فضاءات الدهشة

يهتم بالكتابة المدهشة..رئيس التحرير أحمد الفلاحي

قصة وسرد

لا تندهشي يا لمار!

مسيرة سنان

 

لا تندهشي يالمار! فثمة وجعٌ اخترق ثقوب بيتنا وتخلل مسامات هدوئنا..

هل ترين جيداً جدار هذه الغرفة ، إنها مسكونة بحنيننا..

تأملي جيداً طلائها الأصفر الذي يختنق بمروره باتجاه السقف ؛ ذلك السقف الذي تختبئ بين أخشابه التسع جارتنا العنكبوتة وصديقاتها..

هل تسمعين جيداً مواء القطط الضالة إنها تبحث عن طعام خارج حدود الجوع..

الرصيف يا لمار يتغذى من روائح بولها وهي لاتدرك أنه غدى بذلك الجشع لدرجة جعلته يتلذذ بفضلاتها..

أمسكي بصوتك يا لمار لا تبكي أرجوك ..

فجدك لم يزل معتكفاً منذ أسبوع مر في محرابة الضيق الذي امتلئ بأحلام جيرانه المذعورة والذين أتو بها إليه كي يحميها لهم من الضياع..

محراب جدي الذي كلما ضاق اتسع قلبه وزاد إيمانه..

هل تذكرين عندما كنا ذات مساء نشرب القهوة عند جارتنا الثرثارة رقية؟…

كنتِ لا تزالين صغيرة جداً.. حينها كانت رقية تختلس الوقت الذي تلعبين فيه بعيداً عني كي تقترب مني وتقبلني..

كانت قبلاتها باردة يالمار ..كنت أشعر حينها بأنني رجلٌ فقد رجولته ولم يعد يحسن سوى التحديق بصورة أمك وهي مسجونة داخل إطار لصورة قديمة…

كانت يومها القهوة تتقافز من فمي لتقع على بنطالي..

فكنتِ تضحكين.. تضحكين يالمار من ذلك. لمنظر ..

وتقولين لي:-لماذا يا بابا فعلتها على ملابسك؟

تقهقهين وأنتِ تدورين حول نفسك لدرجة أني نهضت من مكاني لأحتضن ذلك الفرح الذي تكاثر في عينيك خوفاً من أن أفقده مجدداً…

كانت المدينة يالمار ترتدي البرود بينما أنا أتعرى للصدمات..

 أوراق القات مفرودة أمامي وشرائط شعرك مركونة بجانب النافذة..

كانت عيناك تحدقان في ملامحي كلما اقتربت من ذاكرتي…

هل تسمعين صوتي الآن؟ لمار ..لمار..أفيقي..ِ

دعينا نذهب هذه المرة إلى مدينة الالعاب.. لن أمانع صدقيني..

لن أنعتك مرة ثانية بطفلتي القزمة ، لن آكل قطعة من حلواك.. لن أفعل…

هيا..أجيبيني.. جارنا أحمد يحتفل بذكرى زواجه آلا تريدين الذهاب..

أنا كذلك يالمار … غداً سأذهب وأبتاع باقة ورد وقرطين أحمرين وأحتفل مع والدتك بذكرى زواجنا العاشرة.. وأرش الكثير من العطر على قبرها وأنتظرك  حتى تفيقين وأعتذر…..

 

_________________

*من “مذكرات جندي” رواية على وشك الاكتمال للكاتبة

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *