في التجربة الشعرية المقالحية ، وهي كذلك نقلة حياتية لغوية/ تشكيلية متواصلة لا تنقطع في سياق لغوي تصويري جديد / ومتجدد أبداً من عمر الفن والإبداع في ذات الشاعر ، هي رحلة مرتبطة بمراحل انتقالات الشاعر / عبدالعزيز المقالح ، بل إنه تكاد تكون في كل حين من أحيان حياته الشعرية .

هناك مرحلة فاصلة بين نقطتين أو زمنين مع كل جديد نقرأه له ، حيث نرى ونقرأ الانفصال والاتصال ، القطع والوصل بمعنى الخلق والتخليق والابتكار .. وفي تقديري أن أعماله الشعرية الجديدة /الأخيرة هي تنويع شعري إبداعي في تأصيل وتمجيد أبجدية الكائن الفرد على طريق أبجدية إنسانية مفتوحة ومتحولة في شكل انزياحات لغوية وجمالية جديدة (سهلة ممتنعة )تطرح معنى الإحساس الجديد والكامل بهذه المرحلة أو الحالة التي بدأنا معها نشعر باكتمال أو استواء روح ذات الشاعر فيها أو من خلالها . وهي وإن كانت تمثل انتقالة نوعية ، إلاَّ أنها لاتترك برزخاً أو افتراقا أو قطيعة في مسارات بحر شعره وتجربته الإبداعية المتواصلة الدوائر والحلقات إلى سدرة منتهى الشعر، لا فرق عنده بين عمودي ، وتفعيلة ، ونثر ، لا يولي بالاً لاختلافات الشكل فكم من حديث ومعاصر ، هو إلى القديم أوشج والعكس صحيح .

ما يؤرقه هو حضور الإنسان وإشكالاته الحياتية في الشعر :

نادِ المنايا وقل للريح يا ريحٌ
الناس في الحرب قتلى أو مجاريحٌ
يسارعون إليها دونما هدف
كأنهم حطبٌ للنار مطروح
أجسادهم فوق صدر الأرض عاريةٌ
فإن تجد كفناً فالأثل والشيح
إلى متى يتخلى الشعب عن دمهِ
وليس يسعفه عيسى ولا نوح
لا العتبُ يوقظه لا السوطُ يلهبه
ولا يحركه هجوٌ وتجريح
تجّمدت كلماتُ الله في فمهِ
وغامَ في صدرهِ ذِكرٌ وتسبيح
مساجدُ الله في الأسحار صامتةٌ
تجمّدت في المحاريب التراويح
القلب منفطرٌ حزناً ومنكسرٌ
والعين دامعةٌ والروح مجروح .

وهنا ندرك مدى شغفه وتوقه إلى مدارج طفولة إنسانية جديدة مرتجاة بعيدة عن الحرب، وريح القتل ، والحزن الكاسح ، والخوف ، والموت ، وجميعها إشكالات مشتعلة في زوايا الروح ، وتغلف الصورة الشعرية المقالحية التي تكاملت أبعادها ودلالاتها الحياتية والانسانية في جل أعماله الشعرية القديمة / الأخيرة ، حين يصبح الموت محملا دلالات متعددة : الفرح ، ومعنى الخلاص والتسامح ، والسلم الاجتماعي، والبعث ، التي تقود حميعها الى سلامة الروح.

عبدالعزيز المقالح : إنسان حالم ومتشظ ممزق أو موزع على زخارف أصل الروح الذي يحاول التسلق عبر عقدها أو سلسلة حلقاتها إلى تصاعدات سماء الله ، الذي ينقلنا للتحرر من ادران الجسدي ، موصلاً إيانا إلى حد البطولة ، وإلى الحياة في عالم خال من الرغبة في هاجسها الحيواني ، الشهوة ، وجنون السلطة /المال .. وبعيداً عن سحق الهوية الإنسانية على الأرض للهجوع بالقرب من “نخلة الله” ، وهو أحد عناوين قصائده …أهو حلم أو هو شكل من أشكال الخلاص من عذاب الجسدي والأرضي المؤرق الذي يغتال الحب والفرح.. ؟؟.

ومن هذه النقطة / اللحظة على وجه التحديد تنطلق تناقضات جدل الحياة ، والموت في شكل انتصار الروح ، في صورة تقدم عالم المثل والقيم والهيولا الانسانية المرتجاة ، أو أبجدية الإنسان في صيرورته المأمولة.

نصوصه محاولة لتحويل الإنسان إلى نص شعري ، إلى كائن بديل للكائن الواقعي المادي الذي لا تتوفر فيه وفينا شروط تغييره ، في تتويج لصيرورة تجربة حياتية وشعرية تدرك معها هيبة ميتافيزيقا الإحساس بالكلمة وجلال سلطان المعنى ، الذي يغلف روح الصورة الشعرية في جل أعماله الشعرية التي تجد طريقها إلى النشر هذه الأيام .

في مرثيته لمالك بن الريب، يقول شعرا: قضى الرب أن نتعذب بالشعر
نبتل في جمره
ونموت لنحيا،
قضى الرب أن لانموت
وأن نسكن الكلمات
وتسكننا الكلمات
تضللنا كلما احترق الماء
وانطفأت في الليالي نجوم الظهيرة،

الاعمال الكاملة جزء (2) من ديوان اوراق الجسد العائد من الموت) ص413.

هو اختصار مكثف واختزال عميق لمعنى جدل الكلمة/الواقع، جدل الشعر ، والحياة.

له ملاحظات إبداعية نقدية “مغايرة” للسائد القولي ، والسائد السياسي ، دون التصادم مع جوهر مفرداتهما ودلالاتهما الحامضة ، وأجمل التفاتات الشاعر نحو الواقعي أو السياسي هو حين يرى أن المشكلة ليست بينه وبين السياسي العابر،أو الواقع المأزوم والمهزوم والزائل، بل المشكلة هي بين الواقع واللغة ، بين الواقعي وبين الجمالي اللغوي ، حين تكف أو تعجز اللغة تحت وعي، ووقع سلطة الاستبداد والقهر عن القيام بدورها ، أو حين تعجز اللغة عن الاقتراب من الواقع، فيلجأ الشاعر إلى ابتكار سياق جديد للغة ، وهي في الجوهر اختصار لمعادلة القوة والعقل / أو السلطة / والفكر ، أي مقاومة العفن السائد بالحيلة اللغوية والمخيال الشعري ، وهو شكل من أشكال المقاومة قريب من الصمت حين يكون أبلغ تعبير عن المقاومة بالشعر ، وأصدق من كل كلام قد يزيف الأصل /والواقع .

آخر الهواجس أو الملاحظات التي تثيرها أعماله / نصوصه الشعرية أو الكتابية بما فيها الكتابة الصحافية ، هي فكرة الاغتراب بمعناها الفلسفي الشامل وليس بمعنى الغربة أو الهجرة ، وهي فكرة أصيلة في شعر المقالح وعقله ،خاصة مع حالة الطرد المستمرة للإنسان من المكان / الوطن.. وحين نجد ذواتنا الوجودية الانسانية محاصرة بواقع اغرب من الخيال،وكتابة تحاول قسرا اقتحام التاريخ بما يضاده، وتسويد خارطة الجغرافيا بما يفككها.

كتابة :
تزدري التاريخ
وتهزاء بالكتابة.

انظر قصيدة (اعلنت اليأس).

وهي ، كما المحنا ، ليست غربة أو اغتراباً عن الواقع ، بل هي في صورها الشعرية العديدة اختزال مكثف له من خلال رفع الشعر لمصاف تأصيل أبجدية الإنسان ، فيه الحكمة، كما فيه رفع الشعر إلى مستوى الضرورة الحياتية للتغيير ، فيه فيض في الرؤية ، وجسارة في المعنى ، جسارة واضحة في اعلان الاحتماء بذاكرة الشعر لتأصيل أبجدية الإنسان، فيه الخبرة الإنسانية الجمالية التي تجمع بين الذائقة التراثية ، والوعي الجمالي الابداعي بالتاريخ ، في ذاكرة شعرية أصيلة تتواصل مع جذورها وتتحد بمخيلة الحداثة والتجديد كرؤية ، ورؤيا ، حيث الشعر هو فسحة الأمل الوحيد اليوم التي يعيش الشاعر المقالح بين ظهرانيها حالماً ومتآخيا مع فخامة روح الكلمة ، وعظمة الإنسان.

ان لم يكن -ما يقوله- شعرا في تمجيد الانسان في صيرورته المفتوحة، فهو لن يكون شعرا، ولاحداثة، الشعر اي كان اسمه ولونه ورائحته (قديم/معاصر)،
عليه أن يقول ما لم يقل ، أو كما قال أدونيس ، “الشعر الحديث هو فن تمكين اللغة أن تقول مالم تعلم أن تقوله من خلال صياغات شعرية ولغوية جديدة” . وهذا ما حاوله وكانه الشاعر المبدع الأستاذ والصديق الجميل عبدالعزيز المقالح في جميع أعمال الشعرية وحتى الكتابية المختلفة .

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *