الرئيسية / شعر حر / أَتَسَلَّى بِدَائرَةِ اللاَّمُبَالاة

أَتَسَلَّى بِدَائرَةِ اللاَّمُبَالاة

محمَّد المهدِّي

هَذِهِ قَامَتِيْ فِيْ النَّجَاةِ مِن الغَايَةِ الخَطِرَةْ
جَمَلٌ تَخْرُجُ البِئرُ مِنْ عَيْنِهِ كَصَلاةِ المُسَافِرِ
مَنْ يُقْنِعُ الشُّعَرَاءَ البَعِيْدِيْنَ عَنْ فِكْرَةِ الشَّجَرَةْ
أَنَّ عَائلَةَ الرُّوْحِ ألوَاحُ رَمْلٍ يَتِيْمٍ وَألوَاحُ رِيْحْ
مُسَافِرَةٌ كَالصَّدَى فِيْ الفَضَاءِ الفَسِيْحْ
وَأَنَّ الَّذِيْ تَخْرُجُ البِئرُ مِنْ عَيْنِهِ
جَمَلٌ مُنْذُ خَمْسَةِ آلآفِ عَامٍ
يُدَافِعُ عَنْ قَلْبِهِ بِمَوَاجِعِهِ؛
كَيْ يَدُلُّ الصَّحَارَى عَلَى
غَيْمَةٍ تَقْتَفِيْ أَثَرَهْ..

لَمْ تَكُنْ أَبَدًا، لَمْ تَكُنْ نُقْطَةُ البَدْءِ
وَاقِفَةً كَالنَّهَارِ عَلَى عُشْبَةٍ ضَامِئةْ
لأُطِيْلَ التَّأمُّلَ فِيْ الرِّحْلَةِ الطَّارِئةْ
أَوْ أُغَالِطَ نَفْسِيَّةَ اللَّيْلِ بِالبَرْقِ وَالبَشَرِيَّةَ بِالمَجْدِ
بَوْصَلَةُ الانْفِجَارِ الكَبِيْرِ تُشِيْرُ إِلَى جَبْهَةِ الخُلْدِ
وَالفَجْرُ سَبَّابَةُ الأَرْضِ وَالفَجْرُ سَبَّابَةُ الأَرْضِ
أَيْنَ الطَّرِيْقُ إِلَى هَدْأَةٍ لِلمَدَى غَيْرِ مُنْفَجِرَةْ
وَجِهَاتُ القُرَى وَالمَدَائنِ تَكْتَظُّ بِالفَجَرَةْ!!.

أَسْتَطِيْعُ التَّخَلُّصَ مِنْ مَوْعُدٍ لا يَطِيْرُ
وَمِنْ عِبْءِ أَزْمِنَةٍ رَثَّةٍ حَمَّلَتْنِيْ الثَّقِيْلْ
كَمَا أَسْتَطِيْعُ المُؤاخَاةَ بَيْنَ الصُّعُوْدِ إِلَى
قِمَّةِ اليَأسِ، وَالقَفْزِ فِيْ هُوَّةِ المُسْتَحِيْلْ
اسْتَطَعْتُ، وَلَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أُحَاوِلَ ثَانِيَةً،
خَذَلَتْنِيْ ذِرَاعُ الضُّحَى، خَذَلَتْ هَيْكَلِيْ
حِيْنَ لَوَّحْتُ للانْتِظَارِ بِسِرْبِ الغِيَابِ..
يَدِيْ قَبْضَةُ المُنْتَهَى، بِيَدِيْ أَنْتَهِيْ،
وَعَلَى اللَّحْظَةِ الآنَ لَسْتُ حَزِيْنًا،
وَلَسْتُ حَزِيْنًا؛ لأُنْكِرَ أَدْخِنَتِيْ
أَوْ أَهُشَّ عَلَى بَرْزَخٍ بِالمَرَايَا،
وُجُوْدِيَ لا يَشْتَهِيْ سَفَرَهْ
سَأُقْنِعُ إِطْلالَتِيْ مَرَّتَيْنِ:
عَصَا الوَقْتِ مُنْكَسِرَةْ
عَصَا الوَقْتِ مُنْكَسِرَةْ..

تَوَقَّعْتُ قَبْلَ حلُوْلِ الظَّلامِ التُّرَابِيِّ غَيْبُوْبَةً نَكِرَةْ
وَمَعْرَكَتَيْنِ عَلَى قَدْرِ مُسْتَقْبَلٍ كَذَّبَتْ نَفْسُهُ قَدَرَهْ
مَعْرَكَةً بَيْنَ أَعْمَاقِنَا، مِنْ جِبَالِ التَّهَاوِيْلِ مُنْحَدِرَةْ
وَبَيْنَ التَّرَاجِيْدِيَا وَعُرَاةِ الأَسَاطِيْرِ، مَعْرَكَةً قَذِرَةْ
لا أَظُنُّ العَوَاطِفَ ذَاتَ الجِيَاعِ/ ضَمِيْرَ السَّنَابِلْ
سَتَغْفِرُ ذَنْبَ الجَرَادِ وذنب النَّشِيْدَ المُقَاتِلْ،
وَلا خِفَّةَ العَبْقَرِيِّ الأَسِيْفِ سَتَأخُذُ
مِنْ جَسَدِ الحَيَوَاتِ بِثَأرِ المَسَائلْ
كَيْفَ أَغُضُّ عَن الهَوْلِ طَرْفِيْ
وَقَبْلَ حلُوْلِ الظَّلامِ التُّرَابِيِّ
كُنْتُ أُشَرِّدُنِيْ، وَأَخُوْنُ البَلَدْ
وَ بَعْدَ حلُوْلِ الظَّلامِ التُّرَابِيِّ
ألْقَيْتُ تَارِيْخَهُ فِيْ جَحِيْمِ الأَبَدْ
وَعَلَى مَهْرَجَانِ بِلادٍ يُؤلِّهُ مُعْتَقَدَهْ
تَمَرَّدْتُ.. فُقْتُ الشَّيَاطِيْنَ وَالمَرَدَةْ
وَكُنْتُ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّنِيْ سَوْفَ أَكْتُبُ:
بِالعَدَمِيِّ تَعَثَّرَ ظِلِّيْ؛ فَهَاتُوْا حِصَانِيْ،
حُقُوْلُ الطُّقُوْسِ الغَرِيْبَةِ مَرْعَى الأَمَانِيْ،
وَهَذَا الزَّمَانُ المُحَارِبُ -بِالفِعْلِ- لَيْسَ زَمَانِيْ
وَقَدْ كَانَ لِيْ أَنْ أَعِيْشَ حَيَاةً طَبِيْعِيَّةَ الوَهْمِ
كَالآخَرِيْنَ: أُخَاصِم أَكْذِب أَطْمَع أَنْهَب أَعْبَث
أَزْنِيْ أُقَامِر آكُل مِنْ عَرَقِ المَيِّتِيْنَ أَضجّ أُعَادِيْ
أَخُوْض دُرُوْبَ الغوَايَةِ حَتَّى أَمِلَّ وَأَكْرَهَ نَفْسِيْ
وَأَلْعَنَ مُسْتَقْبَلِيْ مَرَّتَيْنِ وَأَلْعَنَ يَوْمِيْ وَأَمْسِيْ
وَلَكِنَّ هَذَا وَذَلِكَ لَيْسَ يَلِيْقُ بِقَلْبِ غَرَيْبٍ
يُفَكِرُّ بِالانْتِحَارِ؛ لأَنَّ أَمَانِيْهِ مُنْتَحِرَهْ..

أَتَسَلَّى بِدَائرَةِ اللاَّمُبَالاةِ
أَنْسَى دَمَ الشَّارِعِ العَامِ،
صَمْتِيْ يُخِيْفُ المَكَانَ،
وَذَاكِرَتِيْ غُرْبَةٌ حَذِرَةْ.
وَتِلْكَ مُغَامَرَتِيْ بِالحَنِيْنِ:
إِلَى فُسْحَةٍ فِيْ الكَوَابِيْسِ
أَهْربُ مِنْ وَاقِعٍ يَتَحَجَّرُ سُوْءًا
إِلَى وَاقِعٍ تَتَقَلَّبُ فِيْ جَوْفِ عَالَمِهِ حَجَرُ الوَاقِعَةْ
وَتِلْكَ مُغَامَرَتِيْ فِيْ التَّخَلُّصِ مِنْ دَمْعَةٍ شَاسِعَةْ
أَفْتَحُ البَابَ؛ يُغْلِقُنِيْ البَابُ بِالجِهَةِ الضَّائعَةْ
وَأَنْتَزِعُ الفَأْسَ مِنْ شُرْفَةٍ تَتَسَاقَطُ
تَأخُذُنِيْ الشُّرْفَةُ النَّازِعَةْ
وَمُغَامَرَتِيْ تُضْحِكُ الاحْتِضَارَ،
كَمِ الضِّحْكَةُ اسْتَحْضَرَتْ صُوَرَهْ!
وَكَمْ أَتَسَلَّى بِدَائرَةِ اللاَّمُبَالاةِ حَالاً!
تَأخَّرْتَ يَا شَاهِدَ الحَالِ عَنْ حَالَةِ البُعْدِ،
كُلُّ نَهَارٍ يُضَيِّعُ أَبْعَادَ تَفْعِيْلَتِيْ، فَاقِدٌ بَصَرَهْ
وَكُلُّ مُغَامَرَةٍ لا تُبَادِلُنِيْ دَهْشَةَ المَهْدِ مُحْتَضِرَهْ..

يَا حَيَاتِيْ وَمَوْتِيَ، مَعْذِرَةً، فَالحَقِيْقَةُ مُعْتَذِرَةْ
أَحْرَمَتْنِيْ البَصِيْرَةُ مِنْ مَهْرَجَانِ الضَّلالِ،
انْتَصَرْتُ عَلَى غُرْبَتِيْ بِالبُكَاءِ اللَّذِيْذِ،
وَأَحْرَقْتُ غَابَةَ خَوْفِيْ وَجَنَّةَ أَمْنِيْ،
إِذَنْ.. لا خَسِرْتُ.. إِذَنْ.. لا رَبِحْتُ
أَنَا أَوَّلُ المُؤمِنِيْنَ بِحُبِّ الحَيَاةِ
بِحُبِّ الحَيَاةِ أَنَا أَوَّلُ الكَفَرَةْ.

اضف رد

لن يتم نشر البريد الإلكتروني . الحقول المطلوبة مشار لها بـ *

*

x

‎قد يُعجبك أيضاً

هاتف

نجيب الورافي هل أهاتفه اليوم؟ – لا بل غدا وغدا لا مجال ...