محمد ناصر السعيدي
الطلحُ قافيةُ الهوى
و القحطُ أغنيةُ البقاء.
بشرٌ بلونِ الملحِ ..
أفنوا كلَّ ما ادّخروهُ من أحلامِهم بينَ الجبالِ ..
و في مطاردةِ الضّباعِ ..
معذّبينَ ..
مهمّشينَ ..
شقيَّةٌ أقدارُهم
لا يعرفونَ البحرَ
لا يثقونَ بالشّعرِ المقفّى غير ما حفظوهُ في ذمِّ الهوى و الدودحيةِ..
أو تردّدُهُ أغاني الغانيات
ماذا سيخترعُ ( الرّعيّةُ ) من لحونٍ للكفاحِ..
و من فنون ٍغير فنِّ الكدِّ و العرقِ المضمّخِ بالتراب ؟
ماذا جنى ( الرعويُّ) حتى يقضيَ الأعوامَ تحتَ الشمسِ ينحتُ من جلاميدِ الصخورِ رغيفَهُ..
و يعيشَ محروماً من المدنِ المضيئةِ بالمحبة ِ و السلام !
الحولُ و المحراثُ و الشمسُ الحرونُ و قريةٌ منسيَّةٌ في هامشِ الهذيانِ ظمأى لا تنام .
الفأسُ و الحطَّابُ و الجدبُ العقيم .
تستيقظُ الطرقاتُ قبلَ الفجرِ حيثُ ( المحطباتُ) يفقنَ من أحلامهنَّ كحصّةٍ أولى من البرنامجِ اليوميّ..
يحملنَ المناجلَ باتّجاهِ ( الحَيدِ ) شرقيّ الحنين .
( يا حيُّ
يا قيّومُ )
يهمسُ طاعنٌ في السنِّ يرفعُ رأسَهُ متأملاً في الغيمِ ..
يتبعُ غيمة ً..
( يا قاضيَ الحاجاتِ )
( يا كهفَ النجاةِ)
و ( يا دليلَ الحائرين) .
يتزاحمُ الرّعيانُ بابَ ( الحودِ ) خوفاً من جنونِ السّيلِ ..
من غدرِ ( الضّياح ) .
ينحلُّ وعدُ ( الأضوياءِ) من الشبابِ صباحَ هذا اليومِ ..
فالشيخُ المريضُ بحاجةٍ للعونِ في ترميمِ أضرارِ السيول.
رجلٌ يفتّشُ بين أكوامِ الحصى عن ( وزلِ) معولِهِ فيلمزُهُ ( النقيب ) .
رجلانِ يختلفانِ حولَ ( المشربِ) المفضي إلى حقليهما..
يتحاكمانِ إلى ( العوائدِ) و العدالِ و ما يقرّرُهُ الكبار .
تتحدّثُ الجدّاتُ عن تعبِ الطفولةِ..
عن عيونِ الماءِ..
عن زمنِ المطاحنِ..
ينهمرنَ بسردِ أسرارِ الكفاحِ و نكبةِ الطاعونِ في سنةِ المجاعةِ و الجراد .
كان َ الرّجالُ يقاومونَ الموتَ..
يختلقونَ ألفَ طريقةٍ للكدِّ و العيشِ الكريم .