فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

نصوص

أغنيات النهر

هاني ملحم

لي في بُحةِ صوتكِ
أغنياتُ النهرِ وإصغاءِ القوارب
وهمس الظهيرة للحقول
ولكِ في صمتي
شجن الماء وهديل الغروب
وموتٌ ذكيٌ
يهدي الريحَ لعصفورٍ كسير..
ولي في لونِ عينيكِ
بلادٌ تمحو من جواز سفري
أسماءَ المنافي والسجون
وأرجوحةٌ يلجأ إليها حزني
ليغفو بعد وجعٍ طويل
ولكِ في ذهولي بكحلكِ
رغبةُ الليلِ باعتزال الهدوء
كي لاتسقطَ الآهُ
في بئرِ قلبيَ المهجور…

لي في شعرك
حصتي من ثروات البلاد
ذهب ونفط وقمح وحجر كريم
وغيرة من الهواء
حين يشاكس تلك الظفيرة
ولك في شعري
ليل أشيب الأضلاع والجفون
وبقايا حكمة عن صحراء مراهقة
تجعلني أقطف شعرة سوداء
وأخرى أكبر منها بقمرين
لأضعها في قلمي حين أكتبك…

لي في شفتيكِ
سيرةُ ماءٍ يجعلني حيّاً
ويخلقُ من طين أيامي
قلباً كرزيّ الدماء لاشأنَ لهُ
بعدد النبضاتِ وسرعةِ الخفقان
ولكِ في شفتي
عاصفةٌ تحصدُ كلّ مواسمِ الضوء
ويثملها عسلٌ تدلّى من الرضاب
وقصيدة تحاول بكل انتماءها
أن تظلّ على قيد الوطن…

لي في تحالفِ النخيلِ مع أصابعكِ
قدرةُ اللحنِ
على العزفِ في خاصرةِ السماء
وارتقاءُ أغنيةٍ سلالمَ أظافركِ
ليكتملَ الطربُ باللقاء
ولكِ في انحناءِ أصابعي
حقُ الأرضِ في الدفاع عن الجذور
وابتهالُ موجةٍ للبحر
كي لايلومها الشاطئ على الجفاء..

لي في شامة الخد
دليل أن هذا الشعر
هو الأعمى الذي أبصر
وأن جميع الحيتان
تغرق في نقطة عنبر تسمى مجازا
بحرا أسود يطفو فوق الشفتين
ولك في ندبة بين حاجبي
أثر القصيدة على الرمال
حين تعالج بقليل من الأغنيات
جفاف الأرض العاطفي
وتلبس خصر الصبار
طوقا من الموسيقى والورد.

لي في انتظارِ قهوتكِ
لونُ الفكرةِ الأسمر
ورائحةُ قصيدةٍ شقراء
ومذاقٌ تصنعُ سرّهُ يدٌ
تتقنُ وضع وردةٍ في عروة القصيدة
ولكِ في كأسٍ الشاي الرابع
حوارٌ بين صفصافتين وفرات
لإثباتِ أنّ النهرَ هو النهرُ
ولايحتاجُ دمَ غزالةٍ ليوقفَ الفيضان.

لي في مراقبة ظهوركِ
انتظارُ الأرض لعناق الربيع
وريحٌ تعيدُ لطفلٍ دميته البعيدة
دون خريفٍ يدل عليها
ودعاءُ غريقٍ
أن يصير جسده شاطئاً من ياسمين
ولكِ في مراقبة ذبولي
كربلاءٌ يتيمةُ الذاكرة
وقلبٌ تغريه نظرات السيوف
وفمٌ يلهو باغتيال القصيدة
ويغني لها أهزوجةَ الحرب الخضراء.

لي في حضوركِ
صلةُ رحمٍ بكل فراشةٍ
أعانتني على الطيران
وعلمتني أسماءَ الزهور
وقادتني بمهارةٍ إلى حزنٍ
يثقبني بريش الحمام
ويعصرُ قلبي
كبرتقالةٍ أفسد لونها الغروب
ولكِ في غيابي
خوفُ اللغة من حوارٍ خاسرٍ مع الغياب
وإشاعةٌ عن اعتناق البلابل ديانةَ القضبان
وحنينُ المدنِ لصوت النازحين
لي عليكِ حقُّ اللجوء
ولكِ عليً واجبُ الانتماء…

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *