تفاصيل مهملة

عبود الجابري

 

أكتب على عجلٍ
كي لايفوتني الباص الأخير
في المحطّة البعيدة
، الأيديولوجيا
تسقط من جيوبي
وأنا ألهث راكضاً
غير مكترثٍ لتعاريفها
تلك الّتي حفظتها عن ظهرِ فقر
ولازلت أتغنّى بها
فتخذلني
حين أروم الوصول الى البيت
، قلبي يخفق
كلّما هدأ رنينُ القطع النقدية
فأتوقّف قليلاً
وأتحسّس معدنها بحنوٍّ
كمن يقرص رضيعا
ليطمئن على حياته حين يبكي

•••

وصلنا نهاية العالم
أنا سألقي بنفسي من شرفة هناك
لأختبر الحياة بعيدا عنكِ
وأنت تقيمين في غيابي
مأتما مضحكاً
يؤمّه أولئك الذين ينتظرون إشارة منك
ليكتبوا أسماءهم على بابك
وحده العشبُ
الذي يعرف أجسادنا سيحترق ويهتف :
تبّا لكم
ماهكذا يكتب التأريخ

•••

بلا موسيقى
تمشي هذه اللحظات
ترافقُها امرأة تبكي
ورجلٌ يلملمُ ماتناثرَ من جسدها
كانتْ به رغبةٌ عارمة أن يقول لها
حين يتململُ الجواب في فمِها :
إنَّ التسوّل صورةٌ حزينةٌ
عن جنازةِ الأسئلة
تماما كمنْ يمدُّ يده في جيبه
لكنَّها تفكّر طويلاً
في باطن الجيب
قبل أن تردَّ لهفة متسوّل جائع

•••

تساورني رغبةٌ أن أنام في كتاب
،صامتاً مثل حرفٍ مهملٍ
أو فاصلة بين سطرين
تساورني هذه الرّغبة
كلّما استبدّ بي حنينٌ إلى العزلة
فأنا أعرف أنّ الناس
قلّما يعودون إلى الصّفحات
،تلك التي يفرغون من قراءتها،
والصفحة التي تضم ّجسدي
ستكون ثقيلة
ربّما حجبتْ سطوراً
يهملها قاريءٌ عجول
بذريعة أنّها لن تخلّ بالمعنى
وربّما انتبهتْ دودةٌ جائعة
إلى رائحتي هناك
وأولمت لأخواتها
ممّا يروقُ لها من أعضائي
تساورني رغبة
أن تجرحني ورقةٌ
كي أنزف دمي بين السّطور
، ليقرأني الذباب
و البكتريا الهوائية
دمي الّذي سيشربهُ التراب
،يصيرُ حروفاً يابسة
وجسدي سيغدو أصفر
ثميناً ونادراً
كمخطوطٍ قديم.

 

15 نيسان 2020

*شاعر من العراق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى